القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكذلك صالح أهل خيبر لما ظهر عليهم على أن يجليهم منها ، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح . واشترط في عقد الصلح ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا ، فإن فعلوا ، فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا فيه مالٌ وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم حيي بن أخطب ، واسمه سعية ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير ؟ فقال أذهبته النفقات والحروب فقال " العهد قريبٌ والمال أكثر من ذلك وقد كان حيي قتل مع بني قريظة لما دخل معهم فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه إلى الزبير ليستقره فمسه بعذابٍ فقال " قد رأيت حييا يطوف في خربةٍ ها هنا ، فذهبوا فطافوا ، فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا ، وأراد أن يجليهم من خيبر ، فقالوا : دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ، فنحن أعلم بها منكم ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمانٌ يكفونهم مؤنتها ، فدفعها إليهم على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الشطر من كل شيءٍ يخرج منها من ثمرٍ أو زرعٍ ولهم الشطر وعلى أن يقرهم فيها ما شاء . ولم يعمهم بالقتل كما عم قريظة لاشتراك أولئك في نقض العهد وأما هؤلاء فالذين علموا بالمسك وغيبوه وشرطوا له إن ظهر فلا ذمة لهم ولا عهد فإنه قتلهم بشرطهم على أنفسهم ولم يتعد ذلك إلى سائر أهل خيبر ، فإنه معلومٌ قطعًا أن جميعهم لم يعلموا بمسك حيي وأنه مدفونٌ في خربةٍ فهذا نظير الذمي والمعاهد إذا نقض العهد ولم يمالئه عليه غيره فإن حكم النقض مختص به ثم في دفعه إليهم الأرض على النصف دليلٌ ظاهرٌ على جواز المساقاة والمزارعة وكون الشجر نخلًا لا أثر له ألبتة فحكم الشيء حكم نظيره فبلدٌ شجرهم الأعناب والتين وغيرهما من الثمار في الحاجة إلى ذلك حكمه حكم بلدٍ شجرهم النخل سواءٌ ولا فرق . وفي ذلك دليلٌ على أنه لا يشترط كون البذر من رب الأرض فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالحهم عن الشطر ولم يعطهم بذرًا ألبتة ولا كان يرسل إليهم ببذرٍ وهذا مقطوعٌ به من سيرته حتى قال بعض أهل العلم إنه لو قيل باشتراط كونه من العامل لكان أقوى من القول باشتراط كونه من رب الأرض لموافقته لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل خيبر . والصحيح أنه يجوز أن يكون من العامل وأن يكون من رب الأرض ولا يشترط أن يختص به أحدهما حفظ