قال الله تعالى : { وهم ينهون عنه و ينئون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون} حفظ
ثم قال الله عز وجل (( وهم ينهون عنه )) هم الضمير يعود على من ؟ على الكفار المجادلين ينهون عنه أي عما جئت به من الوحي (( وينأون عنه )) أي يبعدوه وقدم النهي على النأي مع أنه كان المتوقع أن يبدأ بالنأي الذي هو فعلهم في أنفسهم دون فعلهم بغيرهم إشارة إلى شدة كراهتهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حتى إنهم يبدءون بنهي الناس قبل أن يبتعدوا عنه (( وإن يهلكون إلا أنفسهم )) إن هنا بمعنى ما أي ما يهلكون إلا أنفسهم وكما في آية أخرى (( وما يضرونك من شيء )) فمجادلتهم ونهيهم الناس لا يضر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا وإنما هو هلاك أنفسهم وهل المراد هنا الهلاك الحسي أو المعنوي ؟ الجواب المعنوي لأن هذا الكافر المجادل لا يموت بجداله بل يبقى لكنه حقيقة من الناحية المعنوية قد هلك (( إلا أنفسهم وما يشعرون )) أي ما يشعر هؤلاء أنهم بهذا النهي عن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والبعد عنه لا يشعرون أنهم بذلك أهلكوا أنفسهم ولذلك تجدهم يفتخرون بما هم عليه من الكفر حتى إن أبا سفيان قال في أحد قال يوم أحد قال :"اعل هبل" يفتخر بايش ؟ بالصنم الذي يعبده ويقول أنه علا على محمد صلى الله عليه وسلم فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ( أجيبوه قالوا بماذا نجيبه قال قولوا الله أعلا وأجل ) فالشاهد أن هؤلاء الكفار المجادلين لا يشعرون أنهم على ضلالة نسأل الله العافية وهذا غاية ما يكون من الابتلاء أن يرى الإنسان أنه على الحق مع أنه على الباطل وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم أرني الحق حق وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل )