تفسير قول الله تعالى : << .....و ما ذبح على النصب و أن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم >> حفظ
(( وما ذبح على النصب )) يعني ما ذبح على الأصنام ، وكانوا يذبحون على الأصنام تقربا لها ، وهذا شرك ، وهذا غير قوله: (( وما أهل لغير الله به )) لأن الأول ما ذكر اسم غير الله عليه سواء كان أمام صنم أو غائبا عن الصنم ، أن هذا يكون ما ذبح على الصنم ، يكون الصنم بين يديه ويذبح لهذا الصنم . ثم قال عز وجل: (( وأن تستقسموا بالأزلام )) يعني وحرم عليكم أن تستقسموا بالأزلام ، ووجه الصلة بين هذه المسألة وما قبلها ظاهر ، لأن الاستقسام بالأزلام يريد به المستقسم أن يصل إلى ما خير له وكذلك هنا في المطعومات يريد أن يتناول ما هو خير له .
ما معنى الاستقسام بالأزلام ؟ الاستقسام طلب القسم يعني طلب ما يقسم الله لك ، فهو يشبه في الدين الإسلامي الاستخارة ، وكانوا في الجاهلية إذا أراد أحدهم الأمر ولم يتبين له وجه الصواب استقسم بالأزلام جمع زلم وهي الأقداح ، يستقسم بها فيكتب عليها : افعل ، لا تفعل ، والثالث ما فيه شيء ، ثم يضعها في كيس أو نحوها و يخلط بينها ثم يخرج واحدا منها ، إن خرج افعل فعل ، وإن خرج لا تفعل لم يفعل ، وإن خرج الثالث أعاد ، وهم إنما يجعلون الثالث الذي ليس فيه افعل ولا تفعل من أجل أن يطول الاستقسام لأنه لو كان شيئين لخرج في أول مرة لكن يجعلون الثالث من أجل أن يتأخر الاستقسام لعلهم يرجحون شيئا على الآخر . قال الله تعالى: (( ذلكم فسق )) (( ذلكم )) المشار إليه كل ما سبق ، أو الاستقسام بالأزلام ؟ القاعدة أنه إذا أمكن أن يعود الاسم الإشارة أو الضمير إلى كل ما سبق فهو محمول عليه . وقوله: (( فسق )) الفسق معناه: الخروج عن الطاعة ، ومنه قولهم: فسقت الثمرة ، إذا خرجت من قشرها ، كذلك الخارج عن الطاعة فاسق خارج عما يجب أن يكون عليه . ثم قال الله عز وجل: (( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم )) " أل " هنا للعهد ، أتموا ؟ الحضوري (( اليوم )) يعني الذي نزلت فيه هذه الآية (( يئس الذين كفروا من دينكم )) يعني يئسوا من أن يغيروه أو يبدلوه ، لأن الدين الإسلام ـ والحمد لله ـ انتشر وبان و ظهر . (( فلا تخشوهم واخشون )) لأنه لا داعي إلى الخشية الآن مادام دينكم قد ظهر ويئس هؤلاء الكفار أن يقضوا عليه فلا تخشوهم واخشون ، والخشية هي الخوف الناتج عن علم ، دليل ذلك قوله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) قال أهل العلم والفرق بين الخشية والخوف: أن الخشية تكون عن علم ، والخوف لا يلزم أن يكون عن علم ، ثانيا: أن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قويا لكن المخشي يكون أقوى منه ، والخوف لا تدل على عظم المخوف وإنما تدل على ضعف الخائف ، وهذا فرق واضح ، الخوف يدل على ضعف الخائف أمام من يخاف منه وإن لم يكن قويا ، فالطفل الذي له أربع سنين يخاف من الطفل الذي له ثمان سنوات مع أن الثاني ضعيف ، لكن الذي يخشى من ملك أو صاحب سلطان قوي هذا يقال إنه خاشع . (( اليوم أكملت لكم دينكم )) (( اليوم )) العهد هنا أيضا للحضوري ، (( اليوم أكملت لكم دينكم )) أي جعلته كاملا ، وليس المعنى أنني أتممت شرائع ، لأنه نزل بعد هذه الآية شيء من الشرائع ، وقوله: (( أكملت لكم دينكم )) أي ما تدينون الله به من العبادة (( وأتممت عليكم نعمتي )) التي هي إكمال الدين وهي أكبر النعم ، ومعنى إتمامها أنه ليس فيه نقص ، (( ورضيت لكم الإسلام دينا )) رضيت لكم الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم دينا تدينون الله به فلا تتخذوا دينا سواه . ثم قال بعد أن ذكر هذه النعم العظيمة علينا قال عودا على ما ابتدأ الآية: (( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم )) اضطر بمعنى أصابته الضرورة ، وأصل اضطر أصلها اضتر فقلبت التاء طاء لعلة تصريفية معروفة في علم الصرف ، ((في مخمصة )) المخمصة المجاعة ، واسمع إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا ) أي تذهب صباحا خماصا أي جائعة ( وتروح بطانا ) ، إذا مخمصة أي مجاعة . (( غير متجانف لإثم )) أي غير مائل لإثم ولا مريد له لكن للضرورة أكل من هذه المحرمات (( فإن الله غفور رحيم )) فيغفر له ، وهذا أعني قوله: (( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم )) يفسر قوله في الآيتين سابقتين: (( فمن اضطر غير باغ ولا عاد )) فقوله: (( غير باغ )) أي غير مريد لهذه المحرمات بل ألجأته الضرورة لها ، (( ولا عاد )) أي معتد يريد الإثم (( فإن الله غفور رحيم )) ، وفي الآية فوائد كثيرة نذكرها إن شاء الله في درس آخر .
