قال الله تعالى : << فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا >> حفظ
(( فَانطَلَقَا )) انطلقا الفاعل من ؟ موسى والخضر ، وسكت عن الفتى فهل الفتى تأخر أو إنه ركب لكن لما كان تابعاً لم يكن له ذكر ؟ الذي يظهر والله أعلم أنه كان تابعاً لكن لما لم يكن تعلق بالمسألة والأصل هو موسى طوي ذكره وهو أيضاً تابع ، (( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا )) يعني هما يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة فركبا فيها لما ركبا في السفينة قام الخضر فخرقها ، خرقها بالمخراق ؟ لا لكنه قلع إحدى خشبها الذي يدخل منه الماء فقال له موسى : (( أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا )) وهذا إنكار ، إنكار ممن ؟ من موسى على الخضر مع أنه قال له : (( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا )) ولكنه لم يصبر لأن هذه مشكلتها عظيمة سفينة في البحر يخرقها فتغرق واللام في قوله : (( لتغرق )) ليست للتعليل ولكنها للعاقبة يعني أنك إذا خرقتها غرق وإلا لاشك أن موسى عليه الصلاة والسلام لا يدي ما غرض الخضر ، ولاشك أيضاً أنه يدري أنه لا يريد أن يغرق أهلها ، لأنه لو أراد أن يغرق أهلها لكان أول من يغرق هو وموسى ، لكن اللام هنا للعاقبة ، ولام العاقبة ترد في غير موضع حتى في القرآن مثل قول الله تعالى : (( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ))[القصص:8]، لو سألنا أي إنسان هل آل فرعون التقطوا موسى ليكون عدواً لهم وحزنا ؟ أبداً لكن هي الغاية (( لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا )) أي عظيماً ، لأن موسى عليه الصلاة والسلام كان شديداً قوياً في ذات الله فهو أنكر عليه وبين أن فعله ستكون عاقبته الإغراق ، وزاده توبيخاً في قوله : (( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا )) والجملة هنا مؤكدة بكم مؤكد يا إخواني ؟ ثلاث مؤكدات : اللام ، وقد ، والقسم المقدر الذي تدل عليه اللام ، وهنا عظيماً ، ومنه قول أبو سفيان لهرقل لما حدثه عن الرسول صلى الله عليه وسلم وبين له حاله وصفاته ومكارم أخلاقه وانصرف مع قومه قال : ( لقد أمِر أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر ) يعني ابن أبي كبشة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأمِر أمره يعني عظم ، (( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا )) .