تتمة تفسير الآية السابقة حفظ
ثم قال: (( ولله ملك السموات والأرض )) كل ما في السموات ، كل ما نشاهده فهو مملوك لله، وإذا كان مملوكا لله تعذر أن يكون هو الله، واضح ؟ فاستدل الله عزوجل على أنه ليس الله بأمرين ، الأول أن المسيح لا يملك أن يدفع شيئا عن نفسه لو أراد الله أن يهلكه ، والثاني أن كل شيء في السموات والأرض فهو ملك لله فكيف يكون هو الله ؟ فيكف يكون المملوك مالكا ؟ هذا مناقض للعلق والفطرة . (( ولله ملك السموات والأرض وما بينهما )) ملك السموات وهي سبع، والأرض وهي سبع، السموات بنص القرآن إنها سبع (( قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم )) لكن الأرض ؟ الأرض ليس في القرآن تصريح بأنها سبع لكن في القرآن ما يدل على أنها سبع كقوله تعالى: (( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن )) لو أردنا أن نقول المماثلة في الوصف، المماثلة في الكبر ، المماثلة في العظم لكذبنا الواقع إذ لا مقارنة بين السماء والأرض ، إذا يتعين إذا جمعت الكيفية تعينت الكمية، فيكون المراد بقوله: (( مثلهن )) أي في العدل، وجاءت السنة صريحة بأنها سبع أراضين كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( من اقتطع من الأرض شبرا بغير حق أو قال ظلما طوقه يوم القيمة من سبع أراضين ) . (( ولله ملك السموات والأرض وما بينهما )) ما بين السماء والأرض . قد يقول قائل: لماذا جعل الله تعالى ما بين السماء والأرض عجيلا في السماء والأرض ؟ قلنا: لأن بين السماء والأرض من الآيات العظيمة ما جاز أن يكون قسيما للسموات والأرض وعديلا لها، إذا نقول ما بينهما فيه آيات عظيمة ، وتجول الناس الآن في الكون في الآفاق يدل على أن هناك من الأشياء من أعجب ما يكون من مخلوقات الله عزوجل ، ولهذا جاء في القرآن الكريم كثيرا ما يقرن ما بينهما في السماء والأرض . ثم قال عز وجل: (( يخلق ما يشاء )) هذا دليل الثالث ، لأن النصارى البلهاء الضلال قالوا إن الله المسيح ابن مريم لأنه خلق بدون أب وفدى نفسه نعم افتدى بنفسه جميع الخلق ـ على زعمهم ـ أن الخلق كانوا مستحقين للعذاب و العقوبة وأن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام افتدى الخلق بنفسه وصبر على الصلب فاستحق أن يكون إلها له، يقول الله عزوجل: (( يخلق ما يشاء)) وإذا كان يخلق ما يشاء فمن الذي يأجر عليه أن يخلق شخصا من أم بلا أب، يخلق ما يشاء ، خلق الله آدم بلا أم ولا أب ، وخلق الله هواء من أب بلا أم ، وخلق عيسى من أم بلا أب ، وخلق بقية البشر من أم وأب ، فالله على كل شيء قدير . ثم قال: (( والله على كل شيء قدير )) وهذا دليل الرابع، (( والله على كل شيء قدير )) فبقدرته خلق عيسى من أم بلا أب . في هذه الآية الكريمة التصريح والتأكيد بكفر من قال إن الله هو المسيح ابن مريم وهم النصارى ، فما بقي شك في أن النصارى كفار ، ومن قال إنهم غير كفار وأنهم مؤمنون فإنه كافر ، إن علم ما جاء في القرآن والسنة من كفرهم ، لأن لازم قولهم هذا تكذيب الله ورسوله ، وما أدري ـ سبحان الله ـ أيداهنون النصارى من أجل أنهم أقوياء ماديا وينسون من الذي أقدرهم على هذه المادة، من الذي أقدرهم على هذه المادة إلا الله ؟ فكيف يخشونهم ولا يخشون الله ؟ كيف يداهنونهم ويبسطون لهم الأرض ويفرشون لهم ورودا ويقول أنتم مؤمنون بالله واليوم الآخر وأنتم على دين ونحن على دين واليهود على دين وكأن الخلاف الذي بيننا وبين اليهود والنصارى كالخلاف الذي بين أحمد بن حنبل ومحمد بن إدريس ـ سبحان الله ـ وهذه راج على بعض الناس حتى إنه راج بأنه لا يجوز قتل المرتد ، لا يجوز قتل المرتد لأن الناس يختار، يختار الإنسان من دينه ما شاء (( ولا إكراه في الدين )) سبحان الله ! يعني انقلاب ـ نسأل الله العافية ـ هذا أشد من التفسق الخلق لأن هذا يعود على العقيدة وألا نتبرأ منهم ، والله عزوجل يقول: (( قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه إذا قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده )) لماذا نداهن هذا إذ لنكفرهم ونقول ما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ونقول إن آمنوا بمثل ما آمنا به فقد اهتدوا وإلا فهم على ضلال، لكننا حقيقة لا نستطيع الآن أن نقاتلهم ولا أن نج ... هم لأسباب كثيرة منها أنه ليس عندنا حصيلة إيمانية توجب أن نقاتلهم ، الإيمان ضعيف في عامة المسلمين ، لا أقول في واحد ، لا ، في عامة المسلمين ، ثانيا ليس عندنا حصيلة استقامة على دين الله، على العبادات ، أين من يصمون النهار ويقومون الليل ؟ كثير من المسلمين لا يصلون الصلاة في وقتها وكثير من المسلمين لا يصلونها أبدا ولا يعرفون يتوضؤن ، أين الحصيلة ؟ الثالث أنه ليس عندنا غيرة لديننا بمعنى أن نقاتلهم من أجل الدين ، كثير من الذين يقاتلون الكفار يقاتلونهم للأرض ، أو لآثار حسية كآثار جاهلية ، ما هم يقاتلونهم من أجل أن يقيموا دين الله على أرض الله ، لا ، وتأملوا هذا تجدونه واضحا ، وهناك أسباب أخرى لا يطيب لي أن أقول الآن لكن تظهر للمتأمل، فنحن الآن حقيقة عاجزون عن مقاومتهم ، لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نداهنهم في ديننا لأنهم هم يودون كما قال الله عزوجل: (( ودوا لو تدهن فيدهنون )) يودون هذا ، لكن يأبى الله عزوجل ـ إن شاء الله تعالى ـ أن نداهنهم في دين الله أبدا ، نسالهم ما دمنا ضعفاء وإلى أن يأذن الله لنا بالقوة ويأذن لهم بالضعف ، وأما مسألة الدين لا يمكن إطلاقا أن نبيع الدين لهم ولا لغيرهم ولا يحل لنا هذا ، لكن مع الأسف أنه يوجد الآن من يحطمون الدين باسم الدين، الدين الإسلامي دين التسامح ، دين التساهل ، دين المحبة ، هو صحيح، التسامح مع من ؟ مع إخوانهم المسلمين ، أما غيرهم فقد قال الله تعالى: (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) (( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين )) لكن من مد إلينا يد المسالمة مددنا إليه يد المسالمة إذا كنا عاجزين عن المقاومة ، لقوله تعالى: (( فاتقوا الله ما استطعتم )) أما الدين فلا نرضى أن نصاب بشيء أبدا ، بل نقول دين الإسلام دين خاص يمتاز عن غيره لأنه يؤمن بجميع الأديان أنها حق من عند الله لكنها منسوخة بالإسلام . بعض الناس الجهال يقول اليهود يؤمنون بموسى والنصارى بعيسى، والنصارى يؤمنون بموسى أيضا ثم يقول كل يؤمن بنبي أيش المانع ؟ نقول اقرأ قول الله تعالى: (( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا )) بعدها ؟ (( أولئك هم الكافرون حقا )) أكد الله كفرهم (( أولئك هم الكافرون حقا )) هؤلاء اليهود والنصارى يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، اليهود يدعون أنهم يؤمنون بموسى والنصارى يدعون أنهم يؤمنون بعيسى ويكفرون بمن ؟ بمحمد ، محمد الذي قال الله تعالى: (( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم )) من يخاطب ؟ الأنبياء (( أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري )) عهدي الثقيل ؟ (( قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )) إذا كان أنبيائهم قد أخذوا العهد أن يؤمنوا بمحمد فهم من باب أولى ، ومع ذلك يكفرون بمحمد عليه الصلاة والسلام ويقولون نحن مؤمنون ، ثم نقول لهم أنتم في الحقيقة ما آمنتم برسلكم ، لأن محمدا صلى الله عليه وسلم موجود في التوراة والإنجيل مكتوبا عندهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ، موجود هذا بل قال الله تعالى: (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم )) مثل ما يعرف الرجل ابنه يعرف أن محمدا رسول الله ومع ذلك كفروا، كيف نقول هؤلاء مؤمنون ؟ ثم نقول إن الله تعالى حكم على كل إنسان كفر برسول أنه كافر بجميع الرسل حتى بمن لم يأت من الرسل فهو كافر به ، قال الله تعالى في قوم نوح: (( كذبت قوم نوح المرسلين )) قوم نوح من بعث رسولا قبل نوح ؟ لا أحد ومع ذلك قال الله إنهم كذبوا المرسلين ، فهؤلاء الذين يدعون أنهم مؤمنون بموسى وعيسى نقول أنتم الآن كافرون بموسى وعيسى ، كافرون كفر العام وكفر الخاص ، أما العام فكل من كذب رسولا فقد كذب جميع الرسل ، أما الخاص فإن رسلكم جاءت كتبهم صريحة بأن محمدا رسول الله حقا وعرفتموه كما تعرفون أبنائكم، نحن أطلنا في هذا وإن خرجنا عن موضوع التفسير لأني يعني الدنيا أمامي م ... في مثل هذه الأفكار الخبيثة الرديئة التي يريد بعضنا ليس عندهم إيمان إلا أن يشاء الله، ويجب علينا أن نقاوم هذا الفكر مقاومة تامة بقدر ما نستطيع ، هذا جهاد ما هو بالسيف لكن جهاد بالرأي والفكر لا يجوز السكوت على هذا إطلاقا ، فالحاصل أن هذه الآية الكريمة كفر الله تعالى كفرا مؤكدا من قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم .