ما توجيهات الشيخ في ما وقع في هذا الزمان من ضعف القلوب و حب الصدارة.؟ حفظ
الشيخ : نعم .
الحلبي : يقول السائل : ضعف القلوب وأدواء النفوس وحب الصدارة أمراض أصابت المسلمين بشكل عام ، والدعاة إلى الله بشكل خاص ما هي توجيهاتكم لتدارك هذا الحال المؤسف .؟
الشيخ : والله هذه قضية الحقيقة دقيقة جدا وليس لها مخلص ومنجى إلا تقوى الله تبارك وتعالى ، وليس يملك هداية القلوب إلا علام الغيوب سبحانه وتعالى ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يرسل بعض أصحابه لغزوة أو لدعوة كان يكتفي بأن يأمره بتقوى الله ، واجتناب محارم الله ، وأن يخالط الناس بخلق حسن ، يخالطهم ويخالقهم بخلق حسن ، فإذا كانت هذه المصائب حلت بجمع كبير من المسلمين وفيهم بعض الدعاة وهذا حقيقة مرة ، فالأمر ليس له علاج إلا بأن يراقب كل مسلم سواء كان داعية أو مدعوا ، أن يراقب الله عزوجل ويتقيه في كل ما يأتي وما يذر ، القضية تحتاج في الواقع كوسائل إلى مربين ، هذا أمر لا ينكر ، إلى مربين ، لكن هؤلاء المربون يجب أن يكونوا أولا : قد تهذبت نفوسهم وخلصت نواياهم لرب العالمين ، وثانيا : قد أوتوا حضا كبيرا من العلم بالكتاب والسنة حتى يتوجهوا لتوجيه أفراد الأمة كلها إلى التمسك بالأخلاق الإسلامية ، الابتعاد مثلا عن العجب وعن الغرور وعن طلب الدنيا بالآخرة ، ونحو ذلك مما أصيب به كثير من الناس اليوم .
وقد جاء في الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام : ( بشر هذه الأمة بالرفعة والثناء والمجد والتمكين في الأرض ، ومن عمل منهم عملا للدنيا من عمل الآخرة فليس له في الآخرة من نصيب ) هذه الناحية وهي قضية عدم الإخلاص في الدعوة وعدم الإخلاص في العمل للإسلام هي مشكلة المشاكل في العصر الحاضر ، فكثير من الدعاة الإسلاميين لا يدعون إلا للوظيفة ، وكثير من طلبة العلم لا يطلبون العلم لله وإنما يطلبون العلم ، وهذا أمر واضح جدا ، وأصبح أمر بدهي غفل كل الطلاب عنه إلا من عصم الله منهم ، يطلب العلم لينال الشهادة ، ونيل الشهادة الغرض منها أن يتوظف ، فهو يطلب العلم لينال به الدنيا ، وهذا كما سمعتم في الحديث السابق ليس له في الآخرة من نصيب ، الجهاد في سبيل الله الذي قام في فلسطين وانقطع مع الأسف الشديد ، وقام في أفغانستان ونرجو أن لا ينقطع ، هذا الجهاد في سبيل الله إذا لم يكن المجاهد فيه يقصد به وجه الله فالمتقاعد عن الجهاد خير منه ، المجاهد في سبيل الله إذا قصد غير وجه الله في جهاده هذا يكون المتقاعس والمتقاعد عن الجهاد في سبيل الله خيرا منه ، لماذا ؟ لأن هذا المتقاعس تارك فرض ولا شك ، ولكن ذاك الذي يجاهد في سبيل الله لم يقم بهذا الفرض بل اكتسب إثما ، لماذا ؟ لأنه لم يأتمر بقوله تعالى أو لم يتأدب بقوله تبارك وتعالى : (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) لا يشرك بجهاده أحدا في سبيل الله ، لا يجاهد ليقال فلان ترك بلده وذهب وتغرب من أجل ماذا ؟ من أجل أن يجاهد في أفغانستان ، كل هذه الأفكار والمعاني يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن ذهن المجاهدين في سبيل الله ، وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( قال رجل : يا رسول الله الرجل منا يقاتل حمية هل هو في سبيل الله ؟ قال : لا ، قال : الرجل منا يقاتل شجاعة هل هو في سبيل الله ؟ قال : لا ، قال : الرجل منا يقاتل عصبية هل هو في سبيل الله ؟ قال : لا ، قال: فمن في سبيل الله ؟ قال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) فإذا المهم اليوم بالنسبة لكل أفراد المسلمين وبخاصة الدعاة منهم أن يخلصوا نواياهم وأن يحسنوا أخلاقهم ، ومن ذلك أن يعتادوا على الدعاء الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إياه بفعله حيث كان يقول : ( اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي ) هكذا يجب أن ندعو الله عز وجل في خلواتنا وجلواتنا .