تتمة تفسير الآية السابقة . حفظ
(( من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم )) لكن بشرط (( إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان )) اشترط الله تعالى لحل المحصنات من المؤمنات ومن الذين أوتوا الكتاب اشترط إيتاء الأجور وهي المهور التي تبذل عوضا عن الاستمتاع بالمرأة ، ولهذا سماها الله تعالى أجرا ، لأن الأجر ما يؤخذ بمقابلة عوض ، (( إذا آتيتموهن )) أي أعطيتموهن ، (( أجورهن )) أي أجور هؤلاء المحصنات وهن المهور ، (( محصنين )) حال من الواو في قوله: (( آتيتموهن )) يعني حال كونكم محصنين أي طالبين الإحصان ، إحصان فرج المرأة وفرج الرجل ، لأن الزواج يحصل به إحصان فرج الزوج والزوجة، (( غير مسافحين )) غير معلنين بالزنا ، (( ولا متخذي أخدان )) أي مختفين بالزنا ، وعلى هذا فيكون الوطء ثلاثة أقسام ، الأول: ما كان حلالا بالصداقة ، والثاني ما كان علنا بالعهر والفجور ، والثالث: ما كان خفيا بالعهر والفجور . ما الذي يحل ؟ الأول ، الأول هو الذي يحل وهو الذي يتزوجها محصنا غير مسافح ولا متخذي أخدان، وقوله: (( أخدان )) أي أصدقاء، والخدن يطلق على الصديق من رجل أو امرأة ، ولهذا قال الله تعالى في سورة النساء: (( ولا متخذات أخدان )) وهنا قال: (( ولا متخذي أخدان )) فدل ذلك على أن الخدنة يكون في الرجال ويكون في النساء .
ثم قال عز وجل: (( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله )) (( من يكفر بالإيمان )) ، هل الإيمان شيء يكفر أو لا يكفر به أو الإيمان ضد الكفر ؟ الإيمان ضد الكفر ، لكن المراد بالإيمان هنا أي مقتضيات الإيمان من التزام الشريعة ، لأن الله تعالى ذكر هنا محللات ومحرمات فمن أخذ بها وقام بها فهو مؤمن ومن لم يأخذ بها فليس بمؤمن ، إذا (( ومن يكفر بالإيمان )) أي بما يقتضيه الإيمان من التزام أحكام الإسلام (( فقد حبط عمله )) أي بطل وذهب ، وعمل مفرد مضاف فيشمل كل الأعمال ، لأن الردة تحبط الأعمال إلا أنه يشترط أن يموت الإنسان على ردته ـ و العياذ بالله ـ لقوله تعالى: (( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )) . (( وهو في الآخرة من الخاسرين )) ذكر الله تعالى أنه خاسر في الآخرة ، لأن ظهور خسران في ذلك الوقت وإلا فهو في الحقيقة خاسر في الدنيا و الآخرة ، قال الله تعالى: (( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة )) وقال تعالى: (( أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله أن يجعل عليكم من حرج ولكن يريد أن ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )) .