دعوة الكتاب والسنة دعوة علم وعمل ، ما هي حقيقة هذه الكلمة أمام الواقع العملي والأماني المرجوة .؟ حفظ
الشيخ : هات الآن ما عندك .؟
الحلبي : جزاكم الله خيرا ، السؤال الأول أستاذنا يقول السائل : دعوة الكتاب والسنة دعوة علم وعمل ، ما هي حقيقة هذه الكلمة أمام الواقع العملي والأماني المرجوة ؟ .
الشيخ : الحقيقة هي كما جاء في السؤال ، ولكن قد قلت أنا آنفا تعليقا على حديث ذلك الأعرابي الذي قال : ( والله لا أزيد عليهن ولا أنقص ) وتابعت كلامي وقلت أن من الفرائض الابتعاد عن المحرمات ، وأن الإنسان عليه أن يجمع بين الإتيان بالفرائض والابتعاد عن المحرمات ، قلت في أثناء هذه الكلمة ، وأن يفعل من ذلك ما يستطيع ، وإذا كان يستطيع أن يضم إلى ذلك شيئا من الطاعات والعبادات الأخرى التي هي غير واجبة فذلك خير وأبقى ، الشاهد : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) والناس اليوم في الحقيقة ، وأعني بالناس الذين يهتمون بدينهم ويلتزمون أحكام شريعتهم ، ولا أعني أولئك الآخرين الذين ...
في الصنف الأول من الناس الملتزمين للأحكام الشرعية هم حيارى ماذا أو كيف يسلكون وكيف يعملون في الإسلام ، والإسلام اليوم محكوم بأحكام غير إسلامية وبدول لا تحكم بما أنزل الله ، فماذا العمل ؟ نقول نحن كلمة مختصرة والبحث في هذا طويل الذيل ، نقول كلمة مختصرة جدا قرأناها لأحد الدعاة الإسلاميين رحمه الله ، وهي عندي كأنها من وحي السماء ، ولا وحي بعد رسول الله ، ولكن هناك الإلهام ، تلك الكلمة التي هي تقول : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " .
اليوم هناك جماعات كثيرة جدا ، كل جماعة تدعي أنها تعمل للإسلام وتعمل لإقامة حكم الإسلام والنظام الإسلامي في الأرض ، وبعضهم يكاد قد مضى عليهم نحو قرن من الزمان ثم لا شيء إلا الهتافات والصياحات ، ما هو السبب يا ترى .؟
السبب أننا لا نبدأ من حيث بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعض هذه الجماعات لا تفكر إطلاقا بتهذيب النفس وإصلاح الأفراد ، ووضع القاعدة التي تبنى عليها الدولة أو يتحقق بها المجتمع الإسلامي ، كلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في أمة جاهلية جهلاء ، ترتكب مختلف المآثم والذنوب ، ومع ذلك فقد ظل نحو أكثر من عشرة سنين بل بالضبط ثلاثة عشر سنة وهو يدعوا إلى التوحيد ، إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وهو لا يجاهد ولا يقاتل ولا يحرم الخمر والميسر وقتل النفس البريئة بغير حق إلى آخره ، وإنما : (( أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) ثلاثة عشر سنة هكذا ، ثم هاجر الرسول عليه السلام إلى المدينة ، وهناك بدأت الأحكام تنزل بشيء من التفصيل ، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤسس الدولة المسلمة بعد أن أوجد الأفراد ورباهم عليه الصلاة والسلام على عينه ، وأحسن تأديبهم ، ووثق من تربيته إياهم ، فأصبح يقينا يشعر بأنهم يفدونه بكل شيء ، بأنفسهم وبأموالهم وبكل عزيز لديهم ، بعد ذلك بدأت المعركة بينه وبين العرب وبين اليهود ، وهذا له سيرة طويلة تعرفونها .