ما معنى الاستقسام بالأزلام ؟ الاستقسام طلب القسم يعني طلب ما يقسم الله لك ، فهو يشبه في الدين الإسلامي الاستخارة ، وكانوا في الجاهلية إذا أراد أحدهم الأمر ولم يتبين له وجه الصواب استقسم بالأزلام جمع زلم وهي الأقداح ، يستقسم بها فيكتب عليها : افعل ، لا تفعل ، والثالث ما فيه شيء ، ثم يضعها في كيس أو نحوها و يخلط بينها ثم يخرج واحدا منها ، إن خرج افعل فعل ، وإن خرج لا تفعل لم يفعل ، وإن خرج الثالث أعاد ، وهم إنما يجعلون الثالث الذي ليس فيه افعل ولا تفعل من أجل أن يطول الاستقسام لأنه لو كان شيئين لخرج في أول مرة لكن يجعلون الثالث من أجل أن يتأخر الاستقسام لعلهم يرجحون شيئا على الآخر . قال الله تعالى: (( ذلكم فسق )) (( ذلكم )) المشار إليه كل ما سبق ، أو الاستقسام بالأزلام ؟ القاعدة أنه إذا أمكن أن يعود الاسم الإشارة أو الضمير إلى كل ما سبق فهو محمول عليه . وقوله: (( فسق )) الفسق معناه: الخروج عن الطاعة ، ومنه قولهم: فسقت الثمرة ، إذا خرجت من قشرها ، كذلك الخارج عن الطاعة فاسق خارج عما يجب أن يكون عليه . ثم قال الله عز وجل: (( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم )) " أل " هنا للعهد ، أتموا ؟ الحضوري (( اليوم )) يعني الذي نزلت فيه هذه الآية (( يئس الذين كفروا من دينكم )) يعني يئسوا من أن يغيروه أو يبدلوه ، لأن الدين الإسلام ـ والحمد لله ـ انتشر وبان و ظهر . (( فلا تخشوهم واخشون )) لأنه لا داعي إلى الخشية الآن مادام دينكم قد ظهر ويئس هؤلاء الكفار أن يقضوا عليه فلا تخشوهم واخشون ، والخشية هي الخوف الناتج عن علم ، دليل ذلك قوله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) قال أهل العلم والفرق بين الخشية والخوف: أن الخشية تكون عن علم ، والخوف لا يلزم أن يكون عن علم ، ثانيا: أن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قويا لكن المخشي يكون أقوى منه ، والخوف لا تدل على عظم المخوف وإنما تدل على ضعف الخائف ، وهذا فرق واضح ، الخوف يدل على ضعف الخائف أمام من يخاف منه وإن لم يكن قويا ، فالطفل الذي له أربع سنين يخاف من الطفل الذي له ثمان سنوات مع أن الثاني ضعيف ، لكن الذي يخشى من ملك أو صاحب سلطان قوي هذا يقال إنه خاشع . (( اليوم أكملت لكم دينكم )) (( اليوم )) العهد هنا أيضا للحضوري ، (( اليوم أكملت لكم دينكم )) أي جعلته كاملا ، وليس المعنى أنني أتممت شرائع ، لأنه نزل بعد هذه الآية شيء من الشرائع ، وقوله: (( أكملت لكم دينكم )) أي ما تدينون الله به من العبادة (( وأتممت عليكم نعمتي )) التي هي إكمال الدين وهي أكبر النعم ، ومعنى إتمامها أنه ليس فيه نقص ، (( ورضيت لكم الإسلام دينا )) رضيت لكم الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم دينا تدينون الله به فلا تتخذوا دينا سواه . ثم قال بعد أن ذكر هذه النعم العظيمة علينا قال عودا على ما ابتدأ الآية: (( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم )) اضطر بمعنى أصابته الضرورة ، وأصل اضطر أصلها اضتر فقلبت التاء طاء لعلة تصريفية معروفة في علم الصرف ، ((في مخمصة )) المخمصة المجاعة ، واسمع إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا ) أي تذهب صباحا خماصا أي جائعة ( وتروح بطانا ) ، إذا مخمصة أي مجاعة . (( غير متجانف لإثم )) أي غير مائل لإثم ولا مريد له لكن للضرورة أكل من هذه المحرمات (( فإن الله غفور رحيم )) فيغفر له ، وهذا أعني قوله: (( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم )) يفسر قوله في الآيتين سابقتين: (( فمن اضطر غير باغ ولا عاد )) فقوله: (( غير باغ )) أي غير مريد لهذه المحرمات بل ألجأته الضرورة لها ، (( ولا عاد )) أي معتد يريد الإثم (( فإن الله غفور رحيم )) ، وفي الآية فوائد كثيرة نذكرها إن شاء الله في درس آخر .