الفوائد حفظ
الآية احتج المشركون على النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا إذن عيسى من أهل النار لأنه يعبد من دون الله فأنزل الله تعالى ردا لهذه الشبهة قوله (( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ))[الأنبياء:101]فيكون عيسى عليه السلام مستثنى من العموم وهنا كذلك نقول فصار المخرج أحد أمرين إما أن نجعل ما مصدرية فيكون المعنى بريء من شرككم أو نجعلها موصولة ويستثنى من ذلك من جعل شريكا مع الله وهو لا يرضى بذلك من الأنبياء والملائكة والصالحين
من فوائد الآية إطلاق اسم الشيء على الله لقوله (( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله )) لأن اسم الاستفهام إذا أضيف إلى كلمة صارت هذه الكلمة صادقة على جواب الاستفهام وهنا جواب الاستفهام ما هو ؟ الله فيكون الله تعالى شيء يعني يصدق أن نسميه شيئا نعم وقد قال البخاري رحمه الله ( وسمى الله نفسه شيئا ) ولكن يجب أن نعلم أنه يخبر بكلمة شيء عن الله ولكن لا يسمى به دليل هذا هو أن الله تعالى له الأسماء الحسنى وكلمة شيء لا تدل على هذا المعنى فيخبر بها عنه ولكنه لا يسمى بها إذن يخبر عن الله بأنه شيء ولكن لا يسمى به
هل يطلق على القرآن بأنه شيء ؟ نعم هو شيء لا شك قالت الجهمية إذا أطلقتم على القرآن أنه شيء فقد أقررتم بأنه مخلوق لأن الله عز وجل قال (( الله خالق كل شيء )) وجوابنا على هذا أن نقول القرآن كلام الله عز وجل وكلام الله وصفه ووصف الخالق غير مخلوق لأن الوصف تابع للذات فكما أن الذات غير مخلوقة فكذلك الوصف ثم لا يمنع أن يكون المراد الله خالق كل شيء أن يكون المراد بهذا العموم الخصوص أي خالق كل شيء من المخلوقات والعموم قد يراد به الخصوص كما في قول الله تعالى عن ريح عاد (( تدمر كل شيء بأمر ربها )) والمعلوم أنها لم تدمر السماء ولا الأرض بل ولا المساكن كما قال عز وجل (( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ))
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن شهادة الله أكبر شهادة ونعم والله إن شهادة الله أكبر شهادة لأنها مبنية على علم ويقين وعدل الخلل في الشهادة أن تكون مبنية على ظن أو على جهل أو على جور لأن الشاهد إما أن يبني على أشياء ظنية أو يشهد عن جهل تام أو يشهد عن جور فكل هذا يخل بالشهادة وشهادة الله عز وجل منزهة عن هذا صادرة عن علم يقيني وعن عدل لا يمكن أن يجور في الشهادة جلا وعلا ولا يمكن أن يشهد إلا عن علم إذن هو أكبر شهادة طيب يدل لذلك القرآن قال الله تعالى (( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ))[النساء:166] يكفي شهادة الله وقال الله عز وجل (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل )) شف بعض الأقاويل بعض هذه مضافة للأقاويل يعني قولا من أقاويل كثيرة يعني أوحينا إليه ألف قول فتقول واحدا لو تقول علينا بعض الأقاويل (( لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين )) شف كلام الله عز وجل هل قطع من الرسول صلى الله عليه وسلم الوتين ؟ لا بل بقي حيا إلى الأجل المحتوم له ونصره الله فدل هذا على أنه حق صلى الله عليه وسلم إذن شهادة الله ذكرنا في التفسير أنها نوعان قولية وفعلية فالقولية كما سمعتم (( لكن الله يشهد بما أنزل إليك )) والفعلية نصره إياه وتمكينه إياه
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن الله عز وجل حاكم بين النبي صلى الله عليه وسلم وخصومه لقوله (( شهيد بيني وبينكم )) فإن قال قائل وهل يطلق الشاهد على الحاكم ؟ فالجواب نعم استمع إلى قول الله عز وجل في سورة يوسف (( وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ))[يوسف:27] شهد شاهد يعني حكم حاكم لأنه ما شهد لأنه يقول إن كان وإن كان لكنه حاكم هنا نقول الحاكم في الواقع شاهد يا إخواني شاهد من وجوه ثلاثة
الوجه الأول أنه يشهد أن الحكم كذا وكذا
والوجه الثاني أنه يشهد على المحكوم عليه بأن الحق عليه
والوجه الثالث أنه يشهد للمحكوم له بأن الحق له فالحكم متضمن للشهادة بلا شك فيصح أن يطلق على الحاكم بأنه شاهد نعم (( قل الله شهيد بيني وبينكم ))
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن موحى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كله ما فيه ولا كلمة ولا حرف غير موحى إليه وأبهم الفاعل لأنه معلوم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أمر أن يقول (( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ))[سبأ:50]
ومن فوائد هذه الآية الكريمة عظمة هذا القرآن حيث أوحي من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ولا شك في هذا وآثار تعظيمه وعظمته كثيرة منها أنه لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل ومنها أنه لا يمسه المحدث حتى يتوضأ ومنها أنه لا يجوز أن تدخل به الأماكن القذرة ومنها أنه لا تجوز اهانته بأن يوضع بين القدمين مثلا ومنها أنه لا يسافر به إلى أرض العدو إذا كان يخشى عليه من الإهانة ومنها أنه لا يجوز بيع المصحف نعم بعض العلماء يقولون لا يجوز بيعه وعللوا ذلك بأن ذلك ابتذال له حتى قال ابن عمر t " وددت أن الأيدي تقطع في بيعه" لأن الواجب على من يستغني عنه أن يبذله لغيره المهم أن تعظيم القرآن واجب وله صور نعم أي تعظيمه له صور ذكرنا منها ما شاء الله
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم كاف في الإنذار لقوله (( لأنذركم به )) فمن لم يتعظ بالقرآن فلا وعظه الله قال الله تعالى (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[يونس:57]
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة لقوله (( لأنذركم به ومن بلغ )) ولكن هل من بلغه القرآن وهو لا يعرف اللغة العربية هل يقال إنها قامت عليه الحجة ؟ لا والدليل قول الله تبارك وتعالى (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ))
ومنها أنه يجب على علماء المسلمين أن يبلغوا القرآن كل أحد لأنهم ورثة الأنبياء ولكم من لم يكن لسانه عربيا فإنه يبلغ معنى القرآن بلسانه ثم يعطى القرآن فيقرأه باللفظ العربي ولهذا نرى بعض الذين لا ينطقون العربية يقرأون القرآن بالعربية وهم لا يعرفون معناه وهذه من آيات الله أن الله يسر القرآن لهم حتى كانوا ينطقون به بالعربي مع أنك لو أعطيتهم قطعة من سطرين فقط نعم ما يقرأون ما يستطيعون لكن هذا من آيات الله وربما نقول أنه داخل في قوله تعالى (( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ))[القمر:17]
فيه أيضا مسألة أخرى إذا بلغ القرآن قوما يعرفون اللغة العربية لكنهم عاشوا في أحضان أئمة الضلال ولا يدرون عن شيء إذ أن أئمة الضلال عندهم هم المبلغون عن الله ورسوله فهل هؤلاء معذورون أم غير معذورين؟
الذي أرى أنهم معذورون لكن عليهم إذا نبهوا للحق أن يبحثوا عنه فإن أصروا مع التنبيه وقالوا (( إنا وجدنا آبائنا على أمة )) فهم كفار وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة عندهم أنهم إن بقوا على جهلهم ولم ينبهوا للحق فإنهم معذورون وإلا فهم غير معذورين وهذا فيمن يدين بدين الإسلام وأما من عرف أنه على غير الإسلام يتبع أئمة الضلال وهو يعرف أنه غير مسلم كالنصارى مثلا واليهود فهؤلاء كفرهم ظاهر حتى هم بأنفسهم يعرفون بأنهم ممن ؟ من أمة الكفر ولا ينتسبون للإسلام
