تفسير قول الله تعالى : << إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة و الله يعلم وأنتم لا تعلمون >> . حفظ
ثم قال الله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ))[النور:19] إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة باللسان لهم عذاب أليم قلنا إن مثل هذا التركيب كونه يأتي في الجملة على جملتين يفيد ذلك التأكيد إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة لهم ما قال إن للذين يحبون أن تشيع الفاحشة عذاب فجعل المسألة جملتين صغرى وكبرى فقول (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) هذه الكبرى وقوله (( لهم عذاب اليم )) هذه الصغرى سميت صغرى لأنها قائمة مقام الاسم المفرد إذ هي خبر والأصل في الخبر أن يكون مفرد أرجو أن ننتبه لأنه امس نسيت أن ابحث (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا )) الذين هذه الأولى إن الذين ايش إعرابها ؟ اسم إن فهي في محل المبتدأ يحبون صلة الموصول أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا مفعول يحبون لهم خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر والجملة خبر إن إذن هذه الجملة تضمنت جملتين صغرى وكبرى طيب الكبرى المجموع (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) والصغرى لهم عذاب أليم وسميناها صغرى وإن كانت مكونة من مبتدأ وخبر لأنها خبر فهي في مقام المفرد لأن الأصل في الخبر أن يكون مفردا تقول مثلا الطالب فاهم خبر مبتدأ مفرد تقول الطالب له فهم صارت الآن جملة والجميع جملتان كبرى وهو مجموعهما وصغرى وهو الجملة التي صارت خبرا والله أعلم .
لأنها آيات كونية واضحة الليل والنهار والشمس والقمر والشرعية
الطالب :...
الشيخ : هل بينها الله تعالى وهي ظاهرة لكل أحد وإلا لا ؟
الطالب :بينها
الشيخ : لكنها ليست ظاهرة لمن أعمى الله بصيرته كما قال الله تعالى : (( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد )) إذن فبيان الآيات واتضاحها إن كانت كونية فهي واضحة ولا أحد يشك فيها وإذا كانت شرعية فهي واضحة في حد ذاتها لكن من الناس من يعمى عنها كما أنه أيضا ربما يقال حتى الآيات الكونية ربما يعمى عنها بعض الناس عند التأمل لأن من الناس من يظن أن هذه الآيات ليست من فعل الخالق وإنما هي طبائع تتفاعل ويتولد بعضها عن بعض وبدون أن يكون لها مدبر أو خالق وعلى هذا فتكون أيضا الآيات الكونية كالآيات الشرعية خلافا لما قررناه سابقا
ثم قال الله تعالى : (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) إن الذين يحبون الذين اسم من الأسماء الموصولة والمعروف في علم الأصول أن الاسم الموصول يفيد العموم إن الذين يحبون يكون عاما وقوله (( يحبون أن تشيع الفاحشة )) تشيع بمعنى تنتشر وتظهر وقول المؤلف باللسان هذا تفسير للشيوع يعني تشيع بالقول وتظهر ويتداولها الناس ولكن الأظهر أنها أعم من الشيوع باللسان وأنها تشيع بالفعل بحيث يشاهدهم الناس وبالقول بحيث يشاع عنهم ذلك فهؤلاء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة سواء يحبون أن تشيع بالقول كما اشار إليه المؤلف باللسان أو يحبون أن تشيع بالفعل بمعنى أن يظهر أمرهم ويتبين ويشاهدوه وقولهم (( لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) هذه جملة نسميها جملة صغرى إن الذين ، الذين اسم إن وهي في محل المبتدأ ولهم عذاب أليم جملة خبرية خبر إن وهذا يفيد التوكيد أوكد مما لو قيل إن للذين يحبون أن تشيع الفاحشة عذابا أليما مثلا هذا أبين لأنها تكون جملتان كأنهما مكررتان وقول المؤلف " بنسبتها إليهم " هذا بناء على أن المراد بالشيوع شيوع اللسان والأصح أنه أعم أي بنسبتها إليهم فيما يقال فيهم أو برؤيتها منهم فيما فعلوه وقول المؤلف " وهم العصبة " هذا ليس بصحيح لأنه أراد أن يفسر العام بالخاص لأن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة هو خاص بالعصبة الذين جاءوا بالإفك أو عام في كل أحد ؟ عام في كل أحد إلى يوم القيامة حتى مثلا من أراد أو أحب أن تشيع الفاحشة في المؤمنين في زمنه فهو داخل في هذه الآية وتخصيص الآية بشيء لا دليل عليه هذا لا يجوز وقد قال أهل العلم إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لكن يجب أن نعرف أن صورة السبب قطعية الدخول يعني إذا ورد لفظ عام بسبب خاص فإن السبب الذي وردت من أجله قطعي الدخول في هذا العام وغيره من أفراد العموم ليس قطعيا ولكنه ظاهر فيه وبيان ذلك أن دلالة العام على كل فرد من أفراده قطعية وإلا ظنية ؟ دلالة ظنية يعني ليست قطعا إذ يجوز أن يكون بعض الأفراد قد خصص بحكم يخالف هذا العموم ولهذا نقول دلالة العموم دلالة اللفظ العام على عمومه ظنية فهمتم ؟لماذا نقول ظنية ؟ لاحتمال أن يكون بعض أفراده قد خصص إلا صورة السبب يعني الصورة التي هي سبب هذا العموم فهي قطعية الدخول لأنه ما يمكن أن نخرجها عن العموم وهو وارد من أجلها فمثلا إن قال قائل الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إلى آخره لو قال قائل إنه لا يدخل فيها أوس بن الصامت الذي ظاهر من زوجته وهو سبب النزول ماذا نقول له ؟ نقول هذا غير صحيح قطعا هو داخل لو قال قائل إن الرجل الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم قد غشي عليه وهو قائم والناس يظللون عليه وهو صائم في السفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس من البر الصوم في السفر ) لو قال قائل إن هذا الرجل لا يدخل في هذا الحديث نقول غير صحيح ولا يمكن لأن الصورة التي هي سبب النزول قطعية الدخول غيرها ما قطعي لكن ظني ...فسر هذا العموم بالخاص يجوز ولا ما يجوز ؟ لا يجوز إذا وجد لفظ عام يجب الأخذ بعمومه وإن كان دلالته على جميع أفراده ظنية لكن يجب الأخذ بعمومه حتى يأتي دليل على التخصيص فنقول هذه الآية عامة في العصبة وغيرها (( لهم عذاب أليم في الدنيا )) بالحد و... والآخرة بالنار لحق الله تعالى نعم (( لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) في الدنيا من العذاب ما ذكره المؤلف وقد يكون عذاب أشد لكن الآن المتبادر لنا أن العذاب الأليم في الدنيا هو العقوبة وعذاب كما أشرنا إليه سابقا بمعنى عقوبة وأليم بمعنى مؤلم وأما عذاب الآخرة فهو عند الله أيضا
وقول المؤلف إن حد القذف وعذاب الآخرة في حق الله هذا يشكل عليه أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه من أصاب من هذه الذنوب شيئا وعوقب عليه في الدنيا كان كفارة له ) وبهذا قالوا إن الحدود كفارة لأصحابها كحد الزنا وحد السرقة وغيرها كفارة لأصحابها إذ أن الله لا يجمع عليه عقوبتين فعلى هذا نقول إن الآية هذه فيمن يحب أن تشيع الفاحشة لكن من أشاع إذا كان هذه من الاشاعات لكن من أشاعها هل عليه حد في الدنيا ؟ ما عليه حد مجرد محبة الإنسان لشيوع الفاحشة في المؤمنين ليس بقذف لا يقام عليه الحد لكن يعزر أو يعاقب بما يسميه أهل العلم بالتعزير يردعه عن فعله عن هذا الأمر وأما عذاب الآخرة فيقال ان هذا ما دام الأمر ليس بحد فقد يعذر وحينئذ يكون العذاب عليه في الآخرة وأما من أقيم عليه الحد في معصية من المعاصي فإنه يكون كفارة له كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم طيب أذا كان هذا الوعيد فيمن يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين فكيف يكون حال من أشاع الفاحشة ...محمود عبد الله ؟ الطالب :...
الشيخ : الذي يشيع أشد من الذي يحب أن تشيع لأن الذي يشيع يحب ويفعل إذ ما أشاع شيئا ...فيكون قد أحب وفعل والذي أحب قد لا يفعل ومع ذلك له عذاب أليم ثم قال الله تعالى : (( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) والله يعلم انتفاؤها عنهم وأنتم أيها العصبة لا تعلمون وجودها فيهم
الطالب :...
الشيخ : لا تعلمون وجودها فيهم...
الطالب :...