القراءة من قول المصنف: والثاني : قول أبي حنيفة ، وأحمد رحمهما الله في الرواية الأخرى . وأصحاب القول الثاني : يقولون إنما لم يأخذها من مشركي العرب ؛ لأنها إنما نزل فرضها بعد أن أسلمت دارة العرب ، ولم يبق فيها مشركٌ فإنها نزلت بعد فتح مكة ، ودخول العرب في دين الله أفواجًا ، فلم يبق بأرض العرب مشركٌ ولهذا غزا بعد الفتح تبوك ، وكانوا نصارى ، ولو كان بأرض العرب مشركون لكانوا يلونه وكانوا أولى بالغزو من الأبعدين . ومن تأمل السير وأيام الإسلام علم أن الأمر كذلك فلم تؤخذ منهم الجزية لعدم من يؤخذ منه لا لأنهم ليسوا من أهلها ، قالوا : وقد أخذها من المجوس ، وليسوا بأهل كتابٍ ولا يصح أنه كان لهم كتابٌ ورفع وهو حديثٌ لا يثبت مثله ولا يصح سنده . ولا فرق بين عباد النار وعباد الأصنام بل أهل الأوثان أقرب حالًا من عباد النار وكان فيهم من التمسك بدين إبراهيم ما لم يكن في عباد النار بل عباد النار أعداء إبراهيم الخليل ، فإذا أخذت منهم الجزية فأخذها من عباد الأصنام أولى ، وعلى ذلك تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في " صحيح مسلمٍ " أنه قال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى خلالٍ ثلاثٍ فأيتهن أجابوك إليها ، فاقبل منهم وكف عنهم " . ثم أمره أن يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو يقاتلهم حفظ