الفوائد المستنبطة من الآية << يهدي به الله من اتبع رضوانه ........................>> . حفظ
ومن فوائد الآية الكريمة: أن الهداية بيد الله ، ولهذا أدلة كثيرة (( من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ))، (( قل إن الهدى هدى الله )) والآيات في هذا كثيرة ، الهداية بيد من ؟ بيد الله (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )) . وإذا كانت من الله تفرع عن ذلك أولا أن لا نسأل الهداية إلا من الله وأن نلح على ربنا عزوجل بالهداية ، اللهم اهدني اللهم اهدني ، دائما، هذه واحدة ، الثانية أن نعلم أن أفعالنا لا نستقل بها بل هي بتوفيق الله ، فيكون فيها رد على من ؟ على القدرية ، إذا كان يهدي معناه أن لأفعالنا علاقة بهداية الله فيكون في ذلك رد على القدرية القائلين بأن الإنسان مستقل بنفسه وبعمله وبمشيئته وبقدرته . هل فيها موافقة للجبرية ؟ الجواب اسمع (( من اتبع رضوانه )) اتبع ، فأضاف الاتباع إليه خلافا للجبرية الذين يقولون إن الإنسان لا ينسب إليه فعله . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما اتبع الإنسان ما يرضي الله ازداد معرفة الله ، لقوله: (( من اتبع رضوانه سبل السلام )) . واذكرها بالعكس: من أعرض عن رضوان الله فإنه لا يهدى سبل الله لأنه ليس أهلا للهداية ، وعلى هذا فنقول لأي طالب علم أتريد أن يهديك الله ويعطيك علما ؟ سيقول بلى ، نقول عليك باتباع رضوان الله ، كلما رأيت شيئا يرضي الله فافعل ، وكلما رأيت شيئا يغضب الله فاجتنب . ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات رضا الله، إثبات الرضا لله ، بينهما فرق ، نعم إثبات الرضا لله لقوله: (( رضوانا )) والرضا صفة فعلية من صفات الله عزوجل تتعلق بمشيئة ولها سبب ، وسببها عمل العبد بتوفيق الله ، وكل صفة من صفات الله يكون لها سبب فإنها من صفات الفعلية وذلك لأن السبب واقع بمشيئة الله والصفة التابعة له تكون واقعة بمشيئة الله ، الرضا والغضب والفرح والضحك والعجب وما أشبهها كلها من الصفات الفعلية . هل رضا الله عز وجل كرضا المخلوق ، لقوله تعالى: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ومن ناحية ، هذا دليل أثري ودليل العقلي أنه إذا كانت ذات الرب عزوجل لا تماثل ذوات المخلوق فكذلك صفاته ، لأن القول في الصفات فرع عن القول في الذات ، هذا ما مشى عليه أهل السنة، وقالوا ليس لنا أن نتحكم لكلام الله ورسوله بمقتضى أفهامنا ولا أقول عقولنا ، لأن عقولنا تبع تقتضي تبعية الكتاب والسنة ، لكن بمقتضى أفهامنا ، فهؤلاء المعطلة كما قال شيخ الإسلام " هؤلاء أوتوا فهوما وما أوتوا علوما " ، عندهم فهم لكن ما عندهم علم ولا عندهم عقل ، أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء ، أهل السنة يؤمنون بهذه الصفات ويؤمنون بأنها لا تماثل صفات المخلوق، أهل التعطيل يقول لا ما نؤمن به ، لأن هذا صفة نقص ، الرضا صفة نقص والمحبة صفة نقص والغضب صفة نقص فيجب أن نفسرها بلازمه ، هذا واحد، أو نسكت ونقول لا نعلم معناها ، لأن أهل التعطيل لا يمكن أحد الطرفين إما أن نعطل وإما أن نفوض ، تفويض المعنى لا هو تفويض الكيفي ، المعنوي ، وبهذا يقول صاحب الخلاصة:
