تفسير قول الله تعالى : << يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق و يعلمون أن الله هو الحق المبين >> . حفظ
قال الله تعالى : (( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق )) " يوفيهم جزاء الواجب عليهم ويعلمون أن الله هو الحق المبين حيث حقق لهم جزاءهم الذي كانوا يشكون فيه ومنهم عبد الله بن أبي والمحصنات هنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في قذفهن توبة ومن ذكر في قذفهن أول السورة التوبة غيرهن " طيب يقول يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق يوفيهم بمعنى يعطيهم وافيا تقول وفيته حقه أي أعطيته له وقوله (( دينهم )) أي جزاءهم والدين كما أسلفنا كثيرا يطلق على العمل وعلى جزاء العمل فمن إطلاق الدين على العمل قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) المراد جزاءكم وإلا لا ؟(( اليوم أكملت لكم دينكم )) يعني جزاءكم ؟ لا وإن المراد العمل الذي تدينون الله به ومثل قوله تعالى : (( مالك يوم الدين )) ايش المراد ؟ الجزاء فالدين إذن يطلق ويراد به العمل والجزاء على العمل ومنه قولهم كما تدين تدان يعني كما تعمل تجازى فإذن (( دينهم الحق )) أي جزاء عملهم وقوله الحق بمعنى العدل وذلك لأن الحق إن قيل في مقابلة الخبر فهو بمعنى الصدق وإن قيل في مقابلة الحكم سواء كان حكم تفسيريا أم جزائيا فمعناه العدل هنا قيل في مقابلة حكم جزائي وعليه فيكون المراد بالحق يعني العدل الذي ليس فيه ظلم ولا جور وهكذا جزاء الله سبحانه وتعالى يكون دائما حقا يعني عدلا ليس فيه جور
طيب أليس جزاء الله بالحسنات الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة هل ينافي الآية هذه وإلا لا؟ الجواب لا ينافيها لأن هذا عدل وزيادة كون الله يجازي العامل أكثر من عمله هذا عدل وزيادة لكن كون الإنسان الذي يجازي غيره على عمل خير فيعاقبه بأكثر مما يستحق هذا جور وإلا لا؟ جور فالله تعالى منزه عن هذا الأخير لأنه جور لكن الأول فضل من الله والله تعالى ذو الفضل العظيم (( ويعلمون أن الله هو الحق المبين )) في هذه الجملة مؤكدان نعم وإن شئنا قلنا ثلاثة مؤكدات يبينها احمد ؟
الطالب: أن وضمير الفصل
الشيخ : هذه اثنان
الطالب:...
الشيخ : لا لا من يعرف المؤكد الثالث
الطالب:...
الشيخ : فيها لام هذه للتعريف
الطالب:...
الشيخ : لا
الطالب:...
الشيخ : اسمية ...جملة مكونة من مبتدأ وخبر كلاهما معرفة فكون الخبر والمبتدأ معرفة هذا يفيد التوكيد والحصر ِأيضا إذن فالله تعالى هو الحق مؤكد بهذه المؤكدات الثلاثة وايش معنى كون الله حقا؟ أولا وجوده حق ما يستحقه من الحقوق حق في العبادة مثلا فهو الإله الحق ما صدر عنه من خبر أو حكم فهو حق إذن فهو الحق في ذاته وجودا واستحقاقا وكذلك أحكاما فهو سبحانه وتعالى موجود حقا وهو المستحق لما يختص به حقا لا يشاركه أحد فيه وهو سبحانه وتعالى الذي لا يصدر عنه إلا حق يعني أحكامه وأفعاله كلها حق الوجه إذن وجه الأحقية لله عز وجل من وجوه ثلاثة:
أولا في وجوده فإن وجوده حق وهو أحق الأشياء وجودا ولهذا جميع الفطر السليمة تشهد به وكذلك العقول الصريحة يعني الخالصة عن الشبهات والشهوات تشهد به وكذلك أيضا ما يصدر عنه فهو الحق ما يصدر عنه من خبر أو حكم فما أخبر به فهو حق وما حكم به فهو حق سواء كانت الأحكام هذه تشريعية وهو ما يشرعه للعباد أو جزائية وهو ما يجازي به العباد
ايش المعنى الثالث؟ ما يستحقه فهو حق يعني كون الله يختص بأشياء لا يشاركه فيها غيره هذا أيضا حق ولهذا يقول الله تعالى : (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو ا لعلي الكبير )) إذن الحق في جانب الله سبحانه وتعالى يكون على الوجوه التالية الوجود والاستحقاق وما يصدر عنه مفهوم فوجوده حق وما يستحقه من الأمور حق يعني من كمال الصفات والعبادة وغير ذلك والثالث ما صدر عنه تبارك وتعالى فهو حق من خبر أو حكم والحكم كما أسلفنا سواء كان جزائيا أو تشريعيا ولما لا نقول أو قدريا لأن الأحكام القدرية ايضا حكم مثل ما قلنا أن الحكم حكمين كوني وقدري وفي الحقيقة أنه نعم لابد أن يضاف كل ما يصدر عنه من أحكام جزائية أو كونية أو تشريعية فهي حق طيب
الطالب: القدرية هي الكونية ؟
الشيخ : القدرية هي الكونية نعم أن الله هو الحق وقوله المبين من أبان يعني من الفعل الرباعي وأبان بمعنى أظهر ولا بمعنى ظهر؟ تصلح أبان الفعل الرباعي قالوا أنه يستعمل متعديا ولازما يستعمل لازما بمعنى بان ومتعديا بمعنى بان أي ظهر طيب هنا المبين هل المعنى البين الأحقية أو المعنى الذي أبان لخلقه أنه الحق ؟ أو كلاهما ؟ كلاهما الواقع أن الله تعالى بين الأحقية وقد أبان لعباده كونه حقا طيب قوله تعالى : (( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين )) أيش معنى مبين بين وإلا مبين بمعنى مظهر؟ القرآن بين وإلا مبين أو بين مبين؟ بين مبين في الحقيقة لكن مبين هنا أظهر لقوله : (( لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين )) طيب إن أنتم في قوله تعالى : (( وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) ايش معنى مبين؟ بين والحاصل أن كلمة مبين تستعمل من المتعدي واللازم لأن أصلها كلها رباعي أبان تستعمل لازما ومتعديا فإن كان لازما فهي بمعنى بين ومنه قوله تعالى : (( وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) وإن كانت من المتعدي فهي بمعنى مظهر للشيء أبنت بمعنى أظهرته حتى بان ومنه قوله تعالى (( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين )) أي مظهر لقوله : (( لينذر من كان حيا)) وكذلك أيضا بلسان عربي مبين بمعنى مظهر وإن كان من لازم أنه إذا كان مظهر فهو ظاهر في نفسه فالمبين بمعنى المظهر لابد أن يكون بينا في نفسه وإلا لما أظهر ويعلمون أن الله هو الحق المبين هذه الآية هل ننزلها على المبين اللازم وإلا المبين المتعدي؟ على كليهما في الحقيقة لأن الله تعالى بين الأحقية ومبين ذلك لعباده كيف أبان لعباده أنه الحق ؟ أولا بما ركب فيهم من الفطر والعقول الفطر السليمة والعقول ولهذا دائما يحيل الله سبحانه وتعالى هذه الأمور إلى العقل فيقول (( أفلا تعقلون )) نعم دليل على أن العقل مرجع ولكن المراد بالعقل العقل السليم الذي ليس فيه شبهات وليس فيه شهوات وأما العقل الذي استولت عليه الشبهات أو الشهوات فهذا عقل فاسد لا يحكم بشيء هذه واحدة ...
طيب أيضا أبان الحق تبارك وتعالى بغير العقل بالفطرة فإن الفطرة السليمة تشهد بالحق وأبان العقل بالوحي الذي أرسل به الرسل فتكون إبانة الله تبارك وتعالى للحق بهذه الطرق الثلاثة العقل والفطرة والوحي كل هذه الطرق الثلاث يتبين بها الحق ولذلك يضرب الله الأمثال للناس لماذا ؟ لأجل أنهم يهتدون مورد المثل ومضربه فيهتدون بهذا على هذا والله اعلم