ومن فوائد هذه الآية الكريمة الإنكار على من يشهدون أن مع الله آلهة أخرى الإنكار الشديد لقوله أئنكم لتشهدون وتأمل كيف أتت الجملة مؤكدة حتى لا يستطيعوا أن ينكروا أئنكم يعني أؤكد ، أؤكد أنكم تشهدون أن مع الله آلهة أخرى وأنا أنكر عليكم هذا واضح إن شاء الله أئنكم لتشهدون قلت الاستفهام لايش ؟للاستنكار والجملة التي هي على الاستفهام مؤكدة بإن واللام حتى لا يمكن يعني أؤكد أنكم تشهدون أن مع الله آلهة أخرى وأنكر عليكم
ومن فوائد هذه الآية الكريمة سفه أولئك المشركين الذين يشهدون أن مع الله آلهة أخرى لو سئلوا عنها أتخلق شيئا لقالوا لا وهذا من سفههم أن يعبدوا من لا يخلق
ومن فوائد هذه الآية الكريمة وجوب التبرؤ من أهل الباطل وما هم عليه لقوله (( قل لا أشهد )) يعني أؤكد أنكم تشهدون ولكني أنا لا أشهد وهذا واجب أن يتبرأ الإنسان من كل ما يعبد من دون الله فإن لم يشهد ببطلان آلهتهم سوى الله فإنه لم يخلص ولم يوحد إذ أن التوحيد مبني على النفي والإثبات
ومن فوائد هذه الآية الكريمة وجوب البراءة مما عليه المشركين لقوله (( وإنني بريء مما تشركون )) يجب أن يتبرأ الإنسان مما يشرك به هؤلاء من المعبودات أو من عملهم الشركي ولا تجوز المداهنة في هذا ولا تجوز الموافقة بل تجب البراءة والعجب أن بعض الناس يداهن هؤلاء الكافر ويقول (( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ))[البقرة:285] يعني فنحن مؤمنين بعيسى يقول أمام النصارى وأمام اليهود نحن مؤمنون بموسى المسألة ما هي الإيمان بموسى وعيسى نحن نؤمن بهذا المسألة الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم هؤلاء كافرون بمحمد فهم غير مؤمنين لا بموسى ولا عيسى وقد سبق لنا أن من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل واستدللنا بذلك بقول الله تعالى (( كذبت قوم نوح المرسلين )) وبقوله تعالى
(( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ))[النساء:150] (( أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ))[النساء:151]
من فوائد الآية إطلاق اسم الشيء على الله لقوله (( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله )) لأن اسم الاستفهام إذا أضيف إلى كلمة صارت هذه الكلمة صادقة على جواب الاستفهام وهنا جواب الاستفهام ما هو ؟ الله فيكون الله تعالى شيء يعني يصدق أن نسميه شيئا نعم وقد قال البخاري رحمه الله ( وسمى الله نفسه شيئا ) ولكن يجب أن نعلم أنه يخبر بكلمة شيء عن الله ولكن لا يسمى به دليل هذا هو أن الله تعالى له الأسماء الحسنى وكلمة شيء لا تدل على هذا المعنى فيخبر بها عنه ولكنه لا يسمى بها إذن يخبر عن الله بأنه شيء ولكن لا يسمى به
هل يطلق على القرآن بأنه شيء ؟ نعم هو شيء لا شك قالت الجهمية إذا أطلقتم على القرآن أنه شيء فقد أقررتم بأنه مخلوق لأن الله عز وجل قال (( الله خالق كل شيء )) وجوابنا على هذا أن نقول القرآن كلام الله عز وجل وكلام الله وصفه ووصف الخالق غير مخلوق لأن الوصف تابع للذات فكما أن الذات غير مخلوقة فكذلك الوصف ثم لا يمنع أن يكون المراد الله خالق كل شيء أن يكون المراد بهذا العموم الخصوص أي خالق كل شيء من المخلوقات والعموم قد يراد به الخصوص كما في قول الله تعالى عن ريح عاد (( تدمر كل شيء بأمر ربها )) والمعلوم أنها لم تدمر السماء ولا الأرض بل ولا المساكن كما قال عز وجل (( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ))