الشاهد أن الرسول عليه السلام أول ما بدأ إنما بدأ بتأسيس قاعدة الإسلام ، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، كثير من الجماعات الإسلامية اليوم حريصين على إقامة الحكم الإسلامي ، ولكن يصدق فيهم قول ذلك الشاعر العربي :
" أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
كل من يخالف منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآن أقول بعد أن أوضحت لكم معنى السنة ، كل من يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وقد عرفتم معنى السنة المنهج الذي سار عليه الرسول عليه السلام ـ فلن ينجح أبد الحياة ، لن ينجح ، لأنه لم يسلك الطريق التي سنها لنا الرسول عليه السلام ، قال في الحديث الأول : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ) فالذين يريدون إقامة حكم الله في الأرض إذا لم يسلكوا الطريق التي سلكها الرسول عليه السلام فلن يصلوا إلى بغيتهم بتاتا ، بل كلما تأخر العهد بهم كلما ابتعدوا عن الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم ، كيف لا وعامة العالم الإسلامي اليوم ـ وفيهم الأفراد الذين ينتمون إلى كثير من تلك الجماعات ـ لا يعرفون بعد معنى لا إله إلا الله ، لا يعرفون هذه الشهادة ، هذه الكلمة الطيبة ، والله عز وجل يقول في القرآن الكريم : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) فإذا كان هذا الأمر الإلهي الموجه إلى أمة الرسول عليه السلام في شخص الرسول ، الخطاب لمن ؟ (( فاعلم )) الخطاب لفرد ، لكن هو في الواقع الخطاب لأمة الرسول عليه السلام ، لأن الله تبارك وتعالى حينما اصطفى نبيه عليه الصلاة والسلام رسولا للعالمين رحمة جميعا لهم ، بلا شك هو يعلم معنى التوحيد معنى لا إله إلا الله ، فحينما يقول : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) هو من باب ـ وإن كان هذا ربما لا يناسب لكن لا بأس ـ هو من باب : الكلام إليك يا كنه لكن اسمعي يا جارة ، فالخطاب هذا ليس للرسول في القصد والمرمى، في اللفظ هو له ، لكن في القصد والمرمى لمن ؟ لأمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمة الرسول الآن تبلغ الملايين المملينة لا أعنيها بكلامي هذا ، وإنما أعني بهذا الكلام الجماعات التي تعمل لإقامة حكم الإسلام في الأرض ، هذه الأمة هل علمت هل ائتمرت بهذا الأمر الإلهي الذي وجه إلى الأمة جميعا في شخص نبيهم عليه السلام .؟
أقول مع الأسف لا ، أقول مع الأسف لا ، أكثرهم لا يعلمون معنى هذه الكلمة الطبية ، هم يقولونها بلاشك ، وقد قالها من صار تحت ضربة السيف ، لكن هو يعلم .؟ الله أعلم ، مع ذلك لما قالها هذا الرجل ولم يثق المسلم حينما رآه قالها تقية ، لم يثق بهذه الكلمة فضربه وقتله ، لكن الرسول عليه السلام الذي جاء بشريعة تمشي على ظواهر الأمور ، قال له : ( هلا شققت عن قلبه ؟ ) فما يجوز إجراء الأحكام هكذا في بواطن الأمور لأنه لا يعلمها إلا الله عز وجل ، لكن المسلم الذي يرجوا أولا النجاة من الخلود في النار بسبب الإشراك بالله عز وجل ، وليس هذا هو فقط الذي يرجوه هؤلاء ، وإنما يرجون أن يقيموا حكم الله في الأرض ، هؤلاء الناس ينبغي أن يكونوا في الحقيقة نخبة المسلمين ، نخبة الأمة الإسلامية التي خوطبت بقوله : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) فهما وعملا وخلقا ، فأين هؤلاء وهم يبعدون كل البعد عن فهم كلمة التوحيد فضلا عن تفصيل هذه السنة التي ذكرنا فيها حديثين اثنين .؟! ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ، ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) إذا نحن الذين ننتمي إلى جماعات عديدة كلها تشملها دائرة الإسلام يجب أن نتفق على كلمة سواء ، ما هي هذه الكلمة السواء.؟ ليست الكلمة هي كلمة لفظ يتلفظ به أحدنا ثم هو لا يدري مغزاها ولا مرماها ، وإنما نتفق على كلمة سواء : (( أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )) أن لا نعبد إلا الله ، هل هناك في كثير من الأمة المسلمة التي خوطبت بتلك الآية الكريمة من يعبد غير الله .؟ البلاد الإسلامية ممتلئة بعبادة المسلمين لغير الله ، لكن أكثر الناس لا يعلمون ، لكن أكثر الناس لا يعلمون ولا يشكرون رب العالمين الذي أرسل إليهم هذا النبي الكريم ، وتركهم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك .
فالكلمة السواء عودا إلى الكتاب والسنة فهما وعملا ، وبدون ذلك لا حياة للمسلمين إطلاقا ، هذا الذي يجب أن نعمل به ويجب أن لا نستبق الأمور ونفعل ، أو يصدق علينا تلك النكتة التي تروى عن ذلك الراعي الذي كان يرعى غنم أهل القرية ، فجلس ذات يوم في خيمته المتواضعة وقد علق تحتها القدر الممتلئ بقليل من السمن الذي جمعه من الغنم ، فجلس ذات يوم في الظهيرة يرتاح وأخذ يفكر أنه أنا بكرة يكثر مالي وأتزوج وربنا عز وجل يرزقنا من الأولاد ويصيروا يعاونوني ، وإذا واحد ما منهم ما يسمع كلامي والله لأفعل وأفعل ، وأرفع العصا هذه وأضربه ، وما راح غير العصاية ضربت الجرة فوق رأسه وتلبست السمنة بدنه كله ، فهذا عم يفكر في الخيال ، وعليه أن يعمل ما فرض الله عليه من طاعته وفي حدود ما يستطيع .
نحن الآن نستبق الأمور ، نفكر كيف نقيم الدولة المسلمة ، كيف نتخلص من هذا الظلم ، وهذا الذل المحيط بنا من كل جانب ، بينما الدويلة الصغيرة التي أمرنا الحكيم بقوله : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " هذه الدويلة الصغيرة بعد ما أقمناها في قلوبنا ، فكيف نقيم هذا الصرح الشامخ ، هذه الدولة العظيمة التي تحتاج إلى نوعيات من المسلمين ثقافة إسلامية عامة بالإسلام كما قلنا آنفا فهما وتطبيقا ، ثم تحتاج إلى نوعيات معينة جمعوا من العلم الذي يحتاجه المسلمون اليوم في العصر الحاضر ما به يتحقق الفرض الكفائي في تعبير الفقهاء ، نسأل الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا ، وأن يسر لنا الطريق التي إذا سلكناها هذبنا أنفسنا ، وكنا لبنة صالحة لإقامة حكم الله عز وجل في الأرض .
الحلبي : جزاكم الله خيرا ، السؤال الأول أستاذنا يقول السائل : دعوة الكتاب والسنة دعوة علم وعمل ، ما هي حقيقة هذه الكلمة أمام الواقع العملي والأماني المرجوة ؟ .
الشيخ : الحقيقة هي كما جاء في السؤال ، ولكن قد قلت أنا آنفا تعليقا على حديث ذلك الأعرابي الذي قال : ( والله لا أزيد عليهن ولا أنقص ) وتابعت كلامي وقلت أن من الفرائض الابتعاد عن المحرمات ، وأن الإنسان عليه أن يجمع بين الإتيان بالفرائض والابتعاد عن المحرمات ، قلت في أثناء هذه الكلمة ، وأن يفعل من ذلك ما يستطيع ، وإذا كان يستطيع أن يضم إلى ذلك شيئا من الطاعات والعبادات الأخرى التي هي غير واجبة فذلك خير وأبقى ، الشاهد : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) والناس اليوم في الحقيقة ، وأعني بالناس الذين يهتمون بدينهم ويلتزمون أحكام شريعتهم ، ولا أعني أولئك الآخرين الذين ...
في الصنف الأول من الناس الملتزمين للأحكام الشرعية هم حيارى ماذا أو كيف يسلكون وكيف يعملون في الإسلام ، والإسلام اليوم محكوم بأحكام غير إسلامية وبدول لا تحكم بما أنزل الله ، فماذا العمل ؟ نقول نحن كلمة مختصرة والبحث في هذا طويل الذيل ، نقول كلمة مختصرة جدا قرأناها لأحد الدعاة الإسلاميين رحمه الله ، وهي عندي كأنها من وحي السماء ، ولا وحي بعد رسول الله ، ولكن هناك الإلهام ، تلك الكلمة التي هي تقول : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " .
اليوم هناك جماعات كثيرة جدا ، كل جماعة تدعي أنها تعمل للإسلام وتعمل لإقامة حكم الإسلام والنظام الإسلامي في الأرض ، وبعضهم يكاد قد مضى عليهم نحو قرن من الزمان ثم لا شيء إلا الهتافات والصياحات ، ما هو السبب يا ترى .؟
السبب أننا لا نبدأ من حيث بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعض هذه الجماعات لا تفكر إطلاقا بتهذيب النفس وإصلاح الأفراد ، ووضع القاعدة التي تبنى عليها الدولة أو يتحقق بها المجتمع الإسلامي ، كلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في أمة جاهلية جهلاء ، ترتكب مختلف المآثم والذنوب ، ومع ذلك فقد ظل نحو أكثر من عشرة سنين بل بالضبط ثلاثة عشر سنة وهو يدعوا إلى التوحيد ، إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وهو لا يجاهد ولا يقاتل ولا يحرم الخمر والميسر وقتل النفس البريئة بغير حق إلى آخره ، وإنما : (( أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) ثلاثة عشر سنة هكذا ، ثم هاجر الرسول عليه السلام إلى المدينة ، وهناك بدأت الأحكام تنزل بشيء من التفصيل ، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤسس الدولة المسلمة بعد أن أوجد الأفراد ورباهم عليه الصلاة والسلام على عينه ، وأحسن تأديبهم ، ووثق من تربيته إياهم ، فأصبح يقينا يشعر بأنهم يفدونه بكل شيء ، بأنفسهم وبأموالهم وبكل عزيز لديهم ، بعد ذلك بدأت المعركة بينه وبين العرب وبين اليهود ، وهذا له سيرة طويلة تعرفونها .
الشاهد أن الرسول عليه السلام أول ما بدأ إنما بدأ بتأسيس قاعدة الإسلام ، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، كثير من الجماعات الإسلامية اليوم حريصين على إقامة الحكم الإسلامي ، ولكن يصدق فيهم قول ذلك الشاعر العربي :
" أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
كل من يخالف منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآن أقول بعد أن أوضحت لكم معنى السنة ، كل من يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وقد عرفتم معنى السنة المنهج الذي سار عليه الرسول عليه السلام ـ فلن ينجح أبد الحياة ، لن ينجح ، لأنه لم يسلك الطريق التي سنها لنا الرسول عليه السلام ، قال في الحديث الأول : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ) فالذين يريدون إقامة حكم الله في الأرض إذا لم يسلكوا الطريق التي سلكها الرسول عليه السلام فلن يصلوا إلى بغيتهم بتاتا ، بل كلما تأخر العهد بهم كلما ابتعدوا عن الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم ، كيف لا وعامة العالم الإسلامي اليوم ـ وفيهم الأفراد الذين ينتمون إلى كثير من تلك الجماعات ـ لا يعرفون بعد معنى لا إله إلا الله ، لا يعرفون هذه الشهادة ، هذه الكلمة الطيبة ، والله عز وجل يقول في القرآن الكريم : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) فإذا كان هذا الأمر الإلهي الموجه إلى أمة الرسول عليه السلام في شخص الرسول ، الخطاب لمن ؟ (( فاعلم )) الخطاب لفرد ، لكن هو في الواقع الخطاب لأمة الرسول عليه السلام ، لأن الله تبارك وتعالى حينما اصطفى نبيه عليه الصلاة والسلام رسولا للعالمين رحمة جميعا لهم ، بلا شك هو يعلم معنى التوحيد معنى لا إله إلا الله ، فحينما يقول : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) هو من باب ـ وإن كان هذا ربما لا يناسب لكن لا بأس ـ هو من باب : الكلام إليك يا كنه لكن اسمعي يا جارة ، فالخطاب هذا ليس للرسول في القصد والمرمى، في اللفظ هو له ، لكن في القصد والمرمى لمن ؟ لأمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمة الرسول الآن تبلغ الملايين المملينة لا أعنيها بكلامي هذا ، وإنما أعني بهذا الكلام الجماعات التي تعمل لإقامة حكم الإسلام في الأرض ، هذه الأمة هل علمت هل ائتمرت بهذا الأمر الإلهي الذي وجه إلى الأمة جميعا في شخص نبيهم عليه السلام .؟
أقول مع الأسف لا ، أقول مع الأسف لا ، أكثرهم لا يعلمون معنى هذه الكلمة الطبية ، هم يقولونها بلاشك ، وقد قالها من صار تحت ضربة السيف ، لكن هو يعلم .؟ الله أعلم ، مع ذلك لما قالها هذا الرجل ولم يثق المسلم حينما رآه قالها تقية ، لم يثق بهذه الكلمة فضربه وقتله ، لكن الرسول عليه السلام الذي جاء بشريعة تمشي على ظواهر الأمور ، قال له : ( هلا شققت عن قلبه ؟ ) فما يجوز إجراء الأحكام هكذا في بواطن الأمور لأنه لا يعلمها إلا الله عز وجل ، لكن المسلم الذي يرجوا أولا النجاة من الخلود في النار بسبب الإشراك بالله عز وجل ، وليس هذا هو فقط الذي يرجوه هؤلاء ، وإنما يرجون أن يقيموا حكم الله في الأرض ، هؤلاء الناس ينبغي أن يكونوا في الحقيقة نخبة المسلمين ، نخبة الأمة الإسلامية التي خوطبت بقوله : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) فهما وعملا وخلقا ، فأين هؤلاء وهم يبعدون كل البعد عن فهم كلمة التوحيد فضلا عن تفصيل هذه السنة التي ذكرنا فيها حديثين اثنين .؟! ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ، ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) إذا نحن الذين ننتمي إلى جماعات عديدة كلها تشملها دائرة الإسلام يجب أن نتفق على كلمة سواء ، ما هي هذه الكلمة السواء.؟ ليست الكلمة هي كلمة لفظ يتلفظ به أحدنا ثم هو لا يدري مغزاها ولا مرماها ، وإنما نتفق على كلمة سواء : (( أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )) أن لا نعبد إلا الله ، هل هناك في كثير من الأمة المسلمة التي خوطبت بتلك الآية الكريمة من يعبد غير الله .؟ البلاد الإسلامية ممتلئة بعبادة المسلمين لغير الله ، لكن أكثر الناس لا يعلمون ، لكن أكثر الناس لا يعلمون ولا يشكرون رب العالمين الذي أرسل إليهم هذا النبي الكريم ، وتركهم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك .
فالكلمة السواء عودا إلى الكتاب والسنة فهما وعملا ، وبدون ذلك لا حياة للمسلمين إطلاقا ، هذا الذي يجب أن نعمل به ويجب أن لا نستبق الأمور ونفعل ، أو يصدق علينا تلك النكتة التي تروى عن ذلك الراعي الذي كان يرعى غنم أهل القرية ، فجلس ذات يوم في خيمته المتواضعة وقد علق تحتها القدر الممتلئ بقليل من السمن الذي جمعه من الغنم ، فجلس ذات يوم في الظهيرة يرتاح وأخذ يفكر أنه أنا بكرة يكثر مالي وأتزوج وربنا عز وجل يرزقنا من الأولاد ويصيروا يعاونوني ، وإذا واحد ما منهم ما يسمع كلامي والله لأفعل وأفعل ، وأرفع العصا هذه وأضربه ، وما راح غير العصاية ضربت الجرة فوق رأسه وتلبست السمنة بدنه كله ، فهذا عم يفكر في الخيال ، وعليه أن يعمل ما فرض الله عليه من طاعته وفي حدود ما يستطيع .
نحن الآن نستبق الأمور ، نفكر كيف نقيم الدولة المسلمة ، كيف نتخلص من هذا الظلم ، وهذا الذل المحيط بنا من كل جانب ، بينما الدويلة الصغيرة التي أمرنا الحكيم بقوله : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " هذه الدويلة الصغيرة بعد ما أقمناها في قلوبنا ، فكيف نقيم هذا الصرح الشامخ ، هذه الدولة العظيمة التي تحتاج إلى نوعيات من المسلمين ثقافة إسلامية عامة بالإسلام كما قلنا آنفا فهما وتطبيقا ، ثم تحتاج إلى نوعيات معينة جمعوا من العلم الذي يحتاجه المسلمون اليوم في العصر الحاضر ما به يتحقق الفرض الكفائي في تعبير الفقهاء ، نسأل الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا ، وأن يسر لنا الطريق التي إذا سلكناها هذبنا أنفسنا ، وكنا لبنة صالحة لإقامة حكم الله عز وجل في الأرض .