وكل نص أوهم التشبيه فوضه أو أول ورم تنزيها
الواقع أن هذا ما نزه الله بل بالعكس ، نحن نقول الرضا صفة ثابتة لله عزوجل تستلزم الإثابة والإكرام ، هم يقولون لا ، الرضا هو الإثابة والإكرام وعبر عنه بسبب الملازم له ، فنقول يا ويل للإنسان أن يسمع كلام الله يقول عن نفسه إنه يرضى هم يقولون لا ترضى إنه ليس لك رضا ، ليس لك غضب، ليس لك فرح ، لا إله إلا الله ـ كيف لا يكون وهو الذي أخبر عن نفسه ؟ أأنتم أعلم أم الله ؟ كيف يصف نفسه بما ليس متصفا به وهو الذي يقول لعباده: (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم )) وهل هذا إلا بالخاص أن يتكلم بكلامه سبحانه وتعالى وهو يريد خلافه ؟ هذا إلغاز وتعنية ولو أن المعطل فكر قليلا لوجد أن تعطيله من أكبر العدوان في حق الله عزوجل ، نحن نقول الإثابة ناتجة عن الرضا وهي دليل على الرضا يعني دليل عقلي على الرضا ، لأن من أثابك يدل على أيش ؟ أنه راض عنه، فسبحان الله تجد أن أهل الباطل سواء كان من المسائل العملية أو العلمية تجدهم متناقضين ، وعلى هذا فالقاعدة الأصيلة : أن تثبت ما أثبت الله لنفسه في القرآن أو السنة، هذه واحدة ، الثانية أن تنفي عنه مماثلة المخلوق ، وبذلك تسلم عما تأول والحقيقة عما أن تحرف فهذا ضلال ، ومن الضلال أيضا أن تفوض والله ما الرضا ما أدري ما هو ، أنا أقرأ القرآن ولا أتكلم بشيء ، هذا أيضا شر عظيم حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إن مذهب المفوضة من شر أقوال أهل البدع والإلحاد " ، وصدق رحمه الله ، إذا تأملت قول المفوضة عرفت أنه كفر وإلحاد، كيف ينزل الله علينا قرآنا أشرف ما فيه أن نعلم في الله عزوجل وبأسمائه وصفاته وأحكامه وأفعاله ثم لا نجد سبيلا إلى فهم المعنى ونجعلها عندنا بمنزلة ألف با تا ، وسبحان الله كيف يليق برجل مؤمن أن يقول ما قصه الله علينا عن فرعون وهامان وقارون معلوم المعنى وما قص علينا عن نفسه غير معلوم المعنى أي فائدة لنا في القرآن ؟ مادام ليس معلوما فإننا لم نستفيد منه (( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني )) إلا قراءة معناه أنه ليس لنا حظ ولا نصيب إلا مجرد قراءة ، على كل حال عقيدتنا هذا ، أن نثبت بكل ما أثبته الله لنفسه في القرآن أو في السنة من غير تمثيل ، وبذلك نسلم في عقيدتنا . من فوائد هذه الآية الكريمة: أن طرق السلامة كثيرة متعددة ، لقوله: (( سبل السلام )) فمثلا أركان الإسلام كم ؟ خمسة ، كل واحد سبيل ، أبواب الجنة ثمانية ، كل باب له أناس مختصون به ، إذا هناك سبل وهناك أبواب والمراد بذلك الشرائع ، أما الإسلام جملة فهو سبيل واحد . ومن فوائد الآية الكريمة: أن من سلك الشريعة فقد سلم ، من أين تؤخذ ؟ من قوله: (( سبل السلام )) سلم من ماذا ؟ سلم في كل معنى الكلمة ، سلم في عقيدته ، في أعماله ، في جزائه ، لأنه سيؤدي به هذا المسلك إلى دار السلام التي يدعو الله إليها (( والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) .