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن شهادة الله أكبر شهادة ونعم والله إن شهادة الله أكبر شهادة لأنها مبنية على علم ويقين وعدل الخلل في الشهادة أن تكون مبنية على ظن أو على جهل أو على جور لأن الشاهد إما أن يبني على أشياء ظنية أو يشهد عن جهل تام أو يشهد عن جور فكل هذا يخل بالشهادة وشهادة الله عز وجل منزهة عن هذا صادرة عن علم يقيني وعن عدل لا يمكن أن يجور في الشهادة جلا وعلا ولا يمكن أن يشهد إلا عن علم إذن هو أكبر شهادة طيب يدل لذلك القرآن قال الله تعالى (( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ))[النساء:166] يكفي شهادة الله وقال الله عز وجل (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل )) شف بعض الأقاويل بعض هذه مضافة للأقاويل يعني قولا من أقاويل كثيرة يعني أوحينا إليه ألف قول فتقول واحدا لو تقول علينا بعض الأقاويل (( لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين )) شف كلام الله عز وجل هل قطع من الرسول صلى الله عليه وسلم الوتين ؟ لا بل بقي حيا إلى الأجل المحتوم له ونصره الله فدل هذا على أنه حق صلى الله عليه وسلم إذن شهادة الله ذكرنا في التفسير أنها نوعان قولية وفعلية فالقولية كما سمعتم (( لكن الله يشهد بما أنزل إليك )) والفعلية نصره إياه وتمكينه إياه
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن الله عز وجل حاكم بين النبي صلى الله عليه وسلم وخصومه لقوله (( شهيد بيني وبينكم )) فإن قال قائل وهل يطلق الشاهد على الحاكم ؟ فالجواب نعم استمع إلى قول الله عز وجل في سورة يوسف (( وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ))[يوسف:27] شهد شاهد يعني حكم حاكم لأنه ما شهد لأنه يقول إن كان وإن كان لكنه حاكم هنا نقول الحاكم في الواقع شاهد يا إخواني شاهد من وجوه ثلاثة
الوجه الأول أنه يشهد أن الحكم كذا وكذا
والوجه الثاني أنه يشهد على المحكوم عليه بأن الحق عليه
والوجه الثالث أنه يشهد للمحكوم له بأن الحق له فالحكم متضمن للشهادة بلا شك فيصح أن يطلق على الحاكم بأنه شاهد نعم (( قل الله شهيد بيني وبينكم ))
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن موحى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كله ما فيه ولا كلمة ولا حرف غير موحى إليه وأبهم الفاعل لأنه معلوم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أمر أن يقول (( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ))[سبأ:50]
ومن فوائد هذه الآية الكريمة عظمة هذا القرآن حيث أوحي من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ولا شك في هذا وآثار تعظيمه وعظمته كثيرة منها أنه لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل ومنها أنه لا يمسه المحدث حتى يتوضأ ومنها أنه لا يجوز أن تدخل به الأماكن القذرة ومنها أنه لا تجوز اهانته بأن يوضع بين القدمين مثلا ومنها أنه لا يسافر به إلى أرض العدو إذا كان يخشى عليه من الإهانة ومنها أنه لا يجوز بيع المصحف نعم بعض العلماء يقولون لا يجوز بيعه وعللوا ذلك بأن ذلك ابتذال له حتى قال ابن عمر t " وددت أن الأيدي تقطع في بيعه" لأن الواجب على من يستغني عنه أن يبذله لغيره المهم أن تعظيم القرآن واجب وله صور نعم أي تعظيمه له صور ذكرنا منها ما شاء الله
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم كاف في الإنذار لقوله (( لأنذركم به )) فمن لم يتعظ بالقرآن فلا وعظه الله قال الله تعالى (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[يونس:57]
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة لقوله (( لأنذركم به ومن بلغ )) ولكن هل من بلغه القرآن وهو لا يعرف اللغة العربية هل يقال إنها قامت عليه الحجة ؟ لا والدليل قول الله تبارك وتعالى (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ))
