قراءة من شرح النووي وتعليق الشيخ عليه : ( قوله صلى الله عليه وسلم ( الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ) هذا من جوامع الكلم التى أوتيها صلى الله عليه وسلم لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام فى عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها الا أتى به فقال صلى الله عليه وسلم اعبد الله فى جميع أحوالك كعبادتك فى حال العيان فان التتميم المذكور فى حال العيان انما كان لعلم العبد باطلاع الله سبحانه وتعالى عليه فلا يقدم العبد على تقصير فى هذا الحال للاطلاع عليه وهذا المعنى موجود مع عدم رؤية العبد فينبغى أن يعمل بمقتضاه فمقصود الكلام الحث على الاخلاص فى العبادة ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى فى اتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك وقد ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم فكيف بمن لا يزال الله تعالى مطلعا عليه فى سره وعلانيته قال القاضي عياض رحمه الله وهذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الايمان وأعمال الجوارح وإخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال حتى أن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه قال وعلى هذا الحديث وأقسامه الثلاثة ألفنا كتابنا الذى سميناه بالمقاصد الحسان فيما يلزم الانسان اذ لا يشذ شيء من الواجبات والسنن والرغائب والمحظورات والمكروهات عن أقسامه الثلاثة والله أعلم حفظ