شرح الإمام النووي وتعليق الشيخ عليه : ( كتاب الإيمان : باب بيان الايمان والاسلام والاحسان ووجوب الايمان باثبات قدر الله سبحانه وتعالى ): ( وبيان الدليل على التبرى ممن لا يؤمن بالقدر وإغلاظ القول فى حقه ) أهم ما يذكر فى الباب اختلاف العلماء فى الايمان والاسلام وعمومهما وخصوصهما وأن الايمان يزيد وينقص أم لا وأن الأعمال من الايمان أم لا وقد أكثر العلماء رحمهم الله تعالى من المتقدمين والمتأخرين القول فى كل ما ذكرناه وأنا أقتصر على نقل أطراف من متفرقات كلامهم يحصل منها مقصود ما ذكرته مع زيادات كثيرة قال الامام أبو سليمان أحمد بن محمد بن ابراهيم الخطابى البستى الفقيه الاديب الشافعى المحقق رحمه الله فى كتابه معالم السنن ما أكثر ما يغلط الناس فى هذه المسألة فأما الزهري فقال الاسلام الكلمة والايمان العمل واحتج بالآية يعنى قوله سبحانه وتعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان فى قلوبكم وذهب غيره إلى أن الاسلام والايمان شيء واحد واحتج بقوله تعالى فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين قال الخطابى وقد تكلم فى هذا الباب رجلان من كبراء أهل العلم وصار كل واحد منهما إلى قول من هذين ورد الآخر منهما على المتقدم وصنف عليه كتابا يبلغ عدد أوراقه المئين قال الخطابى والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام فى هذا ولا يطلق وذلك أن المسلم قد يكون مؤمنا فى بعض الاحوال ولا يكون مؤمنا فى بعضها والمؤمن مسلم فى جميع الاحوال فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا واذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القول فيها ولم يختلف شيء منها وأصل الايمان التصديق وأصل الاسلام الاستسلام والانقياد فقد يكون المرء مستسلما فى الظاهر غير منقاد فى الباطن وقد يكون صادقا فى الباطن غير منقاد فى الظاهر وقال الخطابى أيضا فى قول النبى صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة فى هذا الحديث بيان أن الايمان الشرعى اسم لمعنى ذى شعب وأجزاء له أدنى وأعلى والاسم يتعلق ببعضها كما يتعلق بكلها والحقيقة تقتضى جميع شعبه وتستوفى جملة أجزائه كالصلاة الشرعية لها شعب وأجزاء والاسم يتعلق ببعضها والحقيقة تقتضى جميع أجزائها وتستوفيها ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم الحياء شعبة من الايمان. حفظ