ومنها أنه يجب على علماء المسلمين أن يبلغوا القرآن كل أحد لأنهم ورثة الأنبياء ولكم من لم يكن لسانه عربيا فإنه يبلغ معنى القرآن بلسانه ثم يعطى القرآن فيقرأه باللفظ العربي ولهذا نرى بعض الذين لا ينطقون العربية يقرأون القرآن بالعربية وهم لا يعرفون معناه وهذه من آيات الله أن الله يسر القرآن لهم حتى كانوا ينطقون به بالعربي مع أنك لو أعطيتهم قطعة من سطرين فقط نعم ما يقرأون ما يستطيعون لكن هذا من آيات الله وربما نقول أنه داخل في قوله تعالى (( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ))[القمر:17]
فيه أيضا مسألة أخرى إذا بلغ القرآن قوما يعرفون اللغة العربية لكنهم عاشوا في أحضان أئمة الضلال ولا يدرون عن شيء إذ أن أئمة الضلال عندهم هم المبلغون عن الله ورسوله فهل هؤلاء معذورون أم غير معذورين؟
الذي أرى أنهم معذورون لكن عليهم إذا نبهوا للحق أن يبحثوا عنه فإن أصروا مع التنبيه وقالوا (( إنا وجدنا آبائنا على أمة )) فهم كفار وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة عندهم أنهم إن بقوا على جهلهم ولم ينبهوا للحق فإنهم معذورون وإلا فهم غير معذورين وهذا فيمن يدين بدين الإسلام وأما من عرف أنه على غير الإسلام يتبع أئمة الضلال وهو يعرف أنه غير مسلم كالنصارى مثلا واليهود فهؤلاء كفرهم ظاهر حتى هم بأنفسهم يعرفون بأنهم ممن ؟ من أمة الكفر ولا ينتسبون للإسلام
ومن فوائد هذه الآية الكريمة الإنكار على من يشهدون أن مع الله آلهة أخرى الإنكار الشديد لقوله أئنكم لتشهدون وتأمل كيف أتت الجملة مؤكدة حتى لا يستطيعوا أن ينكروا أئنكم يعني أؤكد ، أؤكد أنكم تشهدون أن مع الله آلهة أخرى وأنا أنكر عليكم هذا واضح إن شاء الله أئنكم لتشهدون قلت الاستفهام لايش ؟للاستنكار والجملة التي هي على الاستفهام مؤكدة بإن واللام حتى لا يمكن يعني أؤكد أنكم تشهدون أن مع الله آلهة أخرى وأنكر عليكم
ومن فوائد هذه الآية الكريمة سفه أولئك المشركين الذين يشهدون أن مع الله آلهة أخرى لو سئلوا عنها أتخلق شيئا لقالوا لا وهذا من سفههم أن يعبدوا من لا يخلق
ومن فوائد هذه الآية الكريمة وجوب التبرؤ من أهل الباطل وما هم عليه لقوله (( قل لا أشهد )) يعني أؤكد أنكم تشهدون ولكني أنا لا أشهد وهذا واجب أن يتبرأ الإنسان من كل ما يعبد من دون الله فإن لم يشهد ببطلان آلهتهم سوى الله فإنه لم يخلص ولم يوحد إذ أن التوحيد مبني على النفي والإثبات
ومن فوائد هذه الآية الكريمة وجوب البراءة مما عليه المشركين لقوله (( وإنني بريء مما تشركون )) يجب أن يتبرأ الإنسان مما يشرك به هؤلاء من المعبودات أو من عملهم الشركي ولا تجوز المداهنة في هذا ولا تجوز الموافقة بل تجب البراءة والعجب أن بعض الناس يداهن هؤلاء الكافر ويقول (( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ))[البقرة:285] يعني فنحن مؤمنين بعيسى يقول أمام النصارى وأمام اليهود نحن مؤمنون بموسى المسألة ما هي الإيمان بموسى وعيسى نحن نؤمن بهذا المسألة الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم هؤلاء كافرون بمحمد فهم غير مؤمنين لا بموسى ولا عيسى وقد سبق لنا أن من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل واستدللنا بذلك بقول الله تعالى (( كذبت قوم نوح المرسلين )) وبقوله تعالى
(( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ))[النساء:150] (( أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ))[النساء:151]