تتمة تفسير الآية : { قل أي شئ أكبر شهادة............} حفظ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعال وإن لم يجيبوا فقل أنت اجب (( قل الله )) يعني أكبر شهادة (( شهيد بيني وبينكم )) سبق الكلام على اعرابها وذكرنا (( قل أي شيء أكبر شهادة )) يعني قل يا محمد لهؤلاء المكذبين لك أي شيء أكبر شهادة فإن أجابوا خصموا أن شهادة الله لرسوله بالحق نوعان قولية وفعلية قال
(( وأوحي إلي هذا القرآن )) أيضا تكلمنا عليها وبينا معنى القرآن وأنه مصدر إما بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول (( لأنذركم به ومن بلغ )) قلنا من بلغه هذا القرآن فكأنما خاطبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة لأنه قال لأنذركم أيها المخاطبون ومن بلغ (( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى )) هذا الاستفهام للاستنكار وهو استفهام داخل على جملة مؤكدة بـ ( إن ) واللام فهي كقوله تعالى (( قالوا أئنك لأنت يوسف )) همزة داخلة على جملة مؤكدة بـ ( إن ) واللام (( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى )) يؤكد أنهم شهدوا أن مع الله آلهة أخرى وينكر عليهم هذه الشهادة لأن هذه أكبر شهادة ولقد قال هؤلاء (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم )) أي الأشراف (( أن امشوا )) دعوا هذه الدعوة لا تغرنكم
(( واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد )) (( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق... )) إلى آخره
(( قل لا أشهد )) يعني إن شهدتم فأنا بريء منكم لا أشهد أن مع الله آلهة لا أشهد (( قل إنما هو إله واحد )) كرر الأمر بالقول لأهمية الموضوع فأمر أولا بنفي شهادتهم ثم أمر ثانيا بإثبات شهادته (( أن الله إله واحد )) (( قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون )) بريء البراءة بمعنى الخلو ومنه أبرأ الرجل غريمة أي أخلاه من الدين الذي عليه فمعنى بريء مما تشركون أي أني خلي مما تشركون فأنبذه ولا أقرره وقوله (( مما تشركون )) يعم كل ما يشركون به
فإن قال قائل هل هو بريء من عيسى ؟ الجواب أن نقول إن عيسى عليه السلام لا يتبرأ منه الرسول عليه الصلاة والسلام وبناء على هذا فإما أن نجعل ما مصدرية ويكون المعنى بريء من شرككم وإما أن نجعلها موصولة ويستثنى من ذلك من يعبد من دون الله وهو صالح من الأنبياء والملائكة وغيرهم وهذا نظير قول الله تعالى (( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ))[الأنبياء:100] لما نزلت هذه الآية احتج المشركون على النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا إذن عيسى من أهل النار لأنه يعبد من دون الله.