تفسير قول الله تعالى : << ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا تردوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين >> حفظ
قال الله تعالى: (( يا قوم )) عن موسى عليه الصلاة والسلام ، (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة )) والنداء هنا يا قوم يتضمن شيئين ، شيء الأول أنه أن فيه شيئا من استدلالهم وأنهم لن يتفطنوا ولم يستمعوا إلى الخطاب إلا إذا ورد بالنداء وبلفظ القومية ، والثاني أيضا أنه قال يا قوم استعطافا لهم لأنه فرق بين أن يكون المخاطب من قوم أو من غير قوم . (( ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم )) كلمة (( ادخلوا الأرض )) لم يقل: قالوا حتى تدخلوا ، قال: (( ادخلوا الأرض )) ثم قوله: (( التي كتب الله لكم )) أيضا فيها بشارة بأنهم سوف يغلبون ، ففي هاتين الجملتين بشارتان ، الأولى: ادخلوا الأرض ، والثانية: التي كتب الله لكم ، والكتابة هنا هي الكتابة القدرية ، لأن الكتابة تتنوع إلى نوعين: كتابة شرعية مثل قوله تعالى: (( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) والكتابة قدرية مثل قوله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحين )) . وقوله: (( كتب الله لكم )) قلت إن الكتابة هنا كتابة قدرية لا شرعية، لو كانت شرعية لتعدت إعادة كتب عليهم ولا يستقيم المعنى . (( ولا ترتدوا على أدباركم )) أي لا ترجعوا بعد أن كنتم مدبرين على القتال على أدبارهم، لأن النقوص على الدبر والرجوع هزيمة وذل ولهذا نهي نهيا شديدا عن التولي يوم الزحف . (( فتنقلبوا خاسرين )) لا ترتدوا فتنقلبوا ، والانقلاب يشعر بخيبة الأمل ، ولهذا قال: (( فتنقلبوا خاسرين )) وخاسرين حال من واو في قوله: تنقلبوا ، فماذا كان الجواب ؟ كان الجواب كما تسمعون الآن .