قال الله تعالى : { ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جآءك من نبئ المرسلين } حفظ
ثم سلاه الله عز وجل بطريقة أخرى قال (( ولقد كذبت رسل من قبلك )) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أن الرجل لا يتبعه إلا رجلان أو رجل واحد والنبي ليس معه أحد
نوح صلى الله عليه وسلم بقي في قومه كم ؟ ألف سنة إلا خمسين عاما يذكرهم بآيات الله ويجهر لهم بالدعوة ويسر لهم بالدعوة ولكن لم يزدهم ذلك إلا فرارا وهو صابر ألف سنة صابر على الأذى والسخرية هو يصنع السفيه فإذا مروا به (( كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه )) تأمل ملأ الملأ الأشراف وسخرية الأشراف ليست سخرية آحاد الناس بل أشد في قمع الإنسان واستهانة به كذبوا وأوذوا (( فصبروا على ما كذبوا )) صبروا أي تحمل الرسالة وأدوها على ما فيها من مصادمات وأذى (( صبروا على ما كذبوا وأوذوا )) يحتمل أن تكون معطوفة على ما كذبوا يعني صبروا على ما كذبوا وعلى ما أوذوا ويحتمل أن تكون معطوفة على كذبوا يعني ولقد كذبت رسل من قبلك وأوذوا والمعنيان لا يختلفان كثيرا أوذوا بالقول أو بالقول والفعل ؟ اجيبوا يا جماعة بهما جميعا حتى إن بعضهم قتل أوذوا بالقول يسخرون بهم خلقة وخلقا وغير ذلك حتى إن اليهود قالوا لموسى إنه رجل آذر أي كبير الخصيتين وهذا عيب عند الناس و كان موسى لا يبدي عورته فما كان ذات يوم خلع ثوبه ليغتسل ووضعه على الحجر هرب الحجر بثوبه وجهل يسعى وراءه ويقول ( ثوبي حجر ثوبي حجر ) لكن الحجر لم يقف إلا في الملأ من بني إسرائيل حتى شاهدوا أن موسى بريء مما قيل فيه فأظهر الله تعالى كذبهم علنا فالمهم أن الرسل رضى الله ليهم الصلاة والسلام أوذوا إيذاء لا يصبر عليه إلا أمثالهم وقد قال الله لنبيه ((فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل)) بل لما ذكر أنه أنزل عليه الكتاب قال (( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ )) لم يقل فاشكر نعمة الله بل قال (( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ )) فهنا إشارة إلى أنه سيناله ما يناله من الأذى من أجل هذا الكتاب الذي نزل عليه نعم.