تفسير قوله تعالى : << و إذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم >> من سورة البقرة حفظ
قال الله تبارك وتعالى: (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )) يعني اذكر ، أو اذكروا يا بني إسرائيل (( إذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم )) . قوله: (( إنكم ظلمتم أنفسكم )) الأصل في الظلم أنه النقص، ومنه قوله تعالى: (( تلك الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا )) أي لم تنقص منه شيئا ، وأطلق على العدوان والتقصير ، العدوان في اقتحام المحارم والتقصير في الواجبات . هنا يقول: (( ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )) أي باتخاذكم العجل إلها ، ولهذا نقول إن (( العجل )) مفعول الأول والمفعول الثاني محذوف ، التقدير: باتخاذكم العجل إلها ، وسبق أن هذا العجل هو تمثال من الذهب الذي أخذوه من آل فرعون ثم صنعوه تمثالا على صورة العجل الذي له خوار ، قال المفسرون هذا الخوار إنما هو بواسطة الريح ، جعلوا دبره مفتوحا وتتعرج الريح في هذا الجوف ثم تخرج من الفم فيكون له صوت كخوار الثور ، قالوا بعضهم لبعض إن موسى عليه الصلاة والسلام ذهب إلى إلهه يطلبه وأنه تأخر يبحث عنه لأنه كان ذهب على أنه سيغيب ثلاثين يوما لكنه زاده الله عزوجل عشرا فتم ميقات ربه أربعين ليلة ، وهذا حكمة من الله عزوجل وابتلاء وامتحان ، قالوا إن موسى ذهب يطلبه إلهه وهذا هو إلهه، يقولون هذا إلهكم وإله موسى فنسي ، قال الله تعالى: (( أفلا يرون أنه لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا )) هم اتخذوا العجل ظالمين بذلك أنفسهم ، لأن النفس أمانة عندك يجب أن ترعاها حق رعايتها ، ولهذا قال الله تعالى: (( لا تقتلوا أنفسكم )) فجعلنا أمناء على أنفسنا ونهانا أن نقتل النفس وقال: (( لا تظلموا فيهن أنفسكم )) فنهانا أن نظلم أنفسنا مما يدل على أن أنفسنا أمانة عنده وأنه لا يجوز التفريط بهذه الأمانة ، ولهذا قال: (( إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم )) وفي قراءة: (( إلى باريكم )) توبوا أي ارجعوا إلى بارئكم ، فتابوا ، لكن كيف توبتهم ؟ قال: (( فاقتلوا أنفسكم )) اقتلوا أنفسكم هذه طريق توبتهم، قالوا إن الله ألقى إليهم ظلمة وحشروا في مكان وأعطي كل واحد منهم خنجرا وقيل له اقتل من أمامك فقتلوا أنفسهم ، وليس المعنى أنه دعاهم إلى الانتحار أن يقتل كل واحد نفسه، لا ، كل واحد يقتل أخاه ، وتعلمون أن القبيلة الواحدة تعتبر نفسا واحدة ، (( فاقتلوا أنفسكم )) ففعلوا ، قال موسى عليه الصلاة والسلام: (( ذلكم خير لكم عند بارئكم )) (( ذلكم )) المشار إليه التوبة بهذه الطريقة (( خير لكم عند بارئكم)) أي عند خالقكم وهو الله عزوجل ، (( فتاب عليكم )) يعني لما تبتم فتاب عليكم مع أن ذنبهم عظيم ، لكن الله تعالى يتوب على من تاب (( فتاب عليكم )) أي رفع عنكم الإثم والعقوبة (( إنه هو التواب الرحيم )) الجملة هنا تعليل للحكم السابق لها وهو قوله: (( تاب عليكم )) والتواب جمع تائب ، التواب جمع تائب ، وتوبة الله على العبد تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول توفيقه للتوبة ، والقسم الثاني قبوله للتوبة ، أما الأول وهو توفيقه للتوبة فهو قوله تبارك وتعالى: (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا )) أي وفقهم للتوبة ليتوبوا . وأما الثاني وهو قبول التوبة ففيه قوله تعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) فتوبة الله سبحانه وتعالى نوعان كما سمعتم . (( الرحيم )) أي ذو الرحمة ، ورحمة الله سبحانه تعالى واسعة تشمل المؤمن والكافر ، وهذه الرحمة العامة ، أما الرحمة الخاصة فهي للمؤمنين كما قال تعالى: (( وكان بالمؤمنين رحيما )) وقد جاءت الرحيم بهذه الصيغة وبصيغة الرحمان الدال على السعة والعظمة وبصورة الفعل كما قال تعالى: (( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء )) .
القسم الأول توفيقه للتوبة ، والقسم الثاني قبوله للتوبة ، أما الأول وهو توفيقه للتوبة فهو قوله تبارك وتعالى: (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا )) أي وفقهم للتوبة ليتوبوا . وأما الثاني وهو قبول التوبة ففيه قوله تعالى: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده )) فتوبة الله سبحانه وتعالى نوعان كما سمعتم . (( الرحيم )) أي ذو الرحمة ، ورحمة الله سبحانه تعالى واسعة تشمل المؤمن والكافر ، وهذه الرحمة العامة ، أما الرحمة الخاصة فهي للمؤمنين كما قال تعالى: (( وكان بالمؤمنين رحيما )) وقد جاءت الرحيم بهذه الصيغة وبصيغة الرحمان الدال على السعة والعظمة وبصورة الفعل كما قال تعالى: (( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء )) .