قال الله تعالى : { وله ما سكن في اليل والنهار وهو السميع العليم } حفظ
ثم قال الله عز وجل (( وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ )) [الأنعام:13] له الضمير يعود على الله عز وجل ما سكن في الليل والنهار سكن يصح أن تكون من السكنى ويصح أن تكون من السكون الذي هو ضد الحركة فإن كان من السكون بقي أن يقال وأين المتحرك ؟ لأن الأشياء إما ساكن وإما متحرك وهنا قال ما سكن والجواب عن هذا الإشكال أن يقال إن هذا من باب الاستغناء بذكر أحد الضدين عن الآخر ونظيره قول الله تعالى (( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ )) [النحل:81] السرابيل تقي الحر والبرد لكن ذكر الحر والبأس لأن اللباسين متفقان هذا يلبس عند حرارة الجو والثاني يلبس عند حرارة القتال فقال
(( سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم )) المهم أنه استغنى بذكر الحر عن ذكر البرد أما إذا جعلناها من السكنى وله ما سكن فالمعنى أن له كل شيء لأن كل المخلوقات ساكنة في مقرها إذا كان الآية صالحة لهذا أو إذا كان اللفظ صالحا لهذا وهذا فهل نستعمله في المعنيين ؟ نعم بشرط ألا يقع بينهما منافاة فإن وقع بينهما منافاة أخذ بما يرجحه الدليل وله ما سكن في الليل والنهار تأمل قوله في الليل والنهار تجد أنه عام في الزمن والتي قبلها (( قل لمن ما في السماوات والأرض )) عام في المكان فذكر الله عز وجل عموم المكان وعموم الزمن ومنه ما كان في قوله (( قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله )) وعموم الزمان (( وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم )) ذكر السمع لكل صوت والعليم بكل حال.
ولا بأس أن نعيد أقسام السمع التي وصف الله بها نفسه وهو أولا قسمان سمع إجابة وسمع صوت سمع الإجابة في مثل قول الله عز وجل (( إن ربي لسميع الدعاء )) هذا يشمل سمع الإجابة وسمع الصوت ومنها قول المصلي سمع الله لمن حمده سمع الصوت أقسام أو أنواع تذكر أنواع لأنك ذكرت الأول أقساما فتذكر الثاني أنواعا النوع الأول المقصود به التأييد والنصر
والثاني المراد به التهديد
والثالث المراد به الإحاطة
مثال الأول الذي يقصد به التأييد قول الله عز وجل لموسى وهارون (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) ومثال الثاني المراد به التهديد قوله تعالى (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى )) ومثال الثالث قول الله تعالى (( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ )) [المجادلة:1]