تفسير قول الله تعالى : << إن الذين جآءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم و الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم >> . حفظ
جماعة من المؤمنين قالت كذا عندكم ايش بعدها
الطالب: ...
الشيخ : ... حسان بن ثابت وعبد الله بن أبي ومسطح وحمنة بيت جحش أولا يقول الله عز وجل : (( إن الذين جاءوا بالإفك )) وال هنا للعهد الذهني يعني الذي معلوم عندهم ومفهوم وقوله بالإفك أي أسوأ الكذب كما قال المؤلف ونعم هذا أسوأ كذب يكون مثل هذا الكذب الذي جاء به هؤلاء لما يتضمنه من القدح لأمهات المؤمنين وبالتالي للنبي صلى الله عليه وسلم كما يتبين من الآيات من سياقها وقوله (( عصبة منكم )) أي جماعة وقوله منكم الخطاب للمؤمنين وكونه من المؤمنين يدل على أنهم لم يخرجوا من الإيمان بذلك بهذا القذف لم يخرجوا من الإيمان لأنه صدر قبل أن يتبين الحكم في هذا وإلا فمن قذف واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أو غيرها فإنه كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل وعده عد المؤلف عبد الله بن أبي من هؤلاء العصبة على أساس أن عبد الله بن أبي كان يتظاهر بالإسلام ولكنه في الحقيقة منافق ثم إن عبد الله بن أبي ليس يصرح بمثل هذا بالقذف وإنما هو خبيث يجمعهم ويشيع بين الناس بلفظ ليس فيه تصريح ومع هذا هو الذي تولى كبره كما سيأتي إنما نقول الخطاب في قوله منكم للمؤمنين وقوله (( عصبة منكم )) ولا شك أن مثل حسان رضي الله ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش لا شك أن مثل هؤلاء مؤمنون وأنهم لم يخرجوا من الإيمان بما فعلوا لأنه قبل تبين الحكم لكن الذي يشكل عليه أن يعد منهم عبد الله بن أبي وإيضاح هذا الإشكال أن يقال بأن عبد الله بن أبي يتظاهر بأنه مع المؤمنين (( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا )) وهو في الحقيقة من المنافقين فعده منهم باعتبار الظاهر لا باعتبار الحقيقة والواقع وقوله تعالى : (( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )) لا تحسبوه لا تظنوه أيها المؤمنون غير العصبة شر لكم بل هو خير لكم أولا الله تعالى يقول لا تحسبوه فنهى أن نظن بأن هذا الإفك شر لنا قبل أن يثبت أنه خير لماذا ؟ لأنه لا شك أنه حين وقع هذا الإفك أن المؤمنين أصابهم ما أصابهم من الأذى وظنوا أن ذلك شر فأراد الله تعالى أن ينتزع هذا الظن من نفوسهم قبل أن يبين حكمه فقال لا تحسبوه شر لكم لأن هذا أول ما ينبغي معالجته بالنسبة لهذا الإفك وهو انتزاع ما يظنه بعض المؤمنين من أن هذا الإفك شر ثم بعد هذا الانتزاع تأتي المعالجة ويقولون إن التخلية قبل التحلية يعني أن تخلية الشيء من القبح والتشويه قبل أن يحلى بالشيء الجميل لأنك كونك تزيل الأشواك قبل أن تفرش أليس كذلك ؟ فلهذا نهى الله أن نحسب هذا شر حتى يقتلع ذلك من نفوسنا أولا ثم تكون مستعدة للتحلية وإثبات ما يثبت من يتحدث عنه بشأن هذا الإفك وتبين بهذا أنه ينبغي عند معالجة الأشياء أن نزيل أولا الأذى لنفتح الطريق أمام الخير حتى يلجه (( لا تحسبوه شرا لكم ))
وهنا أيضا نقول ينبغي أن يؤتى بأهم شيء وأهم شيء في هذا الأمر أن يزال ما في النفوس من ظن أن يكون هذا الإفك شر للنبي صلى الله عليه وسلم ولآل أبي بكر وبالمؤمنين عموما لأن حقيقة الأمر لو وقع هذا وحاشا لله أن يقع لكان هذا شرا بالنسبة لآل أبي بكر وبالنسبة لنبي الله صلى الله عليه وسلم ولهذا ما يمكن للمؤمنين حقا أن يظنوا هذا الظن وأجلاء المؤمنين من الصحابة أنكروا ذلك وقالوا لا يمكن أن يكون وممن أنكره أسامة بن زيد رضي الله عنه وغيره أنكروا أن ... ولكن بعض الناس لكثرة الترويج والإشاعات والشيطان أيضا ينفث في قلوبهم حصل منهم بعض الشك والصحابة المؤمنون منقسمون في هذا إلى ثلاثة أقسام قسم حصل منهما حصل من الانخراط في هذا الأمر وقسم منهم أنكر ذلك إنكارا بالغا وقال هذا لا يمكن والقسم الثالث توقف وشك في الأمر لكن الأجلاء من الصحابة والمعظم منهم أنكروا ذلك كما ذكره أهل العلم (( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )) أولا كيف لا نحسبه شرا نحن نؤمن بذلك لأن الله قال (( لا تحسبوه شرا )) وإن كان الإنسان قد يظن بادئ ذي بدأ بأنه شر وهذا شيء معروف واحد يقذف أهلك أول ما تظن تعرف أن هذا شر موجه إليك الأمر مسلم به فلما قال الله : (( لا تحسبوه شرا لكم )) انتهت المشكلة هذه وقضي عليها بنهي الله عز وجل العليم بما سيكون أنه ليس بشر بقي أن يقال بل هو خير لكم نحن نؤمن بهذا أيضا وأنه خير خيرا لنا لكن ما هو الخير الذي ظهر في هذا الإفك ؟ نقول الخير الذي ظهر في هذا الإفك خير ليس له نظير حيث ظهرت براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ظهورا لا يعادله شيء شهد الله لها بالبراءة من فوق عرشه تبارك وتعالى
ثانيا ظهر بذلك نقاء وطهر فراش النبي صلى الله عليه وسلم وأن لا يمكن لفراش النبي صلى الله عليه وسلم أن يتدنس بهذا
ثالثا من الخير الأجر العظيم الذي ترتب على ما أصاب المؤمنين في هذه الحادثة من الأذى والمشقة والجهد الجهيد ومن حكمة الله عز وجل أن الوحي انقطع شهرا كاملا ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وحي لأجل أن يتمحص المؤمن من المنافق ولأجل أن يشتد اشتياق المؤمنين إلى بيان الله سبحانه وتعالى في هذه القضية العظيمة الهامة ولأجل أن يزداد أجره في هذه المدة
ثم إن فيها أيضا من الخير رفعة شأن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا فوق قوله نزاهة فراشه وطهارته رفعة شأنه وكون الله سبحانه وتعالى في نفسه يدافع عنه
وفيها أيضا من الخير تأديب المؤمنين وعظتهم مما ينبغي أن يكونوا عليه من عدم إطلاق القول والتجرؤ على اعراض الأعفاء إلى غير ذلك مما سيتبين إن شاء الله في أثناء هذه القصة العظيمة " قال الله تعالى )( بل هو خير لكم )) يأجركم الله تعالى به ويظهر براءة عائشة رضي الله عنها ومن جاء معها منه وهو صفوان فإنها قالت كنت " إلى آخره هذا أيضا من الخير لصفوان ابن المعطل رضي الله عنه أنه إذا أنزل الله براءة عائشة من ذلك وكان هو الذي ظنه المنافقون بها ايش نأخذ من ذلك ؟ بيان براءة صفوان رضي الله عنه قالت عائشة رضي الله عنها " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بعد أن أنزل الحجاب وهذا الغزوة تسمى غزوة المريسيع وغزوة بني المصطلق " ولم يبين المؤلف متى كانت هذه الغزوة ولكن يتبين لنا متى كانت ؟ متى ؟ بعد أن أنزل الحجاب والحجاب متى نزل ؟ سنة ست من الهجرة وعلى هذا فتكون هذه الغزوة في السنة السادسة في آخرها أو في السنة السابعة وأما قول بعض المؤرخين أنها في الخامسة أو في الرابعة فهذا وهم منهم والصحيح أنها كانت في السادسة في آخرها لأنها صرحت أنها بعد أن أنزل الحجاب والنبي عليه الصلاة والسلام أيضا سأل زينب في شأنها وزينب نزلت آية الحجاب عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها فإذن هذه الغزوة غزوة المريسيع وهي عزوة بني المصطلق وكانت في السنة السادسة في آخرها يقول رضي الله عنها ففرغ منها ايش ؟ هذه الغزوة بعد أن نزلت آية الحجاب ففرغ منها ورجع ودنا من المدينة وآذن بالرحيل ليلة كما سمعتم وقضيت شأني واقبلت إلى الرحل فإذا عقدها وبكسره ...فإذا عقدي وبكسر مهملة القلادة فإذا عقدي وقد انقطع وبكسر مهملة القلادة فرجعت ألتمسه وحملوا هودجي هو ما تركب فيه على بعيري يحسبونني فيه وكانت النساء خفافا إنما يأكلن العلقة وهو من الطعام أي القليل تحدثت عائشة رضي الله عنها عن قصة الإفك تقول أنها لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة في ليلة من الليالي أذن بالرحيل فذهبت تقضي حاجتها كشأن الإنسان إذا أراد أن يركب أو أراد أن ينام أو ما أشبه ذلك يفرغ نفسه ذهبت تقضي حاجتها يعني تبول أو تتبرز فلما رجعت وإذا العقد قد انقطع فرجعت تلتمسه وقد ذكر المؤرخون أن هذا العقد كان عارية عندها لأختها أسماء وذهبت تلتمسه فوجدت العقد فلما وجدت العقد رجعت إلى مكانها فإذا القوم قد حملوا هودجها وما ظنوا أنها ليست فيه لأنها كما قالت الكلام هنا كانت النساء خفافا ما كان اللحم قد بنى عليهن لأنهن إنما يأكلن العلق من الطعام يعني القليل نعم ثم إن الهودج الذي حملوا به ليس رجلا واحد أو اثنين حتى يميزوا خفته إنما حمله جماعة والعادة أن الجماعة لا يحسون بثقل الشيء لا يهمهم لذلك حملوه على أنها فيه وصاروا لما رجعت ولم تجدهم عرفت أن القوم سيفقدونها وسيرجعون إليها هذا معروف وهذا من ذكائها وعقلها ما ذهبت يمينا ولا شمالا ما قالت ألحقني وأدور بقيت في مكانها ومن العجيب أنها من طمأنينتها ورباطة جأشها أنها نامت بهذا المكان ولما نامت كان صفوان بن المعطل رضي الله عنه في مؤخرة القوم وكان كثير النوم وثقيل ا لنوم أيضا فلما استيقظ لحق القوم فلما أقبل على مكانهم وجد سواد شخص فآوى إليه وحصل ما حصل الآن نقرأ القصة ......ووجدت نفسي بعد ما صاروا فجلست في المنزل الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدونني ويرجعون إليه فغلبتني عيني فنمت وكان صفوان قد عرس من وراء الجيش فادلج بتشديد الراء يعني عرض والدال ادلج أي نزل من آخر الليل للاستراحة هذا معنى عرس يعني نزل في آخر الليل للاستراحة تقول فسار منه أي من مكانه فأصبح في منزله أي في منزل الجيش فرأى سواد إنسان نائم أي شخصه فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت في استرجاعه فيما عرفني على قوله إنا لله وإنا إليه راجعون فغممت وجهي اي غطيته بجلبابي أي غطيته بالملاءة والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته ووطيء على يدها فركبتها فانطلق يقود لي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا الى آخره رضي الله عنه لما رأى سواد الشخص أقبل إليه فلما أقبل وإذا عائشة رضي الله عنها نائمة ولم تغط وجهها لأن ما حولها أحد فعرفها رضي الله عنه وكان قد رآها قبل الحجاب فعرفها فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ثم أناخ بعيره ووطئ على ركبته حتى ركبت لم يكلمها بكلمة ما كلمها بكلمة وإنما استرجع رضي الله عنه خوفا مما يقع توقع أمرا فوقع لأن امرأة في فلاة من الأرض وحدها ويأتيها رجل متأخر عن الجيش وهي متأخرة عنه هذا لا شك أنه بلية وابتلاء من الله ولهذا رأى أنه ...رضي الله عنه فاسترجع ولكن لعفته وتعظيمه النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه أم المؤمنين رضي الله عنها ما كلمها ولا كلمة ما قال لها اركبي ولا قال ماذا خلفك ولا قال لا بأس عليك ما تكلم بكلمة إطلاقا احتراما لفراش النبي صلى الله عليه وسلم واحتراما له وإنما أناخ البعير ووطئ على ركبته حتى ركبت رضي الله عنها فذهب يقود بها حتى أتى الجيش أتاه متى ؟ ...في نحو الظهيرة أي من أظهر واقفين في مكان ظهر من شدة الحر هذا ما الظهر شدة الحر حتى الآن في لغتنا العامية يقولون والله هنا حر ظاهر يعني شديدة الحر تقول فهلك من هلك فيّ وكان الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي بن سلول انتهى قولها رواه الشيخان
لما حصل الذي حصل ووجد عبد الله بن أبي ونظرائه من المنافقين وجدوا متنفسا يتنفسون منه الصعداء للقدح في النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يتكلمون ايش اللي جابوا ايش اللي خلفوا ايش اللي خلف عائشة ثم صاروا ينشرون الحديث ويصوغونه ويزخرفونه حتى شاع الخبر وانتشر النبي صلى الله عليه وسلم تألم ولا بد أن يتألم تألم في الحقيقة من وجهين أولا لأن عائشة رضي الله عنها فراشه وأحب نسائه إليه وهو يحبها وهي تحبه والشيء الثاني أنها بنت أعز الناس إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكيف يقع هذا الأمر وكيف يكون ولذلك ضاق على النبي صلى الله عليه وسلم الضائقة حتى إنه مع شدة صبره ومع فهمه لأهله ونزاهتهم وبعدهم عما نهوا به حتى أنه دخل عليه شيء مما دخل فصار يستشير بعض أصحابه هل يفارق عائشة أو لا يفارقها؟ منهم من يشير عليه بعدم المفارقة ويقول " أهلك يا رسول الله لا نعلم إلا خيرا " ومنهم من أشار عليه بالمفارقة لما رأى من تأذيه صلى الله عليه وسلم وقال إنه إذا فارقها يستريح وممن أشار بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قريب النبي صلى الله عليه وسلم ورأى من النبي صلى الله عليه وسلم مشقة عظيمة وأذى كبيرا فقال لعله إذا طلقها يستريح ويطمئن لكن كبار الصحابة رضي الله عنهم قالوا هذا أمر لا يمكن نعم وممن أشار عليه أسامة بن زيد بأن يمسكها ولا يطلقها على كل حال بقي الأمر هكذا منازعة وقلق وشدة إلى كمال الشهر عائشة رضي الله عنها ما كانت تعلم ما يقول الناس ولا تدري عن شيء لأنها كانت مريضة وكانت في بيت والدها ولا علمت بشيء إلا في آخر الأمر خرجت تقضي حاجتها فعثرت فقالت لها أمها أم رومان " تعس مسطح " لأن أمها في قلبها ايضا الا ما حصل وإنما خصت مسطح بن أثاثة من بين الذين قالوا ما قالوا لأنه كان ابن خالة أبو بكر قريبا منه وكان من المفروض من مثله يدافع عن القضية لقرابته لكن كان أمر الله قدرا مقدورا لما قالت تعس مسطح استغربت عائشة رضي الله عنها من أم رومان تقول في مسطح ما تقول مع أنه ابن خالة أبو بكر فسألت ما شأنه ما الأمر فأخبرتها بالأمر وقالت إن الناس يقولون في هذا الأمر كذا وكذا فازداد ألمها ألما ومرضها مرضا حتى جعلت تبكي ما ترقأ رضي الله عنها وحق لها أن تفعل هذا لأن الأمر عظيم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم إليهم وهي أيضا قد استنكرت من النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت تعتاد منه لين الجانب و...السؤال إذا مرضت ودخل عليها يسأل ويتحقق أما في هذه المرة ما كان يتحقق بل يقول ( كيف تيكم ) ويجلس قليلا ثم يخرج في يوم من الأيام كان قد جاء وقال ( كيف تيكم ) ؟ على العادة وبينما هو جالس إذ نزل عليه الوحي الفرج من الله عز وجل وببراءة عائشة رضي الله عنها فلما سري عنه وإذا هو عليه الصلاة والسلام فقال لها أبشري يا عائشة فقالت منك أو من الله قال : ( بل من الله ) قالت الحمد لله ثم انتهت قصة الإفك ولكن حصل ما حصل فيها من هذا البلاء العظيم
يقول الله عز وجل : (( لكل امرئ منهم )) " أي عليه "(( ما اكتسب من الإثم )) في ذلك لكل امرئ منهم أي من هؤلاء العصبة (( ما اكتسب من الإثم )) قال المؤلف أي عليه فتكون اللام بمعنى على هذا ما رآه المؤلف أن اللام بمعنى على وإذا كانت مضمنة بمعنى على فلماذا عدل عنها للام لتفيد الاستحقاق وأنهم يستحقون بما عليهم من الإثم فاللام إذن للاستحقاق أي لبيان أن هؤلاء العصبة الذين ارتكبوا ما ارتكبوا مستحقون ما عليهم من الإثم وقوله لكم منهم ما اكتسب هذا العدل من الله عز وجل في مجازاة على السيئة وأن الإنسان لا يحمل إلا ما اكتسب وفيه أيضا دليل على أن هذه المسألة ليسوا مشتركين في إثم واحد بل كل واحد له إثمه الكامل فيما اشترك فيه في هذه القضية
وقوله (( والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )) " الذي تولى كبره أي تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه وأشاعه وهو عبد الله بن أبي له عذاب عظيم هو النار في الآخرة " الذي تولى كبره أتى بالجملة على هذه الصفة للمبالغة ما قال ولمن تولى كبره منهم له عذاب عظيم بل قال (( والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )) جعلها في الحقيقة جملتين في جملة لأن الذي مبتدأ وله خبر مقدم وعذاب عظيم مبتدأ ثاني فكأنها صارت الجملة في مكان لبيان الأهمية والتأكيد والإشارة إلى أن توليه لهذا الشيء أمر عظيم والذي تولى كبره تولى الشيء بمعنى احتفى به وأولاه عنايته وقوله (( كبره )) أي معظمه وكبر الشيء بمعنى معظمه يعني ابتدأ به وصار يغذيه وينميه وينشره في المجالس ويوغر الصدور به وهو عبد الله بن أبي وهو جدير بمثل هذه الخسة لأنه منافق بل هو رأس المنافقين وهو يتمنى أن يقع مثل هذا الأمر ليجد فيه منفذا للطعن في النبي صلى الله عليه وسلم وفي فراشه وبخاصة أصحابه لعنه الله يقول (( له عذاب عظيم )) عذاب ايش معنى العذاب ؟ ...وعظيم بمعنى عظيم في قدره وعظيم في نوعه وجنسه وعظيم في أمده فإنه والعياذ بالله في الدرك الأسفل من النار لا يوجد أحد من أهل النار أسفل من المنافقين ورأس المنافقين في هذه الأمة من ؟ عبد الله بن أبي فيكون أسفل من في الدرك الأسفل من النار ولهذا عظم عذابه والعياذ بالله في شكله ومدته وفي قدره فهذا الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم بقينا هل حد هؤلاء الذين تكلموا ايش الجواب ؟ ما حد النبي صلى الله عليه وسلم منهم إلا المؤمنين فقط وهم حسان بن ثابت رضي الله عنه ومسطح بن أثاثه وحمنة بنت جحش وهي أخت زينب بنت جحش وزينب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم على أنها ضرة عائشة رضي الله عنها لما سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة أثنت عليها خيرا وأختها هلكت فيمن هلك فحدهم النبي صلى الله عليه وسلم حد القذف ثمانين جلدة نعم وأما المنافقون فما حدهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدهم إما لأن الحد تطهير وكفارة والمنافقين ليسوا أهلا للتطهير ولا للكفارة وهذا تعليل واضح وإما واضح من حيث المعنى لكن من حيث الواقع قد يكون غير واضح لأن المنافقين يظهرون أنهم مسلمون فكان ينبغي أن تجرى عليهم أحكام الإسلام الظاهرة وتبقى سرائرهم إلى الله عز وجل وقال آخرون إنما لم يحدهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم ما كانوا يصرحون أن صفوان فعل بعائشة كذا لكنهم كانوا يجمعون الحديث ويصيغونه بعبارات تعطي هذا المعنى لكن بدون تصريح ومعلوم أنه من لم يصرح بالزنا ما يحد حد القذف ولذلك لم يحدهم النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام ترك حدهم لهذا ولغيره قد يكون ترك حد عبد الله بن أبي لأنه رأس المنافقين ويخشى كان زعيما في قومه فيخشى أن يكون في ذلك فتنة كبيرة وحد القذف على القول انه للآدمي يجوز إسقاطه اذا أسقطه من هو له
لكن الذي يظهر والله أعلم أن السبب في ذلك أن المنافقين كعادتهم المنافق يروغ ولا يستطيع أن يصرح وعادته الخداع في كل شيء فتجدهم لا يصرحون ولكن يحومون حول الشيء حتى يملأوا قلوب الناس منه وبهذا الصحابة الذين هم صرحاء صرحوا بما ظنوه وإن كان ظنا باطلا لكن على كل حال هم ظنوا هذا فصرحوا به حدهم النبي صلى الله عليه وسلم حد القذف
الطالب: ...
الشيخ : ... حسان بن ثابت وعبد الله بن أبي ومسطح وحمنة بيت جحش أولا يقول الله عز وجل : (( إن الذين جاءوا بالإفك )) وال هنا للعهد الذهني يعني الذي معلوم عندهم ومفهوم وقوله بالإفك أي أسوأ الكذب كما قال المؤلف ونعم هذا أسوأ كذب يكون مثل هذا الكذب الذي جاء به هؤلاء لما يتضمنه من القدح لأمهات المؤمنين وبالتالي للنبي صلى الله عليه وسلم كما يتبين من الآيات من سياقها وقوله (( عصبة منكم )) أي جماعة وقوله منكم الخطاب للمؤمنين وكونه من المؤمنين يدل على أنهم لم يخرجوا من الإيمان بذلك بهذا القذف لم يخرجوا من الإيمان لأنه صدر قبل أن يتبين الحكم في هذا وإلا فمن قذف واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أو غيرها فإنه كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل وعده عد المؤلف عبد الله بن أبي من هؤلاء العصبة على أساس أن عبد الله بن أبي كان يتظاهر بالإسلام ولكنه في الحقيقة منافق ثم إن عبد الله بن أبي ليس يصرح بمثل هذا بالقذف وإنما هو خبيث يجمعهم ويشيع بين الناس بلفظ ليس فيه تصريح ومع هذا هو الذي تولى كبره كما سيأتي إنما نقول الخطاب في قوله منكم للمؤمنين وقوله (( عصبة منكم )) ولا شك أن مثل حسان رضي الله ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش لا شك أن مثل هؤلاء مؤمنون وأنهم لم يخرجوا من الإيمان بما فعلوا لأنه قبل تبين الحكم لكن الذي يشكل عليه أن يعد منهم عبد الله بن أبي وإيضاح هذا الإشكال أن يقال بأن عبد الله بن أبي يتظاهر بأنه مع المؤمنين (( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا )) وهو في الحقيقة من المنافقين فعده منهم باعتبار الظاهر لا باعتبار الحقيقة والواقع وقوله تعالى : (( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )) لا تحسبوه لا تظنوه أيها المؤمنون غير العصبة شر لكم بل هو خير لكم أولا الله تعالى يقول لا تحسبوه فنهى أن نظن بأن هذا الإفك شر لنا قبل أن يثبت أنه خير لماذا ؟ لأنه لا شك أنه حين وقع هذا الإفك أن المؤمنين أصابهم ما أصابهم من الأذى وظنوا أن ذلك شر فأراد الله تعالى أن ينتزع هذا الظن من نفوسهم قبل أن يبين حكمه فقال لا تحسبوه شر لكم لأن هذا أول ما ينبغي معالجته بالنسبة لهذا الإفك وهو انتزاع ما يظنه بعض المؤمنين من أن هذا الإفك شر ثم بعد هذا الانتزاع تأتي المعالجة ويقولون إن التخلية قبل التحلية يعني أن تخلية الشيء من القبح والتشويه قبل أن يحلى بالشيء الجميل لأنك كونك تزيل الأشواك قبل أن تفرش أليس كذلك ؟ فلهذا نهى الله أن نحسب هذا شر حتى يقتلع ذلك من نفوسنا أولا ثم تكون مستعدة للتحلية وإثبات ما يثبت من يتحدث عنه بشأن هذا الإفك وتبين بهذا أنه ينبغي عند معالجة الأشياء أن نزيل أولا الأذى لنفتح الطريق أمام الخير حتى يلجه (( لا تحسبوه شرا لكم ))
وهنا أيضا نقول ينبغي أن يؤتى بأهم شيء وأهم شيء في هذا الأمر أن يزال ما في النفوس من ظن أن يكون هذا الإفك شر للنبي صلى الله عليه وسلم ولآل أبي بكر وبالمؤمنين عموما لأن حقيقة الأمر لو وقع هذا وحاشا لله أن يقع لكان هذا شرا بالنسبة لآل أبي بكر وبالنسبة لنبي الله صلى الله عليه وسلم ولهذا ما يمكن للمؤمنين حقا أن يظنوا هذا الظن وأجلاء المؤمنين من الصحابة أنكروا ذلك وقالوا لا يمكن أن يكون وممن أنكره أسامة بن زيد رضي الله عنه وغيره أنكروا أن ... ولكن بعض الناس لكثرة الترويج والإشاعات والشيطان أيضا ينفث في قلوبهم حصل منهم بعض الشك والصحابة المؤمنون منقسمون في هذا إلى ثلاثة أقسام قسم حصل منهما حصل من الانخراط في هذا الأمر وقسم منهم أنكر ذلك إنكارا بالغا وقال هذا لا يمكن والقسم الثالث توقف وشك في الأمر لكن الأجلاء من الصحابة والمعظم منهم أنكروا ذلك كما ذكره أهل العلم (( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )) أولا كيف لا نحسبه شرا نحن نؤمن بذلك لأن الله قال (( لا تحسبوه شرا )) وإن كان الإنسان قد يظن بادئ ذي بدأ بأنه شر وهذا شيء معروف واحد يقذف أهلك أول ما تظن تعرف أن هذا شر موجه إليك الأمر مسلم به فلما قال الله : (( لا تحسبوه شرا لكم )) انتهت المشكلة هذه وقضي عليها بنهي الله عز وجل العليم بما سيكون أنه ليس بشر بقي أن يقال بل هو خير لكم نحن نؤمن بهذا أيضا وأنه خير خيرا لنا لكن ما هو الخير الذي ظهر في هذا الإفك ؟ نقول الخير الذي ظهر في هذا الإفك خير ليس له نظير حيث ظهرت براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ظهورا لا يعادله شيء شهد الله لها بالبراءة من فوق عرشه تبارك وتعالى
ثانيا ظهر بذلك نقاء وطهر فراش النبي صلى الله عليه وسلم وأن لا يمكن لفراش النبي صلى الله عليه وسلم أن يتدنس بهذا
ثالثا من الخير الأجر العظيم الذي ترتب على ما أصاب المؤمنين في هذه الحادثة من الأذى والمشقة والجهد الجهيد ومن حكمة الله عز وجل أن الوحي انقطع شهرا كاملا ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وحي لأجل أن يتمحص المؤمن من المنافق ولأجل أن يشتد اشتياق المؤمنين إلى بيان الله سبحانه وتعالى في هذه القضية العظيمة الهامة ولأجل أن يزداد أجره في هذه المدة
ثم إن فيها أيضا من الخير رفعة شأن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا فوق قوله نزاهة فراشه وطهارته رفعة شأنه وكون الله سبحانه وتعالى في نفسه يدافع عنه
وفيها أيضا من الخير تأديب المؤمنين وعظتهم مما ينبغي أن يكونوا عليه من عدم إطلاق القول والتجرؤ على اعراض الأعفاء إلى غير ذلك مما سيتبين إن شاء الله في أثناء هذه القصة العظيمة " قال الله تعالى )( بل هو خير لكم )) يأجركم الله تعالى به ويظهر براءة عائشة رضي الله عنها ومن جاء معها منه وهو صفوان فإنها قالت كنت " إلى آخره هذا أيضا من الخير لصفوان ابن المعطل رضي الله عنه أنه إذا أنزل الله براءة عائشة من ذلك وكان هو الذي ظنه المنافقون بها ايش نأخذ من ذلك ؟ بيان براءة صفوان رضي الله عنه قالت عائشة رضي الله عنها " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بعد أن أنزل الحجاب وهذا الغزوة تسمى غزوة المريسيع وغزوة بني المصطلق " ولم يبين المؤلف متى كانت هذه الغزوة ولكن يتبين لنا متى كانت ؟ متى ؟ بعد أن أنزل الحجاب والحجاب متى نزل ؟ سنة ست من الهجرة وعلى هذا فتكون هذه الغزوة في السنة السادسة في آخرها أو في السنة السابعة وأما قول بعض المؤرخين أنها في الخامسة أو في الرابعة فهذا وهم منهم والصحيح أنها كانت في السادسة في آخرها لأنها صرحت أنها بعد أن أنزل الحجاب والنبي عليه الصلاة والسلام أيضا سأل زينب في شأنها وزينب نزلت آية الحجاب عند زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها فإذن هذه الغزوة غزوة المريسيع وهي عزوة بني المصطلق وكانت في السنة السادسة في آخرها يقول رضي الله عنها ففرغ منها ايش ؟ هذه الغزوة بعد أن نزلت آية الحجاب ففرغ منها ورجع ودنا من المدينة وآذن بالرحيل ليلة كما سمعتم وقضيت شأني واقبلت إلى الرحل فإذا عقدها وبكسره ...فإذا عقدي وبكسر مهملة القلادة فإذا عقدي وقد انقطع وبكسر مهملة القلادة فرجعت ألتمسه وحملوا هودجي هو ما تركب فيه على بعيري يحسبونني فيه وكانت النساء خفافا إنما يأكلن العلقة وهو من الطعام أي القليل تحدثت عائشة رضي الله عنها عن قصة الإفك تقول أنها لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة في ليلة من الليالي أذن بالرحيل فذهبت تقضي حاجتها كشأن الإنسان إذا أراد أن يركب أو أراد أن ينام أو ما أشبه ذلك يفرغ نفسه ذهبت تقضي حاجتها يعني تبول أو تتبرز فلما رجعت وإذا العقد قد انقطع فرجعت تلتمسه وقد ذكر المؤرخون أن هذا العقد كان عارية عندها لأختها أسماء وذهبت تلتمسه فوجدت العقد فلما وجدت العقد رجعت إلى مكانها فإذا القوم قد حملوا هودجها وما ظنوا أنها ليست فيه لأنها كما قالت الكلام هنا كانت النساء خفافا ما كان اللحم قد بنى عليهن لأنهن إنما يأكلن العلق من الطعام يعني القليل نعم ثم إن الهودج الذي حملوا به ليس رجلا واحد أو اثنين حتى يميزوا خفته إنما حمله جماعة والعادة أن الجماعة لا يحسون بثقل الشيء لا يهمهم لذلك حملوه على أنها فيه وصاروا لما رجعت ولم تجدهم عرفت أن القوم سيفقدونها وسيرجعون إليها هذا معروف وهذا من ذكائها وعقلها ما ذهبت يمينا ولا شمالا ما قالت ألحقني وأدور بقيت في مكانها ومن العجيب أنها من طمأنينتها ورباطة جأشها أنها نامت بهذا المكان ولما نامت كان صفوان بن المعطل رضي الله عنه في مؤخرة القوم وكان كثير النوم وثقيل ا لنوم أيضا فلما استيقظ لحق القوم فلما أقبل على مكانهم وجد سواد شخص فآوى إليه وحصل ما حصل الآن نقرأ القصة ......ووجدت نفسي بعد ما صاروا فجلست في المنزل الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدونني ويرجعون إليه فغلبتني عيني فنمت وكان صفوان قد عرس من وراء الجيش فادلج بتشديد الراء يعني عرض والدال ادلج أي نزل من آخر الليل للاستراحة هذا معنى عرس يعني نزل في آخر الليل للاستراحة تقول فسار منه أي من مكانه فأصبح في منزله أي في منزل الجيش فرأى سواد إنسان نائم أي شخصه فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت في استرجاعه فيما عرفني على قوله إنا لله وإنا إليه راجعون فغممت وجهي اي غطيته بجلبابي أي غطيته بالملاءة والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته ووطيء على يدها فركبتها فانطلق يقود لي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا الى آخره رضي الله عنه لما رأى سواد الشخص أقبل إليه فلما أقبل وإذا عائشة رضي الله عنها نائمة ولم تغط وجهها لأن ما حولها أحد فعرفها رضي الله عنه وكان قد رآها قبل الحجاب فعرفها فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ثم أناخ بعيره ووطئ على ركبته حتى ركبت لم يكلمها بكلمة ما كلمها بكلمة وإنما استرجع رضي الله عنه خوفا مما يقع توقع أمرا فوقع لأن امرأة في فلاة من الأرض وحدها ويأتيها رجل متأخر عن الجيش وهي متأخرة عنه هذا لا شك أنه بلية وابتلاء من الله ولهذا رأى أنه ...رضي الله عنه فاسترجع ولكن لعفته وتعظيمه النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه أم المؤمنين رضي الله عنها ما كلمها ولا كلمة ما قال لها اركبي ولا قال ماذا خلفك ولا قال لا بأس عليك ما تكلم بكلمة إطلاقا احتراما لفراش النبي صلى الله عليه وسلم واحتراما له وإنما أناخ البعير ووطئ على ركبته حتى ركبت رضي الله عنها فذهب يقود بها حتى أتى الجيش أتاه متى ؟ ...في نحو الظهيرة أي من أظهر واقفين في مكان ظهر من شدة الحر هذا ما الظهر شدة الحر حتى الآن في لغتنا العامية يقولون والله هنا حر ظاهر يعني شديدة الحر تقول فهلك من هلك فيّ وكان الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي بن سلول انتهى قولها رواه الشيخان
لما حصل الذي حصل ووجد عبد الله بن أبي ونظرائه من المنافقين وجدوا متنفسا يتنفسون منه الصعداء للقدح في النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يتكلمون ايش اللي جابوا ايش اللي خلفوا ايش اللي خلف عائشة ثم صاروا ينشرون الحديث ويصوغونه ويزخرفونه حتى شاع الخبر وانتشر النبي صلى الله عليه وسلم تألم ولا بد أن يتألم تألم في الحقيقة من وجهين أولا لأن عائشة رضي الله عنها فراشه وأحب نسائه إليه وهو يحبها وهي تحبه والشيء الثاني أنها بنت أعز الناس إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكيف يقع هذا الأمر وكيف يكون ولذلك ضاق على النبي صلى الله عليه وسلم الضائقة حتى إنه مع شدة صبره ومع فهمه لأهله ونزاهتهم وبعدهم عما نهوا به حتى أنه دخل عليه شيء مما دخل فصار يستشير بعض أصحابه هل يفارق عائشة أو لا يفارقها؟ منهم من يشير عليه بعدم المفارقة ويقول " أهلك يا رسول الله لا نعلم إلا خيرا " ومنهم من أشار عليه بالمفارقة لما رأى من تأذيه صلى الله عليه وسلم وقال إنه إذا فارقها يستريح وممن أشار بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قريب النبي صلى الله عليه وسلم ورأى من النبي صلى الله عليه وسلم مشقة عظيمة وأذى كبيرا فقال لعله إذا طلقها يستريح ويطمئن لكن كبار الصحابة رضي الله عنهم قالوا هذا أمر لا يمكن نعم وممن أشار عليه أسامة بن زيد بأن يمسكها ولا يطلقها على كل حال بقي الأمر هكذا منازعة وقلق وشدة إلى كمال الشهر عائشة رضي الله عنها ما كانت تعلم ما يقول الناس ولا تدري عن شيء لأنها كانت مريضة وكانت في بيت والدها ولا علمت بشيء إلا في آخر الأمر خرجت تقضي حاجتها فعثرت فقالت لها أمها أم رومان " تعس مسطح " لأن أمها في قلبها ايضا الا ما حصل وإنما خصت مسطح بن أثاثة من بين الذين قالوا ما قالوا لأنه كان ابن خالة أبو بكر قريبا منه وكان من المفروض من مثله يدافع عن القضية لقرابته لكن كان أمر الله قدرا مقدورا لما قالت تعس مسطح استغربت عائشة رضي الله عنها من أم رومان تقول في مسطح ما تقول مع أنه ابن خالة أبو بكر فسألت ما شأنه ما الأمر فأخبرتها بالأمر وقالت إن الناس يقولون في هذا الأمر كذا وكذا فازداد ألمها ألما ومرضها مرضا حتى جعلت تبكي ما ترقأ رضي الله عنها وحق لها أن تفعل هذا لأن الأمر عظيم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم إليهم وهي أيضا قد استنكرت من النبي صلى الله عليه وسلم لأنها كانت تعتاد منه لين الجانب و...السؤال إذا مرضت ودخل عليها يسأل ويتحقق أما في هذه المرة ما كان يتحقق بل يقول ( كيف تيكم ) ويجلس قليلا ثم يخرج في يوم من الأيام كان قد جاء وقال ( كيف تيكم ) ؟ على العادة وبينما هو جالس إذ نزل عليه الوحي الفرج من الله عز وجل وببراءة عائشة رضي الله عنها فلما سري عنه وإذا هو عليه الصلاة والسلام فقال لها أبشري يا عائشة فقالت منك أو من الله قال : ( بل من الله ) قالت الحمد لله ثم انتهت قصة الإفك ولكن حصل ما حصل فيها من هذا البلاء العظيم
