قال الله تعالى : << ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا >> حفظ
ولهذا قال : (( فضربنا على آذانهم )) أي بحيث لا يسمعون (( فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا )) أي معدودة وسيأتي بيانها في قوله تعالى : (( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ))[الكهف:25]. (( ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ )) وذلك بإيقاظهم من النوم ، وسمى الله الإيقاظ من النوم بعثاً لأن النوم وفاة ، قال الله تعالى : (( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ))[الأنعام:60] أي بالنهار ، وقال الله تعالى : (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ ))[الزمر:42] يتوفاها ، فالنوم وفاة ولهذا قال : (( ثم بعثناهم )) يعني أيقظناهم (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا )) ، (( لنعلم )) ... لكن اعلم أن مثل هذه العبارة يراد بها شيئان : الشيء الأول : بالرؤيا ، وظهور ، ومشاهدة أي ... ومعلوم أن علم سيكون ليس كعلم ما كان ، أليس كذلك ؟ بلى ، لأن علم الله عز وجل بالشيء قبل وقوعه علمه بأنه سيقع لكن بعد وقوعه علمه بأنه وقع . الشيء الثاني : أن العلم الذي يترتب عليه الحساب هو المراد بالآية إذاً نعلم علماً يترتب عليه وذلك كقوله تعالى : (( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ))[محمد:31]، فهو يعلم هذا قبل أن يبتلينا قد ... لكن هذا ... بمعنى علم الظهور ومشاهدة ، وليس علم الظهور والمشاهدة كعلم ... والثاني : علماً يترتب عليه الحساب أما في حق وقوع المعلوم بالنسبة لله هذا حق ، بينما أنه علم أنه يقع وما علم أنه سقط كل ... أن يعلم ما سيقع في خبر الصادق لكن علمنا بذلك كعلمنا به إذا شاهدناه ، ولهذا جاء في غير طريق ( ليس الخبر كالمعاينة ) ، (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا )) ( الحزبين ) يعني الطائفتين ( أحصى ) يعني أبلغ في الإحصاء وليست فعلاً ماضيا بل هي اسم تفضيل (( أي الحزبين أحصى )) يعني أوفر (( لما لبثوا أمدا )) يعني المدة التي لبثوها ، لأنهم تنازعوا أمرهم فقالوا: (( لبثنا يوم أو بعض يوم )) ثم جاء من بعدهم أيضاً اختلفوا كم لبثوا ؟ (( لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ))