القراءة من قول المصنف: فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فأرسل يستعلم الأمر فوجدهم قد نقضوا العهد فكبر وقال أبشروا يا معشر المسلمين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، لم يكن إلا أن وضع سلاحه فجاءه جبريل فقال أوضعت السلاح والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها ؟ فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائرٌ أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب فسار جبريل في موكبه من الملائكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار وقال لأصحابه يومئذٍ لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة فبادروا إلى امتثال أمره ونهضوا من فورهم فأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا ، فصلوها بعد عشاء الآخرة وقال بعضهم لم يرد منا ذلك وإنما أراد سرعة الخروج فصلوها في الطريق فلم يعنف واحدةً من الطائفتين . واختلف الفقهاء أيهما كان أصوب ؟ فقالت طائفةٌ الذين أخروها هم المصيبون ولو كنا معهم لأخرناها كما أخروها ، ولما صليناها إلا في بني قريظة امتثالًا لأمره وتركًا للتأويل المخالف للظاهر . وقالت طائفةٌ أخرى : بل الذين صلوها في الطريق في وقتها حازوا قصب السبق وكانوا أسعد بالفضيلتين فإنهم بادروا إلى امتثال أمره في الخروج وبادروا إلى مرضاته في الصلاة في وقتها ، ثم بادروا إلى اللحاق بالقوم فحازوا فضيلة الجهاد وفضيلة الصلاة في وقتها ، وفهموا ما يراد منهم وكانوا أفقه من الآخرين ولا سيما تلك الصلاة فإنها كانت صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الصريح الذي لا مدفع له ولا مطعن فيه ومجيء السنة بالمحافظة عليها ، والمبادرة إليها ، والتبكير بها ، وأن من فاتته فقد وتر أهله وماله أو قد حبط عمله فالذي جاء فيها أمرٌ لم يجئ مثله في غيرها ، وأما المؤخرون لها ، فغايتهم أنهم معذورون بل مأجورون أجرًا واحدًا لتمسكهم بظاهر النص وقصدهم امتثال الأمر وأما أن يكونوا هم المصيبين في نفس الأمر ومن بادر إلى الصلاة وإلى الجهاد مخطئًا ، فحاشا وكلا ، والذين صلوا في الطريق جمعوا بين الأدلة وحصلوا الفضيلتين فلهم أجران والآخرون مأجورون أيضًا رضي الله عنهم . حفظ