تتمة تفسير الآية السابقة . حفظ
وقوله : (( والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) يقول المؤلف يعلم انتفاءها عنهم سواء هذا أو قصة أخرى لأن الصحيح على العموم يعني انتفاء الفاحشة التي أحب هؤلاء أن تشيع في المؤمنين يعلم سبحانه وتعالى أنها ليست فيهم أو أنها فيهم (( وأنتم لا تعلمون )) هذا النفي هل هو على إطلاقه يعني لا تعلمون شيئا أو لا تعلمون ما يعلمه الله ؟ الأخير يعني لا تعلمون ما يعلمه الله وإلا فعند الإنسان عنده علم (( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ))[النحل:78](( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) لكن لا تعلمون ما عند الله من العلم ولا تعلمون كعلم الله لأن علم الله واسع شامل تام وعلم الإنسان قاصر ناقص يعني محدود وناقص بخلاف علم الله سبحانه وتعالى وفي هذا إشارة إلى أنه لا يجوز للإنسان أن يتكلم بمثل هذه الأمور حتى يكون لديه علم وإذا كان لديه علم أيضا فإنه يجب أن يتبع المصالح في ذلك لو فرضنا أني أدري أن هذا الرجل أصاب الفاحشة فهل من المستحسن أن أرفعها إلى الإمام لتبين وتبرز أو من المستحسن ألا ارفعها ؟ الجواب هذا يتعلق بالمصلحة إذا كان هذا الذي وقع منه الفاحشة رجل معروفا بالعفة وبالصلاح وأن الأمر بدر منه هكذا هفوة فإنه لا ينبغي أن يرفع إلى الإمام ويشهر بل يستر عليه وينصح وإذا كان الرجل معروف بالشر والفساد كان من الواجب أن يبين أمره ويظهر ويشهر
ومثل ذلك أيضا مسألة العفو عن الجناة هل هو أولى من الأخذ بالحق أو الأخذ بالحق أولى من العفو نعم ينبني على هذا التفصيل إذا كان في العفو صلاح فالعفو أولى وإلا فالأخذ بالحق أفضل وكل الآيات التي تندب إلى العفو هي مقيدة بقوله تعالى : (( فمن عفا وأصلح فأجره على الله )) نعم قيد الله تعالى العفو بالإصلاح وأيضا من الناحية المعنوية أن يقال العفو إحسان والإصلاح واجب وإلا لا ؟ الإصلاح واجب وطلب الصلاح واجب والعفو إحسان وإذا تعارض الواجب والإحسان أيهما يقدم ؟ الواجب فعلى هذا إذا تعارض إصلاح الخلق أو العفو عن هذا المجرم نقول إن الإصلاح أولى هذا المجرم لو عفوت عنه ذهب يفعل إجراما بغيره وإذا عفا ذهب يفعل إجراما آخر وهكذا فنقول لا ينبغي العفو هنا إن لم نقل بتحريمه وعلى هذا يتنزل فعل بعض الناس الآن بعض الناس إذا مثلا إنسان صدمه أو دعث له مال أو دعث له نفس تجده على طول يبادر بالعفو وهذا خطأ عظيم الواجب أن الناس يبين لهم أن الواجب النظر أن هذا الرجل الذي تهور مثلا ودهس هذا الآدمي أو هذه البهيمة أو هذا المال وأفسده هل هو إنسان متهور شرير إنه لا يبغي العفو عنه وهل أيضا المصلحة أن نعفو عنه أو المصلحة اذا عفونا أصبح الناس لا يبالون بهذا الشيء يعني لو أن كل من جرى منه مثل هذا الأمر عذر وحبس وغرم المال ما كان الناس على هذا الوجه الذي ترونه الآن لكن مع الأسف أن بعض الإخوان تجده تأخذه العاطفة ويأخذه الزهد في الدنيا أمام الصدمة العظيمة التي أصابته ثم على طول يعفوا عندما أصابته المصيبة الفادحة هذه ترخص الدنيا كلها عنده يقول مثلا إذا راح هذا الذي علي عزيز لا يهمني الدنيا كلها صارت عنده ما فيه شيء ثم على طول يعفوا هذا خطأ والواجب التعقل ولهذا في الحقيقة أن الأخذ بالعاطفة دون عقل من شيم النساء وليس من شيم الرجال ولا من شيم أيضا أهل الإصلاح فإن الواجب في هذه الأمور ان ينظر ما هو أصلح بالنسبة لهذا الشخص الخاص وبالنسبة للعموم