قال الله تعالى : { وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون * ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا و للبسنا عليهم ما يلبسون } حفظ
ثم قال الله عز وجل (( وقالوا لولا أنزل عليه ملك )) قالوا أي المكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم (( لولا أنزل عليه ملك )) أي هلا أنزل عليه ملك ليكون ذلك مصدقا له وهذا الاقتراح اقتراح تعنت وإلا فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بآيات واضحة ولا أعظم من أنهم لما طلبوا آية أراهم انشقاق القمر انشق القمر نصفين وشاهدوه وهذا تغيير في الأفلاك فهو من أكبر الآيات ولكن قولهم هذا من باب التعنت والتحدي والإعجاز (( لولا أنزل عليه ملك )) والملك واحد من الملائكة
(( ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ))يعني لو أنزلنا ملكا لانتهى الأمر بنزول العقاب بهم لأن الأمم السابقة إذا اقترحت آية معينة ثم أعطوا الآية المعينة التي طلبوها ثم لم يؤمنوا أخذوا بالعقاب بدون إمهال ولم تؤخذ قريش بآية انشقاق القمر لأنها لم تطلب هذه الآية المعينة بل قالوا يا محمد أرنا آية فأراهم انشقاق القمر هكذا قال أهل العلم أما إذا اقترح المكذبون للرسل آية معينة ثم جاءت ولم يؤمنوا نزل بهم العذاب
وقوله (( لقضي الأمر )) أي لقضي شأن هؤلاء وذلك بإهلاكهم (( ثم لا ينظرون )) أي ثم لا يمهلون بل يعاجلون بالعقوبة والعياذ بالله (( ولو جعلناه ملكا ))يعني لو جعلنا الرسول ملكا (( لجعلناه رجلا ))حتى لو فرض أنا جعلناه ملكا فلا بد أن نجعله بشرا لأنه لا يتلائم ملك مع البشر ولذلك قال الله عز وجل في سورة الإسراء (( قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ))[الإسراء:95] لكن ليس في الأرض إلا بشر ولا يمكن أن نرسل إليهم ملائكة لأن ذلك لا يناسب (( لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا ))وحينئذ يبقى الإشكال ولذلك قال (( وللبسنا عليهم ما يلبسون )) أي خلطنا عليهم الأمر كما خلطوه على أنفسهم