الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة .............>> حفظ
من فوائد الآيات أولا: قوله تعالى عن موسى: (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة ... )) فيها فوائد منها: فضيلة أرض الشام ، لقوله: (( المقدسة )) وسبق أن معنى المقدسة أي مطهرة من الأوثان والشرك لأنها بلاد الأنبياء ، ويدل لفضيلتها قوله تعالى: (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )) هذا أيضا من تقديسه . ومن فوائد هذه الآية: أن الله تعالى كتب أرض الشام لبني إسرائيل ، لقوله: (( التي كتب الله لكم)) . ومن فوائدها: أنه ينبغي للداعية أن يذكر ما يهيج النفوس ويغريها للقبول ، لأنه هنا ذكر أن الأرض مقدسة وأن الله كتبها لهم والثالث قوله: (( ادخلوا الأرض )) وكأن هذه بشارة بأنهم سوف ينتصرون وسوف يدخلون الأرض ، فكانت هنا البشارة من وجوه ثلاثة ، ما هي ؟ قوله: (( ادخلوا )) ، والثاني ؟ (( الذي كتب الله لكم )) ، والثالث ؟ (( المقدسة )) . من فوائد الآية الكريمة: أن الكتابة نوعان ، شرعية ، وقدرية ، كتابة قدرية ، والكتابة القدرية تأتي غالبا مقرونة باللام ، والكتابة الشرعية تأتي غالبا مقرونة بعلى ، وهذا غالبا لا دائما بدليل قوله: (( ولو لا أن كتب الله عليهم الجلاء )) والكتابة هنا قدرية أو شرعية ؟ قدرية ما فيه إشكال ، ما فرض الله عليهم الجلاء فرضا شرعيا ولكن قدريا ، لكن الغالب أن القدرية باللام والشرعية بعلى. من فوائد هذه الآية الكريمة: أن بني إسرائيل أحق بأرض الشام من غيرهم ، لقوله: (( التي كتب الله لكم )) ماذا تقولون ؟ نقول هم أحق الناس بها وهي مكتوبة لهم حين كانوا مؤمنين، فهي كتبت لهم لا لأنهم من بني إسرائيل بل لأنهم مؤمنون ، ولاشك أنهم في عهد موسى هم أفضل أهل الأرض وقد قال الله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) إذا فقول بني إسرائيل إن هذه أرض ميعاد نقول إن شاء الله هي أرض ميعاد هلاكهم أما أنها أرض لكم مكتوبة شرعا أو قدرا فلا ، قدرا يمكن لكن شرعا ليس لهم حق فيها إطلاقا (( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده )) فكما أن الله أورث بني إسرائيل بلاد فرعون وأرضه لأنهم كانوا مسلمين فكذلك المؤمنون المسلمون بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرثون بني إسرائيل . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأمور لا تتم إلا بوجود المصالح وانتفاء المفاسد، لقوله: (( ولا ترتدوا على أدبارهم )) ولذلك تجدون الشرع . تجدون الشرع أوامر والنواهي ، لأنها لا تتم العبادة إلا بأن يرغم الإنسان نفسه على فعل الطاعات وعلى الكف عن المعاصي والمحرمات ، فالشرع تجده كله فيه فعل وفيه ترك حتى يتم الامتحان والاختبار ، أضرب لكم مثلا في الصوم، فيه أيش ؟ ترك للمحبوب، في الزكاة بذل المحبوب ، وهذا هو الذي يكون فيه تمام الامتحان . ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الكفر ردة ، ردة عن الاستقامة ، لقوله: (( ولا ترتدوا على أدباركم )) فالمرتد الآن متأخر أو متقدم ؟ متأخر ، إذا قلنا صار الإيمان تقدما، ولهذا نقول في أولئك القوم الذين يريدون من الأمة الإسلامية أن ترجع إلى الورى وهو عندهم التقدم نقول أخطأتم ، هم يرون أن رجوع الناس إلى زمن السلف الصالح يرونه تأخرا ، ونحن نقول لهم مخالفة طريق سلف الصالح هو التأخر ، لأنه يسمى في القرآن ردة أو ارتداد على الدبر ، لكن موافقة السلف الصالح هو التقدم حقيقة ولكننا نحتاج إلى عزيمة وقوة وتطبيق . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الارتداد على العقب سبب للخسارة ، أي خسارة هي ؟ الدنيا والآخرة (( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة ألا ذلك هو الخسران المبين )) وإنما قلت إن الردة الأعقاب سبب للخسران ، لأن الفاء في قوله: تنقلبوا فاء السببية ، ولهذا نصب الفعل بعدها لوقوعه بعد النهي (( ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين )) . ومن فوائد هذه الآية أيضا: أنه ينبغي للإنسان الداعي إلى الله أن يذكر عواقب السيئات من أجل تنفيذ النفوس ، صحيح أن الدعوة إلى الله تعالى تحصل بأن يقول هذا حلال وهذا حرام وهذا واجب ، لكن إذا ذكر الترغيب والترهيب كان في ذلك حرض للنفوس على الامتثال ، وهنا قال موسى لقومه: (( فتنقلبوا خاسرين )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن ذكر العقوبة الدنيوية من أجل ردع الناس عن المعاصي لا ينافي الإخلاص، انتبه صح ؟ ذكر العواقب السيئة في الدنيا من أجل ردع الناس عن المخالفة لا ينافي الإخلاص ، ولهذا كان الرسل يقولون هذا يحذرون أقوامهم كما أن ذكر العواقب الحسنى من أجل الحث على فعل الطاعة لا ينافي الإخلاص ، ألم تروا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من أحب أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه ) أليس هذا أمرا دنيويا ؟ دنيوي ومع ذلك ذكره النبي عليه الصلاة والسلام وسيلة إلى فعل الطاعة وهي صلة الرحم ، وقول بعض الناس إن الإخلاص حقيقة أن تعبد الله لله لا لثواب الله ، هذا خطأ مخالف لهدي النبي عليه الصلاة السلام، اقرأ قول الله تعالى: (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بنيهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا )) يبتغون الفضل من الله ورضوان ، لكن القول الذي أشرت إليه هو قول بعض الصوفية يقولون إنك إذا لاحظت الثواب فقد أشركت بالله ـ نسأل الله العافية ـ الله عزوجل يرشدنا إلى هذا ويبين أن هذا هو طريق الرسول وأصحابه وأنت تقول إن هذا من الإشراك ؟ صحيح أن من أراد الدنيا بعمل الآخرة عنده نوع من الإشراك لكن إذا جعل نصيبه من الدنيا عونا له على طاعة الله فليس له إشراك بالله ، وانظر إلى الفواحش ، الزنا مثلا له عقوبة أو لا ؟ له عقوبة ، العقوبة لماذا ؟ من أجل أن يبتعد الناس عنه، ويخشى إذا زنا أن يجلد أو يقتل، قطع اليد في السرقة نفس الشيء من أجل أن يحافظ الناس عن السرقة ولا يقدموا عليه ، لا يقال يكفي الوازع الإيماني، لا يقال هذا ، لأننا لو قلنا يكفي الوازع الإيماني لوجب أن نعطل جميع الحدود ، ولكن نقول الوازع الإيماني لاشك هو الأصل لكن الرادع السلطاني مقوم أو مقول لهذا الأصل وهو لا . ثم قال تعالى: (( يا موسى إن فيها قوما جبارين ... )) .