قال الله تعالى : { ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم } حفظ
قال الله تعالى (( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن )) الاستفهام هنا داخل على النفي الاستفهام ألم على الهمزة داخل على النفي وإذا دخل همزة على النفي سار معها التقريب كما في قوله تعالى (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) وكما في قوله تعالى (( ألم نشرح لك صدرك )) يعني قد شرحنا لك صدرك وألا يعلم من خلق يعني قد علم من خلق فإذا أتى حرف النفي بعد همزة الاستفهام فهو للتقليل
وقوله (( يروا )) يحتمل أن يراد بالرؤية هنا الرؤية العلمية أو الرؤية البصرية فالبلاد التي مروا بها مدمرة رؤيتها ايش ؟ بصرية كما في قوله تعالى ( وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وباليل )) الصافات:137] والبلاد التي لم يروها ولم يمروا بها تكون رؤيتها علمية يتناقلها أهل الأخبار
وقوله (( كم أهلكنا )) أي أتلفنا وكم هنا للتكثير يعني أمم أهلكناهم.
(( من قبلهم من قرن )) القرن بعضهم حدده بمائة سنة أو أربعين سنة وبعضهم حدده قال المراد بالقرن القوم الذين يهلكون مثلا في خلال سبعين سنة ربنا يهلك هؤلاء المعرضون ويخلفون غيرهم وعللوا ذلك بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ) قرنه وهم الصحابة في حدود المائة هلكوا (( كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ))
قوله ((مكناهم في الأرض)) قوله (( مكناهم )) الضمير يعود على قرن باعتباره جنسا أي مكنا هؤلاء القرون في الأرض (( ما لم نمكن لكم )) يعني جعلنا لهم ما يتمكنون به ويثبتون به ما لم نمكن لكم بل أعظم وأعظم والسابقون أشد قوة من اللاحقين وأكثر أموال وأولادا وعمروا الأرض أكثر مما عمروها وقوله (( ما لم نمكن لكم )) فيه التفات التفات من الغيبة إلى أتم نعم الى الخطاب و الحضور الالتفات يكون من الغيبة إلى الحضور ومن الحضور إلى الغيبة ومن الإظهار إلى الإضمار المهم له أنواع وفائدته تنبيه السامع أو القارئ على ما سيأتي من بعد وجه ذلك أن الكلام إذا كان على وتيرة واحدة انساب الإنسان معه لكن إذا اختلف توقف ايش الذي طرأ فيكون هذا الالتفات منبها لمن ؟ للقارئ والسامع وهو من أساليب اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية (( وأرسلنا السماء عليهم مدرار )) .