قال الله تعالى : { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقرا وإن يروا كل ءاية لايؤمنوا بها حتى إذا جآءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلآ أساطير الأولين} حفظ
ثم قال (( ومنهم من يستمع إليك... )) من هذه تبعيضية وعلامتها أن يحل محلها بعض أي بعضهم الذي يستمع إليك فيستمع هنا جاءت بصيغة الإفراد مراعاة للفظ من لأن من الموصولة يجوز أن يراعى معناها أو يراعى لفظها فإذا روعي معناها جعل العائد عليها حسب ما يراد بالمعنى وإذا أريد اللفظ إذا روعي اللفظ صار مفردا (( من يستمع إليك )) أي من يحضر ويستمع إلى قراءتك ولكن لا ينتفعون ولهذا قال (( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه )) جعلنا أي صيرنا على قلوبهم أكنة والأكنة جمع كنان كزمام وأزمة وهو ما يغطي الشيء ويستره وقوله (( أن يفقهوه )) أي إرادة أن يفقهوه فهو على تقدير مضاف أي إرادة أن يفقهوه يعني لا نريد أن يفقهوه وإن شئت وفقل كراهة أن يفقهوه وبعضهم قال أنه على تقدير لا والمعنى ألا يفقهوه والمعنى واحد ولكن كون من يفسرها بالكراهة أولى من كون أن نفسرها بلا لأننا إذا فسرناها بلا فسرنا المثبت بالمنفي وهذا بعيد وإذا فسرناها بالكراهة فهذا مضطرد مثل قوله تعالى(( يبين الله لكم أن تضلوا )) أي كراهة أن تضلوا وقوله (( يفقهوه )) الفقه في اللغة الفهم كما قال تعالى(( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )) أي لا تفهمونه والمعنى أن الله جعل على قلوبهم سترا واقيا من فقههم له فلا يصل معناه إلى قلوبهم (( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا )) أي وجعلنا في آذانهم وقرا أي حملا وصمم بحيث لا ينتفعون بما سمعوا ومن لا يستمع بلا سمع فهو كمن لم يسمع فنفى الله تعالى عنهم الفقه ومحله القلب والسمع ومحله الأذن (( وفي آذانهم وقرا )) وهذا كقوله تعالى (( إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )) يعني لم يفهمها ولم يفقهها وإنما يظنها أساطير أي سواليف ليست ذات معنى مصلح للخلق
(( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها )) إن يروا بأبصارهم أو يروا بقلوبهم كل آية فإنهم لا يؤمنوا بها والآية هي العلامة الدالة على صدق النبي عليه وعلى آله وسلم كما قال تعالى في سورة القمر (( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ))[القمر:2] نسأل الله الهداية الإنسان إذا طبع على قلبه نعوذ بالله لا يؤمن بأي آية تأتيه الآيات مثل الشمس ولكن لا يؤمن لأن القلب مغلق مغلف عليه لا يصل إليه هدى (( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها)) هنا نفى الله عنهم الفقه ومحله القلب والسمع محله الأذن والإيمان بالآيات ومحله القلب مع مشاهدة العين (( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادولونك )) حتى هنا للغاية ويحتمل أن تكون للابتداء والفرق بينها أن إذا جعلناها للغاية صار ما قبلها مغيا بها أي أنهم لا ينتفعون بالآيات حتى إنهم إذا جاءوك جادلوك ويحتمل أن تكون ابتدائية والابتدائية مثل الواو الاستئنافية (( حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا )) إلى آخره يجادلونك المجادلة هي المخاصمة وسميت مجادلة لأن كل واحد من الخصمين يجدل الحجة لتكون على صاحبه مأخوذة من جدل الحبل وهو فتله حتى يشتد ويقوى فهم يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم بما يوردون عليه من الشبهات ولكن الله عز وجل يجيب عنه(( يجادلونك )) وقوله (( يجادلونك )) الجملة في محل نصب على الحال من الواو في قوله (( جاءوك )) أي حال كونهم مجادلين لك (( يقول الذي كفروا )) إذ يقول الذين كفروا ولم تجزم لأن إذا الشرطية ليست جازمة تقول إذا قدم زيد يقدم عمرو فلا تجزم أما قول الشاعر
:" وإذا تصبك مصيبة فتحمل "
فهذا يعتبر شاذا لا يحتج به (( يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين )) هذه النهاية إن هذا أي ما هذا ويدل على إن هنا نافية أنه أتى بعدها إلا وإذا أتى بعدها إلا فهي نافية وقد تأتي نافية بدون إلا وهي أعني إن لها معان تأتي شرطية وتأتي نافية وتأتي زائدة وتأتي مخففة من الثقيلة هذه أربعة معاني تأتي شرطية وهذا كثير ومثاله آدم ؟مثال إن الشرطية؟
الطالب:...
الشيخ : مثل قوله تعالى (( إن تصبك حسنة تسؤهم )) وتأتي نافية مثاله محمد؟
الطالب:...
الشيخ : (( إن هذا إلا قول البشر )) أي ما هذا إلا قول البشر طيب وتأتي مخففة من الثقيلة نعم
الطالب :...
الشيخ : لا إن نريد إن (( إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم )) الرابعة الزائدة يلا يا عبد الله ؟
الطالب:...
الشيخ : ما إن رأيت حتى تبعته يعني ما رأيت الحق حتى تبعته يعني ما رأيته حتى اجتنبته يستقيم الكلام ؟ نعم
الطالب:...
الشيخ : ولها صريف قول الشاعر :" بني غدانة ما إن أنتم ذهب ولا صريف ولكن أنتم الخزن " في هذه الآية الكريمة (( إن هذا إلا أساطير الأولين )) إن نافية إلا أساطير ، أساطير جمع أسطورة والأسطورة هي ما يتحدث الناس به في المجالس من أجل قتل الوقت ليس لها معنى وتسمى عند العامة ايش ؟ السواليف ما لها معنى ولكن يريد أن الإنسان يزيل عنه الملل والكسل وقطع الوقت و(( الأولين )) أي السابقين