الفوائد حفظ
في هذه الآيات الكريمة إثبات علم الله عز وجل في كل ما يقوله هؤلاء المكذبون لقوله (( قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون ))
ومنها تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتقوية روحه المعنوية فإن في هذه الآية من تسليته وتقوية روحه المعنوية ما هو ظاهر وهكذا ينبغي للإنسان أن يسلي أخاه فيما يقع من مثله حتى يهون عليه الأمر لأن الإنسان بطبيعته إذا وجد مشابها ايش ؟ هان عليه الأمر ألم تر إلى قوله تعالى (( وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ))[الزخرف] في الدنيا إذا اشتركوا في العذاب هان عليهم لكن في الآخرة لن ينفعهم وانظر إلى قول المرأة الخنساء:
" ولولا كثرة الباكون حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي "

فإذا ذكر الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ما يسليه ويقوي معنويته ويذهب عنه حزنه فإن هذا من فضل الله عليه تبارك وتعالى
ومن فوائد الآيات الكريمة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الخلق وأنه يحزنه إعراض الناس عن دين الله عز وجل
ومنها علم الله تعالى بما في القلوب بقوله (( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون )) نظير هذه الآية قوله تعالى عن آل فرعون (( وجحدها بها واستيقنتها أنفسهم ظلما )) هذا مفعول لأجله عامله جحدوا أي جحدوا بذلك ظلما وعلوا وانظر إلى قول موسى وهو يجادل فرعون يقول له موسى (( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ ))[الإسراء:102] قال قد علمت ولم يكذبه فرعون فهذا في هذه المحاورة ما قال لا لم أعلم بينما لما كان يجادل يشرح لقومه يقول لهم (( ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين )) فالظاهر لي والله أعلم أن فرعون لم يقل لموسى أنه لا يعلم خوفا من نزول العقوبة العاجلة أو خوف من أن ينزل كتاب يكذبه على كل حال الرجل أقر ودليل إقراره السكوت
من فوائد هذه الآية الكريمة أنه ينبغي للدعاة أن يتسلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما إذا سمعوا ما يكرهون من هؤلاء المكذبين المعاندين فليتسلوا بذلك ويقولوا في أنفسهم وفي ألسنتهم يقولون إن الله تعالى عالم ما تقول وسيجازيك
ومن فوائد الآية الكريمة أن الجحد بآيات الله كفر ولو استيقنها الإنسان لكن ما دام جحدها وإن كان مؤمنا بها بقلبه فإنه يكفر لأن أحكام الدنيا تجرى على ايش ؟ تجرى على الظاهر فنحن نكفر من أظهر الكفر وإن كان مؤمنا بقلبه ونسكت عمن أظهر الإسلام ولو كان كافرا بقلبه لأن هذا أحكام الدنيا التي أوجب الله عز وجل إذ أننا نحن لا نعلم ما في قلوب الناس ومن ثم أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد حيث قتل المشرك بعد أن قال لا إله إلا الله واحتج أسامة بأنه قالها تعوذا أي خوفا من القتل لا عن يقين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( قتلته بعد أن قال لا إله إلا الله شققت عن قلبه ) فأمور الدنيا على الظاهر لا على الباطن لكن في الآخرة نسأل الله أن يستر علينا وعليكم على الباطن كما قال عز وجل (( إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر )) قال عز وجل (( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور )) طيب إذا قيل هل هناك وصف آخر يكفر به الإنسان بالاستكبار فأصول الردة ، الردة لها أصلان فقط الجحود والثاني الاستكبار الجحود ولو عمل ولم يستكبر ظاهرا فإنه ردة كما قال الصلوات الخمس ما مفروضة لكني أفعلها تورعا واحتياطا ماذا نقول له ؟ أنه كافر لأنه جحد والاستكبار أن يستكبر عن فعل ما تركه كفر ما عن كل شيء على أن الإنسان إذا ترك الطاعة استكبارا حتى ولو كانت نافلة فإننا في شك من إيمانه لأن جنس الاستكبار علو على الله عز وجل وعلى أوامره ونواهيه فيخشى إذا ترك المسنون استكبارا واستنكافا أن يكون كافرا لا إذا تركه عمدا ومتهاونا به هناك فرق كما تعرفونه من أنفسكم فلو قال شخص أنا لا أصلي الراتبة استكبارا وآخر يقول أنا لا أصلي الراتبة لأنها لا تجب علي الثاني لا يكفر ولا يفسق وأما الأول فإن الإنسان يكون في شك من إيمانه لأن الاستكبار علو على الخالق وعلى أوامره تبارك وتعالى (( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ))