الفوائد حفظ
في هذه الآيات الكريمة فوائد منها أنه ليس كل مستمع بمنتفع لقوله (( ومنهم من يستمعون إليك )) الآية وانظر إلى قوله تعالى (( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ))[محمد:16] لايدرون ماذا قال؟
ومن فوائد الآية الكريمة التحذير من الاستماع بلا انتفاع وأن هذا دأب الكفار ويتفرع على هذا أنه ينبغي للإنسان إذا استمع أن يتأمل ويتفكر فيما استمع لاسيما إذا كان الكتاب والسنة حتى يعرف معناه
ومن فوائد هذه الآية أن الفقه محله القلب لقوله (( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه )) فإن قال قائل ما سبب هذه الأكنة التي تحجب الحق عن القلب فالجواب أن سببها المعاصي كما قال الله عز وجل (( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ))[القلم:15](( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[المطففين:14] فالمعاصي تحول بين الإنسان وبين الفقه في دين الله ولهذا قال بعض العلماء ينبغي لمن استفتي أن يستغفر الله قبل الإجابة حتى يمحوا الاستغفار ما كان على القلب من الرين واستدل بقول الله تبارك وتعالى (( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ))[النساء:106] وهذا استنباط جيد لاسيما إذا اشتبهت عليك المسألة وحيل بينك وبين معرفة الصواب فيها فعليك بالاستغفار والدعاء ولا تستكبر لأنك تعبر عن شرع الله عز وجل
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن عدم الانتفاع بالسماع كالصمم تماما لقوله (( وفي آذانهم وقر )) بل صاحب الصمم معذور والذي لا ينتفع بما سمع غير معذور لأن صاحب الصمم إذا لم يسمع من آفة حلت به
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن هؤلاء الكفار لا ينتفعون بما سمعوا ولا ينتفعون بما شاهدوا لقوله (( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها )) والآيات نوعان آيات قدرية وآيات شرعية فمن الآيات القدرية ما يحدثه الله عز وجل في الكون كانشقاق القمر وهبوب الرياح التي أرسلها الله عز وجل على الأحزاب وكذلك نزول المطر وامتناع المطر أشياء كثيرة لا تحصى ثم الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب كلها من آيات الله الكونية وإلا الشرعية ؟ الكونية وأما آيات الله الشرعية فهي الوحي إذا تأملت الوحي وأشرفه القرآن عرفت ما فيه من الآيات العظيمة في الأخبار والأحكام فالمؤمن ينتفع وغير المؤمن لا ينتفع حتى قال الله عز وجل (( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ ))[الطور:44] لا يصدقون بأنه عذاب ومن ذلك ما يحدث في زمننا الآن العواصف والقواصف والفيضانات والزلازل هي عند قوم من الأمور الطبيعية التي لا تدل على التهديد والتخويف وذلك من غي القلوب نسأل الله العافية ومن مشابهة الكفار في أنهم إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن الله عز وجل يرسل الآيات تأييدا للرسل وتخويفا لمخالفيهم كما قال الله عز وجل (( وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ))[العنكبوت:51] وقال عز وجل (( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ))[الإسراء:59] فالآيات التي يرسلها الله عز وجل هي تأييد للرسل وتخويف لمخالفيهم ولكن كما قلنا أن هؤلاء المخالفين نسأل الله العافية لا ينتفعون بالآيات فلا يؤمنون بها
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن الكفار يجادلون المسلمين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم ويجادلون من اتبع النبي لكن بايش؟ بالباطل يدحضوا به الحق ولكن ليبشر صاحب الحق الذي هو أهله أن النصر له لقول الله تعالى (( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ))[الأنبياء:18] لكن هذا يحتاج إلى أمرين إلى نية صادقة وإلى علم يدفع به شبهة المحتج ولا يجوز للإنسان أن يدخل مع صاحب باطل يجادله وليس عنده علم لأنه لو فعل لكانت الهزيمة على من ؟ الحق فلا تدخل مع شخص في مجادلة إلا وأنت تعرف كيف تصيبه مع إحسان النية أما أن تدخل بمجادلة مع شخص ذو بيان فصيح وشبه قوية فلا تفعل لأنك إن فعلت هزمت وصارت هزيمتك هزيمة للحق الذي تجادل عنه
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أنه ينبغي للإنسان أن يتعلم طرق الجدل لقوله (( حتى إذا جاءوك يجادلونك )) فتعلم يا أخي طريقة الجدل من أجل أن تجادل بها لنصرة الحق وربما يقال أنه يتفرع على هذا أن ما بثه بعض الناس من قولهم أنه لا حاجة إلى أن نراجع جدل المتكلمين من الأشعرية والمعتزلة وأشباههم لأن زمنهم انقضى فإن هذا توهم واضح
أولا أن هؤلاء لم ينتهي زمانهم ما زالوا موجودين معتزلة وجهمية أشعرية خوارج شيعة موجودون
وثانيا أن طرق الجدل مع هؤلاء تفيد الإنسان في مجادلة آخرين لأنها تفتح للإنسان أبواب الجدل ويعرف كيف يقضي على صاحبه بما يجادل به ثم إننا هنا بالنسبة لبلادنا هنا في السعودية كنا لا نعرف من هذه الطوائف الشيء الكثير لكن بما أننا اندمجنا مع الناس وذهبنا إليهم وأتوا إلينا وجد هذا الشيء وجد شيء من البدع وإلا كان الناس لا يعرفون شيئا من هذا إلا من طالع الكتب لذلك نقول إن مطالعة الجدل مع المتكلمين فيه فائدة بلا شك ولكن ... أن تطالع وأنت ضعيف في العلم لأنك لو فعلت ايش ؟ لضللت لا بد أن يكون عندك حماية تحمي بها نفسك
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن المجادل بالباطل يلجأ إلى المكابرة أو إلى التهديد إذا كان له سوء المكابرة في هذه الآيات (( يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين )) هذه مكابرة لأن دعواهم أنها أساطير الأولين مكابرة بلا شك وكل أحد يعرف أن القرآن الكريم ليس قول البشر فضلا على أن يكون أساطير الأولين أما اللجوء للقوة فانظر إلى مجادلة فرعون لموسى حيث قال له فرعون (( لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ))[الشعراء:29] فلجأ إلى القوة والإرهاب وتأمل قوله (( لأجعلنك من المسجونين )) ولم يقل لأسجننك إشارة إلى أنه يريد أن يظهر بمطهرة القوة الذي يسجن الناس وعنده مساجين فيهدد موسى بأنه سيكون منهم
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن من جادل بالباطل لإدحاض الحق فهو كافر لقوله (( يقول الكافرون )) فأظهر في موضع الإضمار وكان مقتضى السياق أن يقول حتى إذا جاءوك يجادلونك يقولون إن هذا إلا أساطير الأولين ولكن قال (( يقول الذين كفروا )) والإظهار في موضع الإضمار من فوائده أن هذا المظهر إذا كان معنى من المعاني فإنه يكون شاملا محيطا لكل ما ينطبق عليه فمن جادل بالباطل لإدحاض الحق فهو كافر ثم إما أن يكون كافرا كفرا أصغر أو كفرا أكبر