قال الله تعالى : << و ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين و إذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من ءايات الله من يهد الله فهو المهتد و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا >> حفظ
ثم قال عز وجل : (( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ )) ترى أيها الإنسان الشمس إذا طلعت (( تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ )) في قوله : (( تزاور )) قراءتان : (( تزَّاور )) وأصلها تتزاور ، و (( وتزاور )) بالتخفيف والمراد بذلك أنها تميل (( عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ )) تصوروا كيف يكون الكهف الآن ؟ إذا كانت تزاور عنه ذات اليمين ، يكون وجه الكهف إلى الشمال ، ولهذا قال بعضهم : إن وجه الكهف على بنات نعش ، بنات نعش معروفة نجوم في السماء يعرفها أهل البر (( وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ )) تكون عن شمال الغار، وقوله : (( تقرضهم )) قيل : المعنى تتركهم ، وقيل : المعنى تصيب منهم ، وهو الأقرب أنها تصيب منهم ، وفائدة هذه الإصابة لأجل أن تمنع أجسامهم من التغير لأن الشمس كما يقول الناس : أنها صحة وفائدة للإنسان ، (( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ )) الضمير في قوله : (( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ )) يعود على هؤلاء الفتية ، هذه الفجوة يعني الشيء الداخل يعني ليسوا على جانب الباب مباشرة بل هم في مكان داخل لأن ذلك أحفظ لهم ، وفي قوله تعالى : (( إذا طلعت تزاور )) (( إذا غرب تقرض )) دليل على أن الشمس هي التي تتحرك ، وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب ، خلافاً لما يقوله الناس الآن : من أن الذي يدور هو الأرض ، أما الشمس فهي ثابتة ، فنحن لدينا شيء من كلام الله ، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلا بدليل بين فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فحينئذ يجب أن نأول الآيات إلى المعنى المطابق للواقع ، فنقول : (( إذا طلعت )) في رأي العين ، (( إذا غربت )) في رأي العين (( تزاور )) في رأي العين ، (( تقرض )) في رأي العين ، أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع أن الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور وبدورانها يختلف الليل والنهار فإننا لا نقبل هذا أبداً ، علينا أن نقول : إن الشمس بدورانها يكون الليل والنهار ، لأن الله أضاف الأفعال إليها ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما غربت الشمس قال لأبي ذر : ( أتدري أين تذهب ؟) فأسند الذهاب إليها ، ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ولا نقبل حدثاً ولا ظناً لكن لو أن آل الأمر تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكان والأرض تدور ويكون اختلاف الليل والنهار حينئذ تأويل الآيات واجب حتى لا يخالف الشيء المقطوع به . قال الله تعالى : (( ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ )) (( ذلك )) الضمير يعود على حال هذه الفتية ، خروجهم من قومهم ، وإيوائهم إلى هذا الغار، وتيسير الله عز وجل غاراً مناسباً تماماً لاشك أنه من آيات الله الدالة على حكمته ورحمته عز وجل ، هل نعتبر هذا كرامة ؟ الجواب نعم ، نعتبره كرامة ولا شك ، (( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا )) اللهم اهدنا وأعذنا من الظلام ، (( من يهد الله )) هذه من الشرطية ، والدليل على أنها شرطية حذف الياء من يهدي ، والجواب (( فهو المهتد )) وقوله : (( فهو المهتد )) أصلها المهتدي بالياء لكن حذفت الياء تخفيفاً كما حذفت في قوله تعالى : (( الكبير المتعال )) ، (( ومن يضلل )) أي يقدر أن يكون ضالاً (( فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا )) أي من يتولاه ويرشده إلى الصواب ، وفي هذا الخبر من الله عز وجل تنبيه على أننا لا نسأل الهداية إلا من الله عز وجل ، وأننا لا نجزع إذا رأينا من هو ضال ، لأن الإضلال بيد من ؟ بيد الله عز وجل فنحن نؤمن بالقدر ولا نسخط الإضلال الواقع من الله لكن يجب علينا أن نرشد هؤلاء الضالين فهنا شرط وقدر ، القدر يجب عليك أن ترضى به على كل حال ، والمقدور فيه تفصيل : المشروع يجب عليك أن ترضى به بكل حال ، فنحن نرضى حيث أن الله تعالى جعل الناس على قسمين : مهتد وضال ، ولكن يجب علينا مع ذلك أن نسعى في هداية الخلق