تتمة تفسير الآية : << ... إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه و في ءاذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا >> حفظ
قال الله تبارك وتعالى: (( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً )) (( إنا جعلنا )) أي صيرنا (( على قلوبهم )) أي قلوب من إذا ذكر بآيات الله أعرض عنها ، وحينئذ يكون المريض عاد إلى اللفظ أو المعنى ، عاد إلى المعنى لأن من سواء كانت اسماً موصولاً أو كانت اسماً شرطياً يجوز في عود الضمير إليها أن يعود على لفظها فيكون مفرداً وأن يعود إلى معناها فيكون مجموعاً أو مثنى حسب السياق ، أفهمتهم ؟ فإذا قلت : يعجبني من قام ، فهنا راعينا ، أين الإفهام يا جماعة ؟ يعجبني من قام راعينا ؟ طيب . إذا قلت : يعجبني من قام ، المعنى ، إذا قلت : يعجبني من قاموا ، المعنى ، يعجبن من قمن ، المعنى ، وقد يراعى المعنى مرة واللفظ مرة أخرى ويعادل المعنى يعني معناه قد تعود الضمائر مراعاة للأمرين في سياق واحد . قال الله عز وجل : (( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا ))[التغابن:9] راعى اللفظ، يعني إذا أفرد فهو بمعنى اللفظ (( يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ))[التغابن:9] ، اللفظ الأول معنى ؟ (( يدخله )) اللفظ (( يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ )) (( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا )) المعنى، (( قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا )) اللفظ ، شوف السياق واحد فروعي اللفظ أولاً ثم المعنى ثانياً ثم اللفظ ثالثاً ، طيب . يقول الله عز وجل : (( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ )) أغطية ، (( أن يفقهوه )) أي يفقهوا القرآن فلا يفهمونه ، وفي هذا الحث على فقه القرآن وأنه ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن وأن يتعلم معناه كما كان الصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يتجاوزن عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل (( وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا )) أعوذ بالله القلوب عليها غطاء ، والآذان فيها صمم لا تسمع فلا يسمعون الحق ولا يفقهونه (( وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا )) يقول الله عز وجل : إن تدعهم يا محمد إلى الهدى (( فلن يهتدوا إذاً )) أي ما دامت قلوبهم في أكنة وفي آذانهم وقر لن يهتدوا ، ومن أين يأتيهم الهدى ؟ الآذان لا تسمع الحق ، والقلوب لا تفقه الحق والعياذ بالله من أين يهتدوا ؟ فإذا قال قائل : هل في هذا تيئيس للرسول عليه الصلاة والسلام من أنه وإن دعا لا يقبل منه أو فيه تسلية له ؟ الثاني في هذا تسلية له ، وأنه إذا لم يقبلوا الحق هؤلاء لن يهتدوا إذاً أبداً