قال الله تعالى : << إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا >> حفظ
(( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا )) أيضاً إذا رأيت في القرآن تجد أن الله تعالى يقدم الشرع على الخلق ، (( الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان )) وتأمل الآيات في هذا المعنى تجد أن الله يبدأ بالشرع قبل ذكر الخلق لأن المخلوقات إنما سخرت للقيام بطاعة الله عز وجل ، قال الله تبارك وتعالى : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56]، وقال .. إذاً المهم هو القيام بطاعة الله ، تأمل هذه النكتة حتى يتبين لك أن خلق الدنيا وإيجاد الدنيا إنما هو بالقيام لطاعة الله عز وجل ، طيب يقول : (( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا )) (( جعلنا )) بمعنى صيرنا ، وجعل تأتي بمعنى خلق ، وتأتي بمعنى صير ، إن تعدد مفعولاً واحداً فإنها بمعنى خلق ، لقوله تعالى : (( وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ))[الأنعام:1]، جعل يعني خلق ، وإن تعددت إلى مفعولين تأتي بمعنى صير لقوله تعالى : (( إنا جعلناه قرآناً عربياً )) أي صيرناه بلغة العرب ، وإنما نبهت عن ذلك لأن الجهمية يقولون : إن الجعل بمعنى القول في جميع المواضع ، ويقولون : معنى (( إنا جعلناه قرآناً عربياً )) أي خلقناه ، ولكننا نقول : أن العجب ما في اللغة العربية ، جعل إن تعدت لمفعول واحد فهي بمعنى خلق ، ولمفعولين بمعنى صير ، طيب قال : (( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لهم )) جعل بمعنى خلق أو بمعنى صير ؟ بمعنى صير ، والمفعول الأول (( ما )) والمفعول الثاني (( زينة لها )) ، (( ما على الأرض )) جعل ما على الأرض زينة للأرض ، وذلك لارتباط الناس هل يتعلقون بهذه الزينة أو يتعلقون بالخالق ؟ الناس ينقسمون إلى قسمين : منهم من يتعلقون بالزينة ، ومنهم من يتعلق بالخالق ، واسمع إلى قول الله عز وجل مبيناً هذا (( فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا )) إلى أين ؟ إلى المكان العالي ، (( وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ )) مال إليها واطمئن إليها (( وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ )) أعاذنا الله وإياكم ، إذاً جعل لهم الزينة لاختبار الناس وسواء كانت هذه الزينة فيما خلقه الله عز وجل وأوجده أو فيما صنعه الآدميين القصور الفخمة المزخرفة ، زينة لكن من صنع الآدمي ، والأرض بجبالها وأنهارها ونباتها وإذا أنزل الله ماء عليها اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ناظرة إلى هذه الزينة نعم ، إذاً لم ؟ (( لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) (( لنبلوهم )) أي لنختبرهم ، (( أيهم أحسن عملا )) والضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى ، وهنا قال : (( أحسن عملا )) لم يقل : أكثر عملاً ، لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر ، وعلى هذا لوجدنا أن الأربع ركعات على يقين قوي وصلى الآخر ركعتين بيقين قوي . قوية أيهما أحسن ؟ الثاني أحسن وأفضل لأن العبرة بإحكام العمل وإتقانه إخلاصاً ومتابعة ، في بعض العبادات الأفضل التخفبف لو قال إنسان : أنا أحب أطيل أحب القراءة في الركوع في السجود في القيام وآخر قال : أنا أحب التخفيف أيهما أفضل ؟ الثاني أفضل ، ولهذا ينبغي علينا إذا رأينا عامياً يطيل في ركعتي الفجر فلنسل هل هاتان الركعتان ركعة الفجر أو تحية المسجد ؟ إن كان تحية المسجد لا بأس وإن كانت ركعتي الفجر قلنا له الأفضل أن يخفف، في الصيام رخص النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن يواصلوا إلى الفجر يعني لا تفطر إلا بعد السحور وندبه إلى أن يفطروا دون غروب الشمس فصام رجلان أحدهما اشتد ... والثاني أفطر إلى الغروب أيهما أفضل ؟ الثاني بلا شك ، والأول وإن كان منهي عنه لكنه جائز وليس بمشروع ، لكن (( أيهم أحسن عملا )) ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من العبادات يحث على إتباع الجنائز ، وإذا مر به جنازة فلا يرجع ، يحث على أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ومع ذلك هو يصوم يوماً ويفطر يوماً ، بل كان أحيانا يطيل الصوم حتى يقال : لا يفطر، وبالعكس ، كل هذا يدفع ما كان أرضى لله عز وجل وأصلح لقلبه ، (( لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ))