قال الله تعالى : << قالوا ياذا القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بينا وبينهم سدا >> حفظ
(( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ )) نادوه بلقبه تعظيماً له (( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا )) إلى آخره (( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ )) هاتان قبيلتان من بني آدم كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث الصحابة بأن الله عز وجل يأمر آدم يوم القيامة يقول : ( يا آدم فيقول : لبيك وسعديك ، فيقول : أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار فيقول : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ) عظم ذلك على الصحابة وقالوا : " يا رسول الله أين ذلك الواحد ؟ " فقال : ( أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج ) وبهذا نعرف خطأ من قال : إنهم ليسوا على شكل الآدميين ، وأن بعضهم في غاية ما يكون من القصر وبعضهم في غاية ما يكون من الطول ، وأن بعضهم له أذن يفترشها وأذن يلتحف بها وما أشبه ذلك ، كل هذا من خرافات بني إسرائيل ولا يجوز أن نصدقها ، بل يقال : إنهم من بني آدم لكن قد يختلفون كما يختلف الناس في البيئات ، الآن تجد مثلاً أهل خط الاستواء بيئتهم غير بيئة الشماليين ، كل له بيئة الشرقيين الآن يختلفون عن وسط الكرة الأرضية هذا ربما يختلفون أما أن يختلفوا اختلافاً فاضحاً كما يذكر فهذا ليس بصحيح (( مفسدون في الأرض )) وبماذا يفسدون ؟ الإفساد في الأرض يعم كل ما كان غير صالح وغير إصلاح ، يفسدونها في القتل ، في النهب ، في الانحراف ، في الشرك ، في كل شيء المهم أنهم يحتاجون إلى أحد يحميهم من هؤلاء (( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )) يعني حاجزاً يمنع من حضورهم إلينا ، فعرضوا عليه أن يعطوه شيئاً وهذا اجتهاد في غير محله لكنهم خافوا أن يقول : لا ، ولا يمكنهم بعد ذلك ، وإلا هذا الاجتهاد كيف يقولون لهذا الملك الذي فتح مشارق الأرض ومغاربها تقول : (( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )) هذا لا يقال إلا لشخص لا يستطيع ، لكنهم قالوا ذلك خوفاً من أن يرد طلبهم ، يريدون أن يقيموا عليه الحجة بأنهم أرادوا أن يعطوه شيئاً يحميهم به من هؤلاء