تتمة الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة . حفظ
من فوائد الآية الكريمة: أن كل ما أحله الله فهو طيب ، نافع للبدن ونافع للقلب ونافع للفرد ونافع للمجتمع ، لقوله: (( أحل لكم الطيبات )) . نأخذ بالمفهوم أن كل ما حرمه الله فهو خبيث . ومن فوائد الآية الكريمة: إحلال ما اقتنصته الجوارح ، فما هي الجوارح ؟ هل كل جارح يمكن أن يؤكل لحمه أي يؤكل ما صاده ؟ نقول نعم كل جارح ، لكن بشرط أن يكون معلما ، وأكثر ما ي التعليم الكلاب وهذه للظواهر ثم الصقور وهذه للطائر ، فإذا كان من الكلاب فلابد أن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر ، وإذا أمسك لم يأكل ، كم شرط ؟ ثلاثة ، يسترسل إذا أرسل مثلا إذا رأيت صيدا وأرسلته استرسل ، ينزجر إذا رجز يعني إذا زجرته ليقف وقف ، لأنه لو تجاوز وأنت أمرته أن يقف فمعناه أنه صاد لنفسه ، الثالث: إذا أمسك لم يأكل فإن أكل فهو يدل على أنه أمسك لنفسه .أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أظن آخر ما أخذنا الفوائد ؟ من أين ؟ من فوائد هذه الآية الكريمة: أن من الحيوان ما يقبل التعليم ، لقوله: (( وما علمتم من الجوارح )) . ومن فوائدها أيضا: فضيلة العلم ، لأن الله تعالى فرق بين ما ليس بمعلم وما كان معلما ، فأحل الثاني ولم يحل الأول، وهذا يدل على فضل التعليم حتى في الحيوانات . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب تسمية الله تعالى عند إرسال الجارح ، لقوله: (( واذكروا اسم الله عليه )) وهذا على أحد الاحتمالات بالآية ، لأن هناك احتمالا آخر وهو أن المعنى اذكروا اسم الله عند أكله، ومعنى ثالث وهو اذكروا اسم الله عليه إذا أدركتموه حيا قبل أن يقتله الجارح، وكل هذه محتملة في الآية فتحمل عليها جميعا . ومن فوائد الآية الكريمة: بركة ذكر اسم الله ، وشواهد هذا كثيرا منها: حل الذبيحة ، حل الصيد ، تمام طهارة الوضوء ، أن البركة تنزل في الطعام ، أن الحمل يوقى إساءة الجن والشياطين ، المهم أن بركة اسم الله تعالى كثيرة ، لها شواهد كثيرة . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ظاهرها إباحة ما صاده الجارح سواء جرح أم لم يجرح ، وهذا مبني على أن المراد بالجوارح الكواسب ، أما إذا قلنا إن الجوارح جمع جارح وهو الذي يجرح الشيء فحينئذ لابد من أن ينهر الدم، ويتبين ذلك بالمثال، مثلا لو جاء الكلب لو جاء بالصيد مخنوقا ليس فيه أي جرح ولم يخرج منه أي دم فهل يباح أو لا ؟ إن قلنا إن المراد بالجوارح الكواسب فهو مباح وإذا قلنا المراد بالجوارح الجارحات التي يجرحن الجلد ويخرج منه الدم فإنه لا يباح ، والمسألة فيها خلاف بين العلماء ، منهم من يقول: إنه يشترط أن يجرح الكلب وإن لم يجرح فلا يحل ، واستدل هؤلاء بعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( ما أنحر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) ، ومنهم من قال: أن الجوارح هن الكواسب وأن كل ما أمسكنهن على صاحبهن فإنه حلال سواء جرح أم لم يجرح ، ولاشك أن الاحتياط تركه لكن التحريم فيه نظر يعني الاحتياط إذا جاء الكلب لك بصيد لم يجرح أن تتركه لكن كوننا نجزم التحريم لا نجزم بها لعموم : (( كلوا ما أمسكن عليكم )) . ومن فوائد الآية الكريمة: قطع ما يوجب الإعجاب بالنفس ، لأن قوله: (( تعلمونهن )) فيه إسناد التعليم إلى البشر، فقد يزهى الإنسان بنفسه ويغتر ويعجب فلهذا قال الله تعالى: (( مما علمكم الله )) إشارة إلى أن علمك الذي تعلمه إياهن أين مصدره ؟ عند الله عزوجل (( مما علمكم الله )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن العلم لا يختص بالعلوم الشرعية ، بل علم كل شيء بحسبه ، فالعلم هنا ليس هو العلم بالأحكام الشرعية وهذا واجب وهذا حرام وما أشبه ذلك ، لكنه علم بتعليم الجوارح كيف يصدن ، فيكون فيه دليل على أن العلم يختص بما يقتضيه السياق وكل شيء بحسبه . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: سعة رحمة الله عز وجل ، حيث أباح لنا ما ذكيناه بأيدينا وما ذكيناه بواسطة ، بواسطة أي واسطة الجوارح ، وهذا لاشك أنه من توسيع الله لنا في الرزق . ومن فوائد الآية الكريمة: أن المشقة تجلب التيسير ، لأنه لما كان يشق على الإنسان أن يصطاد الصيد بنفسه في كل وقت وحين ربما يكون مثلا في جبال في سهول في أودية لا يستطيع أن يصيد بنفسه رخص له أن يصيد بجارح ، فهذا من توسعة الله سبحانه وتعالى على عباده في أسباب الرزق . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب ذكر اسم الله تعالى ومنه عند إرسال الصيد ، فإن نسي فإنها لا تحل ، لعموم قوله تعالى: (( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه )) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذكر اسم الله شرطا والشرط لا يثبت بالسهو ، وهذا هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، وهو مقتضى الأدلة ، وقال بعض العلماء إنها أي التسمية تسقط بالسهو لعموم قوله تعالى: (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) فقال الله: قد فعلت ، لكننا نقول إن هذا الذي لم يذكر اسم الله على الصيد أو على الذبيحة هو معذور لاشك ولا يؤاخذ ولو تعمد ترك التسمية وذبح أو صاد كان بذلك آثما لأنه إضاعة المال ونوع من الاستهزاء بآيات الله، فهو هذا الذي نسي لا يؤاخذ لكن النظر الآن ليس في الذابح أو الصائد ، النظر الآن في الآكل ، نقول لمن أراد أن يأكل من هذا الصيد الذي لم يذكر اسم الله عليه، هذا الصيد لم يذكر اسم الله عليه وقد نهيت أن تأكل ، فإن أكل ناسيا ؟ فلا شيء عليه ، لأن المسألة هنا لها جهتان: جهة الصائد والذابح وجهة الآكل ، وكلاهما لا يؤاخذ بنسيان ، لكن إذا كان الذابح أو الصائد ناسيا فإنه لا يؤاخذ ثم يتوجه المنع إلى من ؟ إلى الآكل ويقال له لا تأكل مما لم يذكر اسم الله عليه ، وزعم من زعم أن المراد مما لم يذكر اسم الله عليه الميتة زعم خاطئ ، لأن الله تعالى ذكر تحريم الميتة صريحا فقال: (( حرمت عليكم الميتة )) ولو أراد الله تعالى ذلك لقال: ولا تأكلوا الميتة ، وعلى هذا فما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله هو القول الحق ، لكن ذكر ابن جرير في تفسير أن الإجماع منعقد على أن متروكة التسمية نسيانا حلال، وتعقبه ابن كثير رحمه الله وقال: إن ابن جرير ممن لا يعتد بقول الواحد والاثنين في نقل الإجماع ، وهو خلاف ما عليه العلماء والصواب الإجماع أن لا يوجد مخالف فإن وجد مخالف ولو واحدا من الفقهاء المجتهدين فلا إجماع . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب تقوى الله عز وجل ، لقوله: (( واتقوا الله )) . ومن فوائدها: الإشارة إلى أن من أكل مالا يحلله الله فهو غير متق لله . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الحساب ، لقول الله تعالى: (( إن الله سريع الحساب )) . ومنها أيضا: أن الله تعالى سريع الحساب، ومن ذلك ما ذكرناه في التفسير أن المراد به سرعة لقاء الله عز وجل وذلك بالموت ، وسرعة فصل الله تعالى بين العباد وذلك يوم القيمة فإن الله يفصل بين الناس ويحاسبهم في نصف يوم بدليل قوله تعالى: (( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا )) . فإن قال قائل: سرعة الحساب من صفات الله الذاتية أو الفعلية ؟ قلنا هي الفعلية لأن المحاسبة فعل يتعلق بمشيئته ، وعلى هذا فيكون فيه إثبات الصفات الفعلية .