قال الله تعالى : { بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} حفظ
ثم قال الله عز وجل (( بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل )) بل إضراب لإبطال ما سبق من قولهم (( يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين )) أي لن يؤمنوا ولو ردوا (( بدا لهم )) أي ظهر لهم
(( ما كانوا يخفون من قبل )) فما الذي يخفونه من قبل؟ هل هو تصديق الرسل بما جاءوا به ولكن يجحدون أو ما كانوا يخفون من قبل من الكفر الذي كانوا يكتمونه ؟
فعلى الأول يكون السياق للكافرين وعلى الثاني يكون السياق للمنافقين (( بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل )) ما الذي أخفوه ؟ تصديق الرسل ولكن جحدوا والجحد هو إنكار ما كان معلوما أو (( بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل )) من الكفر حيث إنهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر فعلى الأول تكون الآية في من ؟ في الكافرين وعلى الثاني في المنافقين فهل يمكن أن نقول إن الآية شاملة للمعنيين ؟ الجواب نعم لأنه لا منافاة لكن يشكل على كونها في المنافقين أن السورة مكية لأن سورة الأنعام مكية نزلت في مكة جملة واحدة فكيف يكون فيها إشارة للمنافقين والجواب عن هذا الإشكال أن لا إشكال لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن ما يكون يوم القيامة ويوم القيامة قد حصل النفاق أليس كذلك وكذلك يذكر الله المنافقين في السور المكية تحسبا لما يقع واستعدادا له قال الله عز وجل في سورة العنكبوت (( وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنفقين )) وهي مكية وعليه فلا إشكال وتكون الآية شاملة للمعنيين فالقرآن الكريم عظيم تأتي فيه الآيات والجمل والكلمات تحتمل معاني متعددة ولكن القرآن لعظمته يتسع لكل هذه المعاني ما لم يكن بعضها منافيا لبعض فإن كان بعضها منافيا لبعض طلب الترجيح قال الله عز وجل (( بل بدا لهم )) أي ظهر لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا يعني إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه إذا قولهم حقيقة أو كذب؟ ولهذا قال وإنهم لكاذبون (( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه )) أي من تكذيب الرسل ومن النفاق وإنهم لكاذبون في قولهم (( يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ))