قال الله تعالى : << ما لهم به من علم و لا لأبآءهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا >> حفظ
قال الله تعالى : (( ما لهم به من علم )) ، (( ما لهم به )) أي بالولد أو بالقول ؟ بالقول ، (( ما لهم به )) أي بهذا القول ، أو ما لهم به أي بالولد من علم ، وقوله : (( ما لهم به من علم )) إذاً ثبت لهم إيش؟ الجهل ، (( وَلا لِآبَائِهِمْ )) الذين قالوا هذا القول ليس لهم بذلك علم ، ليس إلا هنالك أوهام ظنوها حقائق وإلا ما لهم علوم (( ما لهم به من علم ولا لآبائهم كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ )) ، (( كبرت كلمة )) هذه قد تشكل على البعض بأن ... المؤلف وكلمة ... فيقال : كبرت كلمة ، ولكن الجواب عن هذا يقال : إن كلمة تمييز وإن الفاعل محذوف والتقدير كبرت مقالتهم كلمة تخرج من أفواههم ، أي عظمت ، لأنها عظيمة والعياذ بالله ، كما قال الله سبحانه وتعالى : (( تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ))[مريم:90-092]، يعني مستحيل غاية الاستحالة أن يكون له ولد ، فإن قال قائل : أليس الله يقول : (( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ))؟[الزخرف:81]، الجواب بلى ، لكن تعليق الشرط لا يدل على وقوع المشروط إن كان وهل يمكن أن يكون ؟ لا ، نفهم من الآيات الأخرى أنه لا يمكن أن يكون ، وهذا كقوله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام : (( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ))[يونس:94]، هل يمكن يشك ؟ لا ، لكن على أمر الله الذي لا يقع وهذا كقوله تعالى : (( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ))[الأنبياء:22]، لا يمكن أن يكون فيهما آلهة غير الله عز وجل فتبين بهذا يا إخواني أن وجود الشرط لا يدل على إمكان المشروط بل قد يكون مستحيلاً غاية الاستحالة . (( ما لهم به من علم ولا لآبائهم كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ )) فإننا نستفيد من قوله : (( أفواههم )) أن هؤلاء يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وأنهم لا يستيقنون أن يكون لله ولداً ، لو سألت أي عاقل لا يمكن أن يقول : إن لله ولد ، وكيف يمكن أن يكون لله ولد وهذا الولد بشر تراه مثلنا يأكل ويشرب ويلبس ويلحقه الجوع والعطش والحر والبرد كيف يكون ولداً ؟ هذا لا يمكن ، ولهذا قال : (( إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا )) ، (( إن )) بمعنى ما يقولون ، ومن علامات إن النافية أن يقع بعدها إلا ، (( إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ ))[فاطر:23]، (( إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا )) ، (( إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ))[الأنعام:7]، أي ما يقوله هؤلاء إلا كذباً ، والكذب الخبر المخالف للواقع ، والصدق الخبر المطابق للواقع ، فإذا قال قائل : قدم غلام اليوم وهو لم يقدم ، كذب ، سواء علم أو لم يعلم ، حتى وإن لم يعرف أنه جاء ، خلافاً لما يقوله بعض الناس : أن الكذب ما كان عن عمد ، أي ما خالف الواقع عن عمد لا حتى وإن لم يكن عمداً ، ودليل ذلك قصة سبيعة الأسلمية رضي الله عنها حينما مات عنها زوجها وهي حامل فوضعت بعد موته بليال ثم خلعت ثياب الحداد ولبست ثياب جميلة تريد أن تخطب فدخل عليها أبو السنابل قال لها : ما أنت بناكح حتى يأتي عليك أربعة أشهر وعشرا ، كان يرى بعد موت زوجها بأربعين ليلة أو أقل أو أكثر هذا المعلوم ، كم باقي على الحداد أربعة أشهر وعشرة أيام قال : ما أنت بناكح حتى يأتي عليك أربعة أشهر وعشرا ، لبست ثيابها ثياب الحداد ثم أتت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالخبر فقال لها : (كذب أبو السنابل ) مع أن الرجل ما تعمد ، يظن أنها تعتد بأطول الأجلين ، إن بقيت حامل بعد أربعة أشهر بقيت في الحداد ، وإن وضعت بعد أربعة أشهر بقيت في الحداد ، تعتد أطول الأجلين ، وهذا لا شك ظن لولا السنة لكان هو المراد لكن السنة ثبتت بأن الحامل عدتها بوضع الحمل ولو دون أربعة أشهر عشرا ، الشاهد من هذا الحديث هو أن النبي r أطلق على قول أبي السنابل كذب مع أنه لم يتعمد ، نعم ، (( إن يقولون إلا كذبا ))