نصيحة من الشيخ للذين يتصدرون للفتوى و ليسوا من أهل العلم و لا من أهل الفتوى . حفظ
الشيخ : وأرى أيضا أن أذكر بأننا اليوم ابتلينا بنقيض ما كنا ابتلينا في القرون الماضية السابقة ، كنا ابتلينا في القرون السابقة بجمود العلماء فضلا عن طلاب العلم فضلا عن العامة ، ابتلينا بالجمود على التقليد المذهبي ومضى هذا الجمود على المسلمين قرون طويلة ، الآن في فيئة في صيحة مباركة في الرجوع إلى الكتاب والسنة ، وبلا شك فقد أتت أكلها وثمارها اليانعة ، ولكننا نشكو الآن نقيض ذلك الأمر الذي كنا نشكو عليه من قبل ، كنا نشكوا الجمود فأصبحنا الآن نشكوا من الانطلاق ، فأصبح كل من سمع كلمة في الكتاب والسنة وهو لا يفقه من الكتاب والسنة شيئا ، إنما بعض العبارات أو بعض الكلمات يسمعها من بعض الدعاة ، وقد تكون هي كلمات حق ، وقد يكون في بعضها خطأ ، فيظن أنه أصبح بذلك عالما يجوز له أن يقول : أنا أرى كذا ، وأنا رأيي كذا ، وأنا أرى هذا القول خطأ . ويتدخل في كل كبير وصغير ، وهو لا يحسن أن يقرأ حديثا ، ذلك الجمود وهذه لها أخطارها ، وإذا دار الأمر ـ هذا رأيي الشخصي ـ إذا دار الأمر بين اتباع مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة ، والجمود عليها ، وبين أن يصبح كل مسلم مدعيا العلم ، مدعيا الاجتهاد ، فلا شك أن البقاء على ما كان عليه الآباء والأجداد من اتباع المذهب ، وعدم الاعتداء بآراء الجهلة الذين ما درسوا العلم ، ذلك خير ، وهذا من باب : حنانيك بعض الشر أهون من بعض .
صحيح أن بعض الحكماء أو الأدباء من العراقيين قال كلمة جميلة جدا ، ولكن فيها استدراك أيضا جميل قال : " لأن أجتهد فأخطئ أحب إلي من أقلد فأصيب " قال : " إنما قلت أحب إلي لأن الخطأ ليس خيرا من الصواب ، أحب إلي وليس خيرا " لأن أجتهد فأصيب فأخطئ خير من أن أقلد فأصيب ، عفوا : أحب إلي من أن أقلد فأصيب ، قال : ولم أقل خير لأن الخطأ ليس خيرا من الصواب ، لذلك فعندما ننصح يجب أن ننصح إخواننا الذين يشتركون معنا في الدعوة وتبني الكتاب والسنة أن لا يغتروا بنفوسهم ، وأن لا يغتروا ببعض المعلومات التي أخذوها من غيرهم ، وليتها كانت بدراستهم الشخصية ، فإن هذا يفتح علينا بابا بالنسبة للآخرين لا قبل لنا برده ، لأن الآخرين يحتجون علينا بأنكم تسمحون لمن لا يعرف ، يقولوا عندنا في الشام : " الألف من البسطيلية " البسطيلية هي العصا الطويلة ، وبعض البلاد هناك يقولوا : " ما يعرف الخمسة من الطمسة " فهذا عيب بلا شك يؤخذ على الدعوة السلفية .
لكن والحمد لله الدعوة السلفية لا تقر مثل هذه الآراء الشخصية التي تنبع من ناس ليسوا من طلبة العلم ، ولو كانوا كذلك من طلبة العلم ولكنهم بعد ما نضجوا في العلم ، ولذلك فنحن نقترح على هؤلاء أن لا يعتدوا بآرائهم وأن يستعينوا بأهل العلم ، لأن القرآن الكريم كما تعلمون جعل المسلمين قسمين :
عالم ، وغير عالم ، وهكذا كان الأمر في كل العهود السابقة وبخاصة في القرن الأول ، القرن الأنور وهو قرن الرسول عليه السلام وعصره ، فقد كان الناس قسمين عالم وغير عالم ، وهذا ما عناه الله عز وجل بقوله : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
يقول ابن القيم وغيره بأن العلماء من الصحابة الذين كانوا يفتون يعني بالكاد أن يبلغ عددهم مئتي شخص ، مئتي عالم ، والألوف المؤلفة ما كانوا كما هو الشأن الملايين نقول اليوم وليس الألوف لكثرة المسلمين ما شاء الله اليوم على وجه الأرض ، ما كان هؤلاء الذين هم الألوف المؤلفة من الصحابة كل واحد يعطي رأي ، يبدي رأي وإنما كانوا يطبقون قوله تبارك وتعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وبناء على هذه الآية يجب أن ننشر هذه الحقيقة بين شبابنا السلفي ، ونعيشهم عليها بحيث تكون نصيب أعينهم دائما وأبدا ، أنت عالم ، عالم تجتهد تفهم الكتاب والسنة ، لست عالما إذا ليس واجبك أن تقول أنا أرى كذا ، وأنا اجتهدت فرأيت كذا ، سواء كان ذلك في تصحيح حديث ، وهو ليس من أهل الحديث ، أو كان في استنباط حكم وهو ليس من الفقهاء ، فعليه إذا أن يحقق هذه الآية : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
لأن هؤلاء الذين يتجرؤون على الإفتاء وهم ليسوا من أهل العلم والإفتاء ، مثلهم مثل ذلك الرجل الذي دعى عليه الرسول عليه السلام بأن يهلكه الله عز وجل لأنه أفتى بفتوى قضى بسببها على نفس بريئة مسلمة ، تعلمون هذا الحديث الذي رواه أبو داوود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية ، فلما قاتلوا الكفار وأمسوا وأصبح بهم الصباح ، قام أحدهم وقد احتلم ، وفي جسده جراحات كثيرة فسأل من حوله هل يجدون له رخصة في أن لا يغتسل ؟ قالوا : لابد لك من أن تغتسل ، فاغتسل فمات ، فلما بلغ خبره رسول الله صلى الله عليه وسلم دعى عليه فقال : ( قتلوه قاتلهم الله ، ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ) هذا الحديث يجب أن يكون ماثلا دائما وأبدا أمام أعين طلاب العلم حتى لا يتجرؤوا على الإفتاء فيصيبهم مثل ما أصاب ذلك الرجل الذي دعى عليه الرسول عليه السلام بأن يقاتله الله تبارك وتعالى .
والتجرئ على الإفتاء ، يبدوا مما سبق من الكلام يعود وباله على المفتي أولا ، وعلى المفتا به ثانيا ، وحينئذ إذا استقر هذا المعنى في طلاب العلم الذين لم يصلوا إلى معرفة الكتاب والسنة ، وتتبع أقوال الأئمة والمفاضلة والمراجحة بينها ، وإنما مجرد أن يقول : أنا أرى وأنا فهمت كذا ، هؤلاء ليريحوا أنفسهم من المصيبتين اللتين أشرت إليهما أولا : أن يقعوا هم في الخطأ ، وأن يوقعوا غيرهم في الخطأ ، وذلك بأن يسألوا أهل العلم ، ولا عليهم بعد ذلك أخطأ هذا الذي أفتاه أم أصاب ، لأنه إن أصاب فبها ونعمت ، وإن أخطأ فإنما إثمه على مفتيه ، فبدل أن يتحمل الإثم هو بنفسه لأنه أفتى بغير علم وورط الذي أفتاه بغير علم ، فليجعل الإثم على غيره إن أفتاه بغير علم ، وهذا لا يعني أن لا يتحرى شبابنا في سؤالهم لأهل العلم ، أن يميزوا بين عالم وعالم ، بين مدعي للعلم وعالم حقيقة ، وبين عالم بمذهب وجاهل بالكتاب والسنة ، هذه قضية أخرى ، فالمهم أن يسأل من يثق بعلمه ويثق بدينه ، فحينذاك لا يقع في المشكلة التي وقع فيها ذاك الذي أفتى الرجل بأنه لابد أن يغتسل ، ولجهله بالسنة لم يفته بجواز التيمم ، لأن الماء يضره وفعلا أضره ، وكان سبب وفاته ، هذه كلمة ولعلي أطلت فيها ، فأرجوا الله عز وجل أن يوفقنا للعمل بالعلم النافع ، وأن يعرفنا بذوات نفوسنا ، وأن لا يجعلنا من المغترين بها ، لأن الغرور مهلكة ما بعدها مهلكة .
السائل : جزاك الله خيرا .
صحيح أن بعض الحكماء أو الأدباء من العراقيين قال كلمة جميلة جدا ، ولكن فيها استدراك أيضا جميل قال : " لأن أجتهد فأخطئ أحب إلي من أقلد فأصيب " قال : " إنما قلت أحب إلي لأن الخطأ ليس خيرا من الصواب ، أحب إلي وليس خيرا " لأن أجتهد فأصيب فأخطئ خير من أن أقلد فأصيب ، عفوا : أحب إلي من أن أقلد فأصيب ، قال : ولم أقل خير لأن الخطأ ليس خيرا من الصواب ، لذلك فعندما ننصح يجب أن ننصح إخواننا الذين يشتركون معنا في الدعوة وتبني الكتاب والسنة أن لا يغتروا بنفوسهم ، وأن لا يغتروا ببعض المعلومات التي أخذوها من غيرهم ، وليتها كانت بدراستهم الشخصية ، فإن هذا يفتح علينا بابا بالنسبة للآخرين لا قبل لنا برده ، لأن الآخرين يحتجون علينا بأنكم تسمحون لمن لا يعرف ، يقولوا عندنا في الشام : " الألف من البسطيلية " البسطيلية هي العصا الطويلة ، وبعض البلاد هناك يقولوا : " ما يعرف الخمسة من الطمسة " فهذا عيب بلا شك يؤخذ على الدعوة السلفية .
لكن والحمد لله الدعوة السلفية لا تقر مثل هذه الآراء الشخصية التي تنبع من ناس ليسوا من طلبة العلم ، ولو كانوا كذلك من طلبة العلم ولكنهم بعد ما نضجوا في العلم ، ولذلك فنحن نقترح على هؤلاء أن لا يعتدوا بآرائهم وأن يستعينوا بأهل العلم ، لأن القرآن الكريم كما تعلمون جعل المسلمين قسمين :
عالم ، وغير عالم ، وهكذا كان الأمر في كل العهود السابقة وبخاصة في القرن الأول ، القرن الأنور وهو قرن الرسول عليه السلام وعصره ، فقد كان الناس قسمين عالم وغير عالم ، وهذا ما عناه الله عز وجل بقوله : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
يقول ابن القيم وغيره بأن العلماء من الصحابة الذين كانوا يفتون يعني بالكاد أن يبلغ عددهم مئتي شخص ، مئتي عالم ، والألوف المؤلفة ما كانوا كما هو الشأن الملايين نقول اليوم وليس الألوف لكثرة المسلمين ما شاء الله اليوم على وجه الأرض ، ما كان هؤلاء الذين هم الألوف المؤلفة من الصحابة كل واحد يعطي رأي ، يبدي رأي وإنما كانوا يطبقون قوله تبارك وتعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وبناء على هذه الآية يجب أن ننشر هذه الحقيقة بين شبابنا السلفي ، ونعيشهم عليها بحيث تكون نصيب أعينهم دائما وأبدا ، أنت عالم ، عالم تجتهد تفهم الكتاب والسنة ، لست عالما إذا ليس واجبك أن تقول أنا أرى كذا ، وأنا اجتهدت فرأيت كذا ، سواء كان ذلك في تصحيح حديث ، وهو ليس من أهل الحديث ، أو كان في استنباط حكم وهو ليس من الفقهاء ، فعليه إذا أن يحقق هذه الآية : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
لأن هؤلاء الذين يتجرؤون على الإفتاء وهم ليسوا من أهل العلم والإفتاء ، مثلهم مثل ذلك الرجل الذي دعى عليه الرسول عليه السلام بأن يهلكه الله عز وجل لأنه أفتى بفتوى قضى بسببها على نفس بريئة مسلمة ، تعلمون هذا الحديث الذي رواه أبو داوود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية ، فلما قاتلوا الكفار وأمسوا وأصبح بهم الصباح ، قام أحدهم وقد احتلم ، وفي جسده جراحات كثيرة فسأل من حوله هل يجدون له رخصة في أن لا يغتسل ؟ قالوا : لابد لك من أن تغتسل ، فاغتسل فمات ، فلما بلغ خبره رسول الله صلى الله عليه وسلم دعى عليه فقال : ( قتلوه قاتلهم الله ، ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال ) هذا الحديث يجب أن يكون ماثلا دائما وأبدا أمام أعين طلاب العلم حتى لا يتجرؤوا على الإفتاء فيصيبهم مثل ما أصاب ذلك الرجل الذي دعى عليه الرسول عليه السلام بأن يقاتله الله تبارك وتعالى .
والتجرئ على الإفتاء ، يبدوا مما سبق من الكلام يعود وباله على المفتي أولا ، وعلى المفتا به ثانيا ، وحينئذ إذا استقر هذا المعنى في طلاب العلم الذين لم يصلوا إلى معرفة الكتاب والسنة ، وتتبع أقوال الأئمة والمفاضلة والمراجحة بينها ، وإنما مجرد أن يقول : أنا أرى وأنا فهمت كذا ، هؤلاء ليريحوا أنفسهم من المصيبتين اللتين أشرت إليهما أولا : أن يقعوا هم في الخطأ ، وأن يوقعوا غيرهم في الخطأ ، وذلك بأن يسألوا أهل العلم ، ولا عليهم بعد ذلك أخطأ هذا الذي أفتاه أم أصاب ، لأنه إن أصاب فبها ونعمت ، وإن أخطأ فإنما إثمه على مفتيه ، فبدل أن يتحمل الإثم هو بنفسه لأنه أفتى بغير علم وورط الذي أفتاه بغير علم ، فليجعل الإثم على غيره إن أفتاه بغير علم ، وهذا لا يعني أن لا يتحرى شبابنا في سؤالهم لأهل العلم ، أن يميزوا بين عالم وعالم ، بين مدعي للعلم وعالم حقيقة ، وبين عالم بمذهب وجاهل بالكتاب والسنة ، هذه قضية أخرى ، فالمهم أن يسأل من يثق بعلمه ويثق بدينه ، فحينذاك لا يقع في المشكلة التي وقع فيها ذاك الذي أفتى الرجل بأنه لابد أن يغتسل ، ولجهله بالسنة لم يفته بجواز التيمم ، لأن الماء يضره وفعلا أضره ، وكان سبب وفاته ، هذه كلمة ولعلي أطلت فيها ، فأرجوا الله عز وجل أن يوفقنا للعمل بالعلم النافع ، وأن يعرفنا بذوات نفوسنا ، وأن لا يجعلنا من المغترين بها ، لأن الغرور مهلكة ما بعدها مهلكة .
السائل : جزاك الله خيرا .