يقول الله عز وجل : (( لكل امرئ منهم )) " أي عليه "(( ما اكتسب من الإثم )) في ذلك لكل امرئ منهم أي من هؤلاء العصبة (( ما اكتسب من الإثم )) قال المؤلف أي عليه فتكون اللام بمعنى على هذا ما رآه المؤلف أن اللام بمعنى على وإذا كانت مضمنة بمعنى على فلماذا عدل عنها للام لتفيد الاستحقاق وأنهم يستحقون بما عليهم من الإثم فاللام إذن للاستحقاق أي لبيان أن هؤلاء العصبة الذين ارتكبوا ما ارتكبوا مستحقون ما عليهم من الإثم وقوله لكم منهم ما اكتسب هذا العدل من الله عز وجل في مجازاة على السيئة وأن الإنسان لا يحمل إلا ما اكتسب وفيه أيضا دليل على أن هذه المسألة ليسوا مشتركين في إثم واحد بل كل واحد له إثمه الكامل فيما اشترك فيه في هذه القضية
وقوله (( والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )) " الذي تولى كبره أي تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه وأشاعه وهو عبد الله بن أبي له عذاب عظيم هو النار في الآخرة " الذي تولى كبره أتى بالجملة على هذه الصفة للمبالغة ما قال ولمن تولى كبره منهم له عذاب عظيم بل قال (( والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )) جعلها في الحقيقة جملتين في جملة لأن الذي مبتدأ وله خبر مقدم وعذاب عظيم مبتدأ ثاني فكأنها صارت الجملة في مكان لبيان الأهمية والتأكيد والإشارة إلى أن توليه لهذا الشيء أمر عظيم والذي تولى كبره تولى الشيء بمعنى احتفى به وأولاه عنايته وقوله (( كبره )) أي معظمه وكبر الشيء بمعنى معظمه يعني ابتدأ به وصار يغذيه وينميه وينشره في المجالس ويوغر الصدور به وهو عبد الله بن أبي وهو جدير بمثل هذه الخسة لأنه منافق بل هو رأس المنافقين وهو يتمنى أن يقع مثل هذا الأمر ليجد فيه منفذا للطعن في النبي صلى الله عليه وسلم وفي فراشه وبخاصة أصحابه لعنه الله يقول (( له عذاب عظيم )) عذاب ايش معنى العذاب ؟ ...وعظيم بمعنى عظيم في قدره وعظيم في نوعه وجنسه وعظيم في أمده فإنه والعياذ بالله في الدرك الأسفل من النار لا يوجد أحد من أهل النار أسفل من المنافقين ورأس المنافقين في هذه الأمة من ؟ عبد الله بن أبي فيكون أسفل من في الدرك الأسفل من النار ولهذا عظم عذابه والعياذ بالله في شكله ومدته وفي قدره فهذا الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم بقينا هل حد هؤلاء الذين تكلموا ايش الجواب ؟ ما حد النبي صلى الله عليه وسلم منهم إلا المؤمنين فقط وهم حسان بن ثابت رضي الله عنه ومسطح بن أثاثه وحمنة بنت جحش وهي أخت زينب بنت جحش وزينب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم على أنها ضرة عائشة رضي الله عنها لما سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة أثنت عليها خيرا وأختها هلكت فيمن هلك فحدهم النبي صلى الله عليه وسلم حد القذف ثمانين جلدة نعم وأما المنافقون فما حدهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدهم إما لأن الحد تطهير وكفارة والمنافقين ليسوا أهلا للتطهير ولا للكفارة وهذا تعليل واضح وإما واضح من حيث المعنى لكن من حيث الواقع قد يكون غير واضح لأن المنافقين يظهرون أنهم مسلمون فكان ينبغي أن تجرى عليهم أحكام الإسلام الظاهرة وتبقى سرائرهم إلى الله عز وجل وقال آخرون إنما لم يحدهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم ما كانوا يصرحون أن صفوان فعل بعائشة كذا لكنهم كانوا يجمعون الحديث ويصيغونه بعبارات تعطي هذا المعنى لكن بدون تصريح ومعلوم أنه من لم يصرح بالزنا ما يحد حد القذف ولذلك لم يحدهم النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام ترك حدهم لهذا ولغيره قد يكون ترك حد عبد الله بن أبي لأنه رأس المنافقين ويخشى كان زعيما في قومه فيخشى أن يكون في ذلك فتنة كبيرة وحد القذف على القول انه للآدمي يجوز إسقاطه اذا أسقطه من هو له
لكن الذي يظهر والله أعلم أن السبب في ذلك أن المنافقين كعادتهم المنافق يروغ ولا يستطيع أن يصرح وعادته الخداع في كل شيء فتجدهم لا يصرحون ولكن يحومون حول الشيء حتى يملأوا قلوب الناس منه وبهذا الصحابة الذين هم صرحاء صرحوا بما ظنوه وإن كان ظنا باطلا لكن على كل حال هم ظنوا هذا فصرحوا به حدهم النبي صلى الله عليه وسلم حد القذف