تفسيرقول الله تعالى : << .... و لايضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن و توبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون >> حفظ
قال بعد ذلك سبحانه وتعالى : (( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )) "ولا يضربن الضمير يعود على من ؟ على المؤمنات بأرجلهن ضرب برجله معروف يعني حركها على الأرض بقوة ليعلم ما يخفين من زينتهن من خلخال يتقعقع يعني يصوت " القعقعة الصوت لأن المرأة إذا صار عليها خلخال وقد ستره السراويل وهو لا يبين للناس ولكن بعض النساء للفتنة والعياذ بالله تضرب برجلها حتى يسمع الخلخال أي أن عليها خلخالا فنهى الله سبحانه وتعالى المؤمنات أن يفعلن ذلك أن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن واللام في قوله ليعلم هل هي للتعليل أو للعاقبة ؟ يختلف المعنى إذا قلت إنها للتعليل صار النهي منصبا على إذا ما قصدت ذلك أي ضربت برجلها لأجل أن يعلم وعليه فلو ضربت برجلها على حشرة مثلا على عقرب وما أشبه ذلك وسمع الخلخال فإنه لا حرج عليها في ذلك لأنها لم تقصد أن يعلم ما تخفي من زينتها وإذا جعلنا اللام للعاقبة يعني لا تضرب برجلها فإن عاقبة هذا الضرب أن يعلم ما تخفي من زينتها صار النهي عن الضرب بالرجل مطلقا سواء أرادت ذلك أم لم ترده لاشك أننا إذا نظرنا إلى المحذور من هذا الضرب وهو علم ما أخفي من الزينة فإن هذا المحذور لا فرق بين أن تكون المرأة قاصدة له أم غير قاصدة هذا المحذور سيحصل إذا ضربت صوت الخلخال سواء كانت قاصدة لهذا الأمر أم لم تقصده وعلى هذا فيرجح أن تكون اللام للعاقبة ذلك لأن المحذور سيقع وإذا نظرنا إلى أن المرأة إذا لم ترد هذا الشيء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) وهي ضربت برجلها لا لهذا الغرض فلا تكون آثمة به فرجحنا أن تكون اللام للتعليل ولكن الأول أولى أن يقال أنه لا يجوز الضرب بالرجل ولو لغير هذا القصد وذلك لأنه ينتج أن يعلم ما تخفي من زينتها واللام للتعليل وردت كثيرا في القرآن كقوله تعالى (( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا )) وقوله تعالى : (( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا )) هم ما التقطوه لذلك وإنما التقطوه ليكون قرة عين لهم لكن العاقبة صارت هكذا على كل حال الذي يظهر أن نجعل أن ترجيح كون اللام للعاقبة أولى وذلك لأن المفسدة والفتنة حاصلة سواء أرادت أم لم ترد إذا كان لا يجوز لها نأخذ ...من هذه الآية إذا كان لا يجوز لها أن تضرب بالرجل خوفا من ظهور صوت الخلخال فما بالك بمن تظهر الخلخال نفسه وتظهر الأسورة في اليدين وتظهر القلادة على العنق يكون هذا مثله وإلا أولى ؟ أشد أي نعم أشد وأولى بالنهي والتحريم ولذلك عمل النساء الآن لا شك أنه محرم وأننا في الحقيقة نحن وهم معرضون لذلك كيف مثلا نرى هذه النساء تنتهك ما نهى الله عنه سبحانه وتعالى علنا ولا نجد أحد ينهاها ويقول هذا حرام نعم هي في ظني أنها تتقصد إظهار اليد ليرى ما عليها من الحلي ولذلك تجدها أحيانا لا تظهر إلا اليد التي فيها الحلي وهذا أيضا من العمل المشين الذي تشمئز منه النفس كونها تملأ إحدى اليدين بالحلي وتجعل اليد الأخرى فاضية هذا أيضا من الخطأ لأن الظاهر أنه من جنس الذي يمشي بنعل واحدة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل بنعل واحدة لما في ذلك من عدم العدل بين الرجلين والعدل مأمور به ...مثلا تملأ يد من الحلي ويد فاضية هذا في النفس منه شيء فنقول الأولى أن تلبس الحلي على حد سواء في اليدين اللهم إلا إذا كانت إحدى اليدين فيها ساعة وأرادت أن تنقص من الأسورة بقدر ما تأخذه الساعة من المساحة فهذا ربما يقال أنه عدل ولا فيه شيء لكن كونك تملأ هذه اليد بالحلي والثانية بيضاء أو ما فيها إلا ساعة او فيها سير أيضا ففي النفس من هذا شيء على كل حال إذا كان الله سبحانه تعالى نهى أن تضرب المرأة برجلها خوفا من أن يعلم ما تخفي من الخلخال لظهور صوته فما ذكرناه مما عليه النساء اليوم أشد وأعظم ولهذا لا يجوز للنساء أن تفعل ذلك حتى عند القائلين بأن الوجه والكف ليس بعورة يرون أن الذراع عورة وأنه لا يجوز للمرأة أن تبدي ذراعها المحلى بالأسورة لكن مشكلة الأمر نعم
(( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون )) مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره (( لعلكم تفلحون )) تنجون في ذلك بقبول التوبة منه " نعم توبوا إلى الله هذا أمر من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين موجه لكل الناس توبوا أيه المؤمنون وإنما وجه الخطاب للجميع لأن هذه المنكرات إذا أظهرت عم بلاؤها الجميع ولهذا وجه الله الخطاب للجميع توبوا إلى الله جميعا ثم تأمل تأكيد هذا الأمر بقوله (( جميعا )) وقوله (( أيها )) النداء وقوله (( المؤمنون )) كل هذا مغريات توجب إغراء الإنسان أو هي لإغراء الإنسان على التوبة أن تكون التوبة جماعية ما يكفي أن يتوب واحد والباقي يعلن فسقه ومخالفته ثانيا أيه المؤمنون النداء ايش يدل عليه ؟ سبق لنا أهميته ولهذا وجه الخطاب بالنداء لبيان الاعتناء به وأيضا وصف المؤمنين دليل على أن الإيمان يقضي بتوبة المؤمن وأنه ما يهمل ولا يغفل عن الذنوب وأن عدم التوبة ايش ؟ نقص في الإيمان
ما هي التوبة ؟ التوبة هي الرجوع...الرجوع من اين؟ من المعصية إلى الطاعة من معصية الله الى طاعته وهي نوعان توبة مطلقة يستحق التائب بها أن يوصف بأنه من التوابين الذين يحبهم الله وهي التوبة من جميع المعاصي بحيث يقلع الإنسان عن كل معصية يعملها قولية كانت أو عملية أو فعلية أو عقيدة هذه فيها التوبة المطلقة التي يستحق فاعلها الثناء وأن يكون من التوابين الذين يحبهم الله عز وجل والثاني توبة مقيدة من ذنب معين فهذه لصاحبها من الثناء ما يستحقه والصحيح أن التوبة هذه توبة مقبولة فإذا تاب الإنسان من ذنب وهو مصر على غيره فتوبته على القول الراجح صحيحة ومقبولة لأن الإيمان يتبعض والأعمال تتبعض والله سبحانه وتعالى حكم عدل لا يظلم ولا يغدر فهذا الرجل الذي تاب من ذنب وهو مصر على غيره الصحيح أنه تقبل توبته وأنه لا مانع من ذلك لكن لا يستحق ما سبق من كونه تائبا على وجه الإطلاق ومن التوابين الذين يستحقون الثناء المطلق فله من الثناء بحسب ما حصل له من التوبة طيب هذا الأمر وتوبوا إلى الله يتوجه إلى أي القسمين المقيد وإلا العام ؟ العام المطلق يعني توبة مطلقة عامة لجميع الذنوب لأجل أن يحصل الفلاح نعم ولعل ايش المراد بها ؟ (( لعلكم تفلحون )) للتعليل أي أن التوبة سبب للفلاح والفلاح في الحقيقة ليس كلمة هينة الفلاح مثل الفوز هو عبارة عن النجاة من المرهوب وحصول المطلوب (( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )) زحزح عن النار هذا نجاة من المرهوب وأدخل الجنة حصول المطلوب والفلاح أيضا هنا لعلكم تفلحون ما قيده الله في الدنيا ولا في الآخرة دل ذلك على أن الفلاح بالتوبة يكون في الدنيا وفي الآخرة وهو كذلك فإن التائب يحصل له الفلاح في الدنيا وفي الآخرة يستفاد من هذه الجملة وجوب التوبة لقوله (( توبوا إلى الله )) ولا حاجة بنا إلى ذكر شروط التوبة لأنها سبقت عدة مرات وأنها كم من شرط؟ خمسة شروط ففيه دليل على وجوب التوبة ودليل أيضا على محبة الله له لأنه أمر بها بهذه العناية (( جميعا أيها المؤمنون )) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لله اشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته ) وذكر أنها عليها طعامه وشرابه وأنه أضلها في أرض فلاة وطلبها فلم يجدها فنام في ظل شجرة ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلق بالشجرة فأخذ بخطامها وقال " اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " هذا الفرح في الحقيقة نحن الآن نقوله لكن هل نحن نتصوره ما نتصوره يعني مهما بلغت مخيلتنا من القوة وإدراك الأمور الغائبة ما يمكن نتصور حقيقته نعم الآن نتخيل أنه فرح عظيم لأنه عبارة عن فرح بالحياة بعد الموت لكن عندما يقع للإنسان هذا الشيء يجد أنه لا نظير له ولا يمكن يوجد له نظير فالله سبحانه وتعالى مع كمال غناه عنا وكمال فقرنا وحاجتنا إليه يفرح بتوبة عبده المؤمن أشد من هذا الرجل براحلته ولهذا أمر الله تعالى بالتوبة مع العناية بها بهذه الوجوه الثلاثة
... التوبة محبة الله تعالى لها كرم الله تعالى وفضله من أين نأخذ الكرم والفضل ؟ من محبته للتوبة يعني كونه يحب أن يتوب الناس حتى لا يعاقبهم ايش يدل عليه ؟على كرمه وفضله وأن رحمته سبقت غضبه بخلاف من لا رحمه عنده مثلا افرض مدرس وإلا ملك أمر بشيء أو نهى عن شيء قد يكون بعض الآمرين والناهين يحب من الناس المخالفة لأجل أن يعاقبهم فيظهر بذلك سيطرته عليهم يحب أن يخالفون على شان يعرفون أنه مثلا له أمر ونهي وسلطة وسيطرة والله جل وعلا مع كمال هذا الأمر له كمال السلطان مع ذلك يحب من عباده أن يتوبوا حتى لا يعاقبهم وبهذا نستدل على كمال رحمة الله تعالى بعباده وفضله وإحسانه
وفي دليل على أن التوبة من مقتضيات الإيمان من أين نأخذه ؟ من قوله (( أيها المؤمنون )) فالصحيح الإيمان لابد أن يحمل صاحبه على التوبة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) متى ينتفي عنه الإيمان ؟ حين يزني ما يمكن إنسان مؤمن حقيقة نعم إلا ويترك ما حرم الله عليه ويفعل ما أوجب الله عليه واعلم أنه إذا وقعت منك معصية فإن ذلك ضروري من لازم نقص إيمانك لا يمكن أن يقع منك معصية إلا ملازم لنقص الإيمان ولهذا كان مذهب أهل السنة والجماعة رحمهم الله أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا مذهب أهل السنة والجماعة ونحن منهم إن شاء الله فعلى كل حال أقول إن التوبة من مقتضيات الإيمان وأن من فرق بها فهو دليل على نقص إيمانه وإذا كان المفرط بالتوبة يستدل بعمله هذا على نقص الإيمان فالفاعل للمعصية اللي يباشر المعصية من باب أولى ولهذا أشرنا إلى الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) طيب .
الطالب :...
الشيخ : التمام هنا لأن الظاهر أنه لا يخلوا من الإيمان مرة وإلا كان كافرا
الطالب :...
الشيخ :من أين أخذت ذكرناها من أين أخذت ؟
الطالب :...
من أمره بها أولا والله لا يؤمر شرعا إلا بما يحب ومن عنايته بها بهذه التأكيدات (( جميعا ايها المؤمنون )) طيب وفيه دليل على أن من لم يتب قلنا التوبة من مقتضيات الايمان فمن لم يتب فهو ناقص الإيمان وعلى حسب معصيته يكون نقص إيمانه
وفيه أيضا فائدة سادسة أن التوبة سبب للفلاح لقوله (( لعلكم تفلحون )) والفلاح ما هو النجاة من المرهوب وحصول المرغوب
طيب وفيه أيضا الفائدة السابعة إثبات الأسباب حيث جعل الله التوبة سببا للفلاح ففيه رد على من أنكروا الأسباب وقالوا إن الأسباب مجرد علامات لا موجبات وهذا مذهب؟ الأشعرية يرون أن الأسباب علامات لا موجبات حتى يقولون الرجل إذا كسر الزجاجة ما انكسرت بكسره وإنما انكسرت عند كسره والنار إذا احرقت ما احترق بسببها وإنما احترق عندها لا بها فالإنسان إذا أكل حتى شبع ما شبع بالأكل شبع عند الأكل لا به اعتقد لو وضعوا الطعام عنده وما أكل يشبع وإلا لا ؟ ما يشبع على كل حال هذا قول باطل ما له إطلاقا محل من الصحة حتى العقل يبطله لكن أقول هذه الآية وكثير من الآيات يثبت الأسباب ويدل على أن الأسباب مؤثرة في مسبباتها
طيب ألا يقول قائل إذا جعلتم الأسباب مؤثرة في مسبباتها ألستم أثبتم مع الله خالقا وموجدا مثلا ؟ لا ما أثبتنا موجدا لأننا ما نقول أن الأسباب تستقل بتأثيرها بل الأسباب إنما كانت أسبابا بإرادة الله سبحانه وتعالى ولهذا أحيانا يوجد السبب تاما ولا يؤثر لوجود مانع معلوم أو غير معلوم وعلى هذا لا يمكن أن يقول قائل إنكم إذا أثبتتم الأسباب أثبتتم مع الله شريكا في الإيحاد والتكوين نقول لا الذي جعل هذا السبب سببا مقتضيا لمسببه هو الله عز وجل ولهذا نرى كثيرا ما تتخلف المسببات مع وجود الأسباب التامة مما يدل على أن قدرة الله عز وجل فوق كل شيء وأن هذه الأسباب ليست مستقلة لكن لا يمكن أن ننكر أمرا أثبته الشرع وأثبته الواقع من أن الأسباب تؤثر في مسبباتها (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) نعم هذا السبب ولا المسبب مثل لي به وهل يمكن أن يوجد مسبب إلا بوجود سبب ؟
الطالب :...
الشيخ : ما يخالف ما فيه شيء هذا عبارة عن حمية والحمية ثبتت في الشرع نعم
(( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون )) مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره (( لعلكم تفلحون )) تنجون في ذلك بقبول التوبة منه " نعم توبوا إلى الله هذا أمر من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين موجه لكل الناس توبوا أيه المؤمنون وإنما وجه الخطاب للجميع لأن هذه المنكرات إذا أظهرت عم بلاؤها الجميع ولهذا وجه الله الخطاب للجميع توبوا إلى الله جميعا ثم تأمل تأكيد هذا الأمر بقوله (( جميعا )) وقوله (( أيها )) النداء وقوله (( المؤمنون )) كل هذا مغريات توجب إغراء الإنسان أو هي لإغراء الإنسان على التوبة أن تكون التوبة جماعية ما يكفي أن يتوب واحد والباقي يعلن فسقه ومخالفته ثانيا أيه المؤمنون النداء ايش يدل عليه ؟ سبق لنا أهميته ولهذا وجه الخطاب بالنداء لبيان الاعتناء به وأيضا وصف المؤمنين دليل على أن الإيمان يقضي بتوبة المؤمن وأنه ما يهمل ولا يغفل عن الذنوب وأن عدم التوبة ايش ؟ نقص في الإيمان
ما هي التوبة ؟ التوبة هي الرجوع...الرجوع من اين؟ من المعصية إلى الطاعة من معصية الله الى طاعته وهي نوعان توبة مطلقة يستحق التائب بها أن يوصف بأنه من التوابين الذين يحبهم الله وهي التوبة من جميع المعاصي بحيث يقلع الإنسان عن كل معصية يعملها قولية كانت أو عملية أو فعلية أو عقيدة هذه فيها التوبة المطلقة التي يستحق فاعلها الثناء وأن يكون من التوابين الذين يحبهم الله عز وجل والثاني توبة مقيدة من ذنب معين فهذه لصاحبها من الثناء ما يستحقه والصحيح أن التوبة هذه توبة مقبولة فإذا تاب الإنسان من ذنب وهو مصر على غيره فتوبته على القول الراجح صحيحة ومقبولة لأن الإيمان يتبعض والأعمال تتبعض والله سبحانه وتعالى حكم عدل لا يظلم ولا يغدر فهذا الرجل