القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، صار الكفار معه ثلاثة أقسامٍ:
قسمٌ صالحهم ووادعهم على ألا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوه وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم . وقسمٌ حاربوه ونصبوا له العداوة . وقسمٌ تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه بل انتظروا ما يئول إليه أمره وأمر أعدائه ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم ومنهم من دخل معه في الظاهر وهو مع عدوه في الباطن ليأمن الفريقين وهؤلاء هم المنافقون فعامل كل طائفةٍ من هذه الطوائف بما أمره به ربه تبارك وتعالى .
فصالح يهود المدينة ، وكتب بينهم وبينه كتاب أمنٍ وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة : بني قينقاع ، وبني النضير ، وبني قريظة ، فحاربته بنو قينقاع بعد ذلك بعد بدر ٍ ، وشرقوا بوقعة بدر ٍ ، فسارت إليهم جنود الله يقدمهم عبد الله ورسوله يوم السبت للنصف من شوالٍ على رأس عشرين شهرًا من مهاجره وكان حلفاء عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين وكانوا أشجع يهود المدينة ، وحامل لواء المسلمين يومئذٍ حمزة بن عبد المطلب ، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر ، وحاصرهم خمسة عشر ليلةً إلى هلال ذي القعدة وهم أول من حارب من اليهود ، وتحصنوا في حصونهم فحاصرهم أشد الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب الذي إذا أراد خذلان قومٍ وهزيمتهم أنزله عليهم وقذفه في قلوبهم فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم فأمر بهم فكتفوا ، وكلم عبد الله بن أبي فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وألح عليه فوهبهم له وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ، ولا يجاوروه بها ، فخرجوا إلى أذرعاتٍ من أرض الشام ، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم وكانوا صاغةً وتجارًا ، وكانوا نحو الستمائة مقاتلٍ وكانت دارهم في طرف المدينة ، وقبض منهم أموالهم فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث قسي ودرعين وثلاثة أسيافٍ وثلاثة رماحٍ وخمس غنائمهم وكان الذي تولى جمع الغنائم محمد بن مسلمة
حفظ