الفوائد المستنبطة من الآية الكريمة . حفظ
في هذه الآية فوائد ، منها: بيان نصيحة موسى عليه الصلاة والسلام لقومه، حيث بين لهم الذنب وحثهم على أن يتوبوا منه ، فقال: (( إنكم ظلمتم أنفسكم )) وقال: (( فتوبوا إلى بارئكم )) . ومنها: أن معصية الإنسان ظلم لنفسه ، معصية الإنسان ظلم لنفسه ، وعلى هذا فيكون في ذلك إبطال لقول المعتزلة القدرية ، لأنهم إذا قالوا إن الإنسان مستقل بعمله نقول إذا الإنسان يكون ظالما لنفسه حيث يعمل المعاصي . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجب على الإنسان أن يعامل نفسه بالعدل كما يعامل غيره بالعدل ، لقوله: (( ظلمتم أنفسكم )) فكما أننا منهيون عن ظلم الناس فنحن منهيون عن ظلم أنفسنا. وهل يمكن أن نستدل بها على أنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بشيء من أعضاءه لغيره ؟ نعم يمكن ، لأنه إذا تبرع بشيء من أعضائه فهو ظالم لنفسه ، إن كان بعد موته فهذا انتهاك لحرمته بعد الموت وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( كسر عظم الميت ككسره حيا ) وإن كان في حياته فهو ظلم لنفسه بفقد هذا العضو الذي تبرع به ، ولنقل إنها إحدى الكليتين ، في هذا ظلم لنفسه بلاشك ، لأن الله لم يخلقهما عبثا بل هما متعاونتان على تصفية الغذاء الذي يتخلى العروق والبدن ، فإذا فقدت إحداهما صار العمل على واحدة منهما وما أقرب أن تكل وتمل وتعتب ، لا يقال إنها تقوم مقام ثنتين ، لا يقال إن الواحد تقوم مقام اثنتين كما أن العين تقوم مقام العينين ، لأن هناك فرقا بين عملية الكلا وعملية العينين ، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: لو أن شخصا جنا على عين أعور فتلف فعليه دية كاملة لأنه أذهب بذهابها البصر بخلاف الكلية . فيمكن أن نأخذ من هذه الآية أنه يحرم على الإنسان أن يتبرع بشيء من أعضائه لأنه سوف يبقى العضو الباقي في تعب شديد ، ثم نقول هب أنه قام بالوظيفة لكن لو طرد عليه المرض معناه ليس هناك ما يقوم مقامه فيهلك ، وأما مسألة إن هذا من باب المساعدة والعطف وما أشبه ذلك ، يعني العطف على المريض فيقال: لكن نفسك أبدأ، ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وهنا لا مجال لغيرك . من فوائد الآية الكريمة: وجوب التوبة ، لقوله: (( فتوبوا إلى بارئكم )) . والتوبة هي رجوع الإنسان من معصية الله إلى طاعة الله ، ولها شروط: الشرط الأول: الإخلاص لله عزوجل . والثاني: الندم على ما وقع من الذنب . والثالث: الإقلاع عنه في الحال . والرابع: العزم على أن لا يعود . والخامس: أن تكون التوبة في وقت قبول التوبة ، هذه شروط خمسة ، أولا: الإخلاص ودليله قوله تعالى: (( فاعبد الله مخلصا له الدين )) والتوبة من العبادة ، وقوله في الحديث القدسي: ( من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) . الشرط الثاني: الندم على ما حصل وأن يتمنى بكل قلبه أنه لم يقع ، لأنه إذا لم يندم لم يمكن أن تتحقق التوبة يعني إذا كان عنده سواء أن فعل أم لم يفعل فأين التوبة ؟ فلابد من الندم . قد يقول القائل: الندم انفعال نفسي كيف يصطنع الإنسان الانفعال ؟ نقول: يصطنع بأن يحزن ويتمنى أنه لم يفعل . والثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال ، لأنه كيف يتوب الإنسان يعني هذا دليل عقلي كيف يتوب الإنسان من شيء هو متلبس به ؟ هذا امتناعه عقلا ، وامتناعه شرعا قال الله تعالى: (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) . ومن ذلك أنه إذا كانت المظلمة في حق آدمي فلابد من التخلص من هذا الأمر، إما بإحسانه إليه وإما بالتحلل منه، فمثلا إذا سرق الإنسان مالا من شخص وتاب إلى الله فماذا يصنع ؟ لا تتم توبته حتى يرد المسروق إلى مالكه ، لابد وإلا فهو كاذب ، فإن لم يجد مالكه وأيس من وجوده أو من وجود ورثته فليتصدق به عنه والله تعالى يعلم ذلك . الشرط الرابع: العزم على ألا يعود يعني يعزم بنفسه أنه لن يعود أبدا إلى هذا الذنب، لأنه إذا تاب وهو يحدث نفسه أنه قد يعود إليه فليس بتائب . والشرط هنا العزم على أن لا يعود أو الشرط أن لا يعود ؟ العزم على أن لا يعود ، وبناء على ذلك نقول لو عاد بعد أن عزم أن لا يعود فهل ينتقض التوبة ؟ لا ، التوبة الأولى لن تنتقض، عليه أن يجدد توبة للذنب الجديد . الخامس: أن تكون في وقت تقبل فيه التوبة ، فإن كانت التوبة في وقت لا تقبل فيه التوبة لم تنفعها ، وهذا وقتان ، وقت خاص ووقت عام ، الوقت الخاص هو حضور الأجل فإذا حضر أجل الإنسان لم تنفعه التوبة، لقول الله تعالى: (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) هؤلاء ليس لهم توبة ، وقد بين الله تعالى وقوع ذلك تطبيقا في قصة فرعون (( حتى إذا أدركه الغرض قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) فقيل له: (( آلآن )) ؟ يعني آلآن تتوب (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين)). أما الوقت العام فهو خروج الشمس من مغربها ، لأن الشمس ... كما تعلمون من مشرقها إلى مغربها ، إذا أذن الله تعالى بفناء العالم عادت الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمن الناس أجمعون ، ولكن حينئذ (( لا ينفع نفسا إيمانها أو لم تكن آمنت من قبل أو كسبت من إيمانها خيرا )) ، وإذا كانت هذه هي الشروط دل ذلك على وجوب مبادرة التوبة لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت ، فبادر بالتوبة إلى الله في حق الله وبادر بالتوبة في حق العباد بأداء الحقوق إلى أهلها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( مطل الغني ظلم ) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن التوبة مقبولة حتى من الشرك ، لقوله: (( فتوبوا إلى بارئكم )) وهو كذلك ، يقبل الله التوبة حتى من الشرك . ومن فوائدها: أن الإنسان قد يكون بعد التوبة خير منه قبلها ، وهي أن الإنسان قد يكون بعد التوبة خير منه قبلها ، لقوله: (( ذلكم خير لكم عند بارئكم )) . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات مقتضيات أسماء الله عزوجل، وهو الذي يسمى في اصطلاح العلماء الحكم أو الأثر المترتب على الاسم ، لقوله: (( فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم )) إذا فتوبته عليهم من مقتضى اسمه التواب . ومن المعلوم أن أسماء الله الحسنى لا يتم الإيمان بها إلا بثلاثة شروط فيما يتعدى وشرطين فيما لا يتعدى ، الحي من أسماء الله لا يتم الإيمان به إلا إذا آمنت بأن الله هو الحي ، وآمنت بأن له حياة ، وأما إذا كان الاسم متعديا فلابد من إثبات الاسم وإثبات الصفة وإثبات ما يتعدى إليه هذا الاسم وهو الأثر أو الحكم ، الرحم متعدي أو لا ؟ متعدي ، متعدي ، لأنك تقول رحم الله فلانا ، فلابد أن تؤمن الرحيم اسما من أسماء الله وبما دل عليه من الرحمة ، والثالث: وأنه تعالى يرحم بهذه الحرمة من يشاء ، وهذه القواعد معروفة عند أهل العلم خلافا لأهل البدع الذين قالوا إن أسماء الله يجوز أن تتخلف عنها الصفات ، فيقولون إنه سميع بلا سمع وعليم بلا علم ، هل هذا معقول ؟ جميع لغات العالم لا يمكن إلا أن يكون المشتق دالا على أصل اشتقاقه لابد ، لا يمكن أن تصف الأعمى بالبصير ولا الأصم بالسميع ولا الأخرص بالمتكلم ، هذا ممتنع في جميع لغات العالم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين )) .
أظن قرأنا بعض ما قرأ ؟ نعم ، قال الله تعالى: (( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )) أخذنا فوائدها ؟ إلى أين ؟ (( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب ... )) في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قد ينعم على بعض القوم ويفتح عليه بما لم يفتح على أحد غيرهم ، ما فسرناها ؟ طيب . .