تتمة الفوائد السابقة المستنبطة من الآية الكريمة . حفظ
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن هؤلاء لو أوفوا بعهد الله لأوفى الله لهم بعهده، كما قال الله تعالى: (( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم )) يؤخذ من قوله: (( لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ... )) . ومن فوائدها: أن الصلاة والزكاة مفروضة على الأمم السابقة ، وهو كذلك ، فالصلوات والزكواة مفروضة لكن لا يلزم من كونها مفروضة أن تكون مماثلة لما وجب علينا في الكيفية والوقت والمقدار ، المهم أن جنس الصلاة مفروض ، جنس الزكاة مفروض ، لكن يختلف ، قد يختلف ، وهذا كقوله: (( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) فالتشبيه هنا بالفرض ، شبه الفرض بالفرض ولا يلزم أن تكون صيامهم كصيامنا ، وبقينا في الحج وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمم السابقة كان الحج مشروعا بحقهم ، فهذه الأركان العظيمة أركان الإسلام مشروعة عند كل أمة . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجب على بني إسرائيل الإيمان على جميع الرسل وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الله لم يتكفل لهم بهذا الثواب إلا إذا آمنوا برسله ، لقوله: (( وآمنتم برسلي )) ، ومن المعلوم أن من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل كما قال الله تعالى: (( كذبت قوم نوح المرسلين )) مع أنه لم يسبق رسول قبل نوح لكن لما كذبوا نوحا صار تكذيبهم إياه تكذيبا لجميع الرسل . ومن فوائد الآية الكريمة أيضا: وجوب نصرة الرسل ، لقوله: (( وعزرتموهم )) ونصرتهم في حياتهم أن يكون معهم في الجهاد والدفاع وغير ذلك ، نصرتهم بعد وفاتهم أن ينصروا شرائعهم ويقيموها بين الناس ، فواجب علينا الآن أن ننصر شريعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان فضل الله عزوجل على العباد ، حيث يعطيهم الرزق ثم قال: (( أقرضتم الله )) وهو المعطي أولا والمثيب ثانيا، لقوله: (( وأقرضتم )) وقد ذكرنا الحكمة بالتعبير عن الإنفاق في سبيل الله والقرض من يذكر ؟ كأن الله تعالى جعل الإنفاق في سبيل القرض الذي يلزم المستقرض أن يوفيه . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه لابد أن تكون الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله حسنة، من أين تؤخذ ؟ من قوله: (( وأقرضتم الله قرضا حسنا )) ليخرج النقص عن الواجب والإصرار في البذل ، لأن الإصرار ليس حسنا والنقص ليس حسنا . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الأعمال الصالحة تكفر الأعمال السيئة ، لقوله تعالى: (( لأكفرن عنكم سيئاتكم )) ويدل لهذا قوله تعالى: (( إن الحسنات يذهبن السيئات )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتبع الحسنة السيئة تمحها ) أو أتبع السيئة الحسنة ؟ نعم ( أتبع السيئة الحسنة تمحها ) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يبدأ بالنجاة من المرهوب قبل بينان حصول المطلوب ، لقوله: (( لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم )) وهو شاهد لما اشتغل عند العلماء أن التخلية قبل التحلية يعني إزالة الشوائب والعوائق قبل أن يحصل المطلوب . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الجنة ليست واحدة ، لقوله: (( جنات )) هذا إذا قلنا إن هذا الجمع عائدة على الجنات لا على من دخلها ، لأنه فيه احتمال على أن يكون عائدا على من دخلها وأن كل واحد له جنة وإن كانت الجنة واحدة لكن تعدد باعتبار داخليها ، فنقول هذا محتمل لكن القرآن دل على أنها جنات مجموعة نفس الجنات، ففي سورة الرحمان: (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) وفي الثانية: (( ومن دونهما جنتان )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن نعيم الجنة نعيم للنفس والقلب والسمع والبصر وكل شيء ، وذلك حينما ذكر أن هذه الجنات تجري من تحتها الأنهار وهذا لاشك أنه يتعب السمع حفيف جريان النهر يتعب السمع ، ولهذا تجد الإنسان يقف عند الشلالات متمتعا بالاستماع إليها ، وكذلك النظر أيضا ، وكذلك القلب والنفس تستريح . ومن فوائد الآية الكريمة: أن في الجنة أنهارا لا نهر واحد ، من أين تؤخذ ؟ (( الأنهار )) جمع نهر ، وقد ذكر الله عزوجل أنواعها في سورة قتال، سورة محمد يقرأها علينا الأخ ؟ (( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) نعم أحسنت ، أربعة أنواع . فإن قال قائل: كيف نجمع بين قوله تعالى: (( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر )) ذكر نهرا واحدا وهنا ذكر أنهارا كيف نجمع ؟ النكرة ما تعم إلا في سياق الشرط والنفي والنهي وما أشبه ذلك ، ذكر جنس النهر ، الإفراد للجنس فلا ينافي التعدد صح ، نقول المراد به الجنس فلا ينافي التعدد . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وعيد من كفر بعد الميثاق والنداء عليه في الضلال البين، لقوله: (( فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن المؤمن يسير على سواء السبيل أي وسطها دون حافتيها ، وجه ذلك: أنه إذا ثبت في حكم الكافر ضلال السبيل فضده يثبت بحكمه يثبت فيه ضد حكمه ، لأنه إذا تضادت الأعمال تضادت الجزاءات . ومن فوائد الآية الكريمة: التنبيه على أن الغالب أن الوسط وسط السبيل والطريق هو الحق، لأن سواء بمعنى وسط ، لقوله تعالى: (( فاطلع فرآه في سواء الجحيم )) أي في وسطها أو في مستقرها ، وهذا هو الغالب أن ما تطرف من يمين أو يساء فهو ضلال، وفي ذلك جاء في حديث: ( دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه ) .