قال الله تعالى : << فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا >> حفظ
(( فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا )) (( فلما بلغا )) يعني موسى وفتاه (( مجمع بينهما )) هذا المكان أي بين البحرين (( نسيا حوتهما )) (( نسيا )) أضاف الفعل إليهما مع أن الناسي هو الفتى وليس موسى لكن القوم إذا كانوا في شأن واحد وفي عمل واحد نسب فعل الجميع أو فعل الواحد منهم أو الطائفة منهم إلى الجميع ، ولهذا يخاطب الله عز وجل بني إسرائيل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول : (( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ ))[البقرة:50]، (( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ))[البقرة:55]، مع أنهم ما قالوا هذا لكن قاله أجدادهم ، (( نسيا حوتهما )) نسيان ذهول أو نسيان ترك ؟ نسيان ذهول ، وليس نسيان ترك وهذا من حكمة الله عز وجل أن الله أنساهما ذلك لحكمة (( نسيا حوتهما )) وهذا الحوت جعله الله سبحانه وتعالى علامة لموسى أنك متى فقدت الحوت فثم مجمع البحرين ، وهذا الحوت سبق لنا في الدرس الماضي أنه كان في مكتل ، وكان يقتاتان منه ، لما وصلا إلى مكان ما ناما فيه عند صخرة فلما استيقظا وإذا الحوت ليس موجوداً لكنه أي الفتى لم يتفقد المكتل ونسي شأنه وأمره ، فهذا الحوت سبحان الله خرج من المكتل ودخل في البحر وجعل يسير في البحر والبحر ينحاز عنه (( فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا )) أي مثل السرب ، السرب السرداب أي أنه يشق الماء ولا يتلاءم معه، وصفه بعض التابعين قال : هكذا ، يعني حجز وهذا من آية الله ، وإلا فقد جرت العادة أن الحوت إذا انغمس في البحر إيش يعمل البحر ؟ يتلاءم عليه ، لكن هذا الحوت من آية الله أولاً : إذا كان قد ذبح أو قد مات وأنهما يقتاتان منه كونه حيي وقام ودخل البحر وصار طريقه على هذا الوجه هذا من آيات الله عز وجل، (( فاتخذ سبيله )) اتخذ الضمير يعود على إيش ؟ على الحوت ، (( سبيله )) طريقه (( في البحر سرباً )) يعني مثل السرب ، السرب هو ما نسميه نحن بالسرداب يعني الشق الطويل .