فوائد الآية : { ولقد أرسلنا إلى أمم............} حفظ
ففي هذه الآيات الكريمة أولا إقامة الحجة على الخلق بإرسال الرسل وهذا كقوله تعالى في سورة النساء (( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ...)) إلى قوله (( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ))[النساء:165] ومن تمام الحجة في إرسال الرسل أن الرسل بلسان قومهم أي بلغة قومهم الذين أرسلوا إليهم وذلك من أجل أن يفهموا الحجة فيتفرع على هذا أنه لا تقوم الحجة بمجرد البلاغ حتى يفهمها المرسل إليهم وإلا ما الفائدة إلا أنه يحب على من بلغه ولم يفهم أن يبحث وهذه النقطة الأخيرة ربما تكون سدا لعذرهم إذا قالوا ما فهمنا نقول يجب عليكم أن تبحثوا لكن أحيانا يتعذر البحث لكونهم لا يجدون من يثقون به فيبقون جاهلين
ومن فوائد الآية الكريمة رحمة الله عز وجل بالخلق حيث أرسل إليهم الرسل لإقامة الحجة ولبيان المحجة ، المحجة يعني الطريقة فلولا الرسل ما عرفنا لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا كيف نتوضأ ما عرفنا كيف نصلي ما عرفنا كيف نزكي كيف نصوم كيف نحج كيف نتعامل ما عرفنا فإرسال الرسل من رحمة الله عز وجل
ومن فوائد هذه الآية الكريمة حذف السبب ليكون ذلك أشد وقعا وهيبة للمخاطب حذف السبب وذكر المسبب والنتيجة ليكون ذلك أشد وقعا وهيبة في قلوب المخاطب لقوله (( فأخذناهم ))ولم يذكر التكذيب حتى يكون أشد ويبحث الذهب لماذا أخذوا فيكون ذلك أشد هيبة ووقعا في قلوب المخاطب
ومن فوائد هذه الآية الكريمة أن الله تعالى يبتلي بالبأساء والضراء لكن لحكمة لا لمجرد إلحاق الضرر بالخلق ما هي الحكمة ؟ بينها في قوله (( لعلهم يتضرعون )) وإلا فإن الله لا يمكن أن يريد مجرد الإضرار بل كل ما ضر الناس من تقديرات الناس فالمراد به مصلحة الخلق
ومن فوائد هذه الآية أن الأخذ قد يكون بالبأساء وقد يكون بالضراء قد يكون بالشدة التي يتأذى بها الإنسان بدون ضرر وقد يكون بالضرر فمثلا الخوف والجوع وما أشبه ذلك هذا شدة المرض المباشر للشخص هذا ضرر فالأخذ إما هذا وإما هذا
ومن فوائد هذه الآية الكريمة من فوائدها إثبات الحكمة في أفعال الله تؤخذ من قوله (( لعلهم يتضرعون )) وثبوت الحكمة لله عز وجل في أفعاله وفي شرعه أمر معلوم لكل ذي عقل لأن كون الأفعال والأحكام تصدر عن حكمة يدل على كمال الفاعل والمشرع ولكن هل كل فعل أو حكم جاء من عند الله يكون معلوما لنا حكمته ؟ الجواب لا لأن عقولنا أقصر من أن تحيط بحكمة الله عز وجل لكن نعلم علم اليقين أن ذلك لحكمة ولهذا لما سئلت أم المؤمنين عائشة :" ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة " ما ذهبت تعلل فتقول الصوم لا يأتي في السنة إلا مرة وقضاؤه سهل والصلاة تأتي في اليوم والليلة خمس مرات فقضاؤها صعب والصوم لا نظير له في السنة يقوم مقامة والصلاة لها نظير إذا لم تصلي اليوم تصلي غدا ما قالت هذا قالت ( كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) فجعلت مجرد الحكم هو الحكمة وهكذا يجب على كل مؤمن أن يؤمن بأن جميع أفعال الله وجميع شرائع الله كلها لحكمة لكن قد نعلم وقد لا نعلم
الفقهاء رحمهم الله يعبرون عن الشيء الذي لا تعلم حكمته بأنه تعبدي بمعنى أنه ليس علينا إلا أن نتعبد به لا أن نعلم حكمته وأحيانا أن نقول عن الشيء تعبدي وهو معلوم الحكمة وأحيانا يكون القول صوابا طيب من هذه الأمة من أنكر الحكمة وقال إن الله عز وجل يفعل ما يشاء لمجرد المشيئة ويحكم بما شاء لمجرد المشيئة وهذا غلط ونقص قالوا لأنه لو فعل لحكمة لكان ذلك لغرض وكونه يفعل الشيء لغرض نقص ولهذا من عباراتهم الفاسدة الحسنة منظرا أو مسمعا " إن الله منزه عن الأعراض والأبعاض والأغراض " هذه عندهم منزه عن الأعراض والثاني الأبعاض والثالث الأغراض أما الأعراض فمرادهم بذلك ما يعرض للفاعل من فعل أو ترك أو نحو ذلك ولذلك ينكرون الاستواء على العرش ينكرون النزول إلى السماء الدنيا والأبعاض يقصدون بها الوجه واليدين وما أشبه والأغراض يريدون بها الحكمة فيقولون لو كان أفعاله لحكمة أو شرائعه لحكمة لكان له غرض والله تعالى منزه عن الأغراض والجواب على هذا سهل هل الغرض الذي تتضمنه حكمة هل هو لمصلحة الله أو لمصلحة الخلق ؟ الثانية قطعا وإلا فإن الله يقول (( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ))[الزمر:7] فهذه الحكمة التي تضمنها الفعل أو الشرع أو الحكم هذه لمصلحة الخلق وحينئذ تكون كمالا أو نقصا ؟ كمالا نعم
ومن فوائد هذه الآية الكريمة وجوب التضرع إلى الله عز وجل والتضرع بمعنى اللجوء والإنابة إلى الله تعالى والقيام بما يجب له من كل ما يجب من عقيدة أو قول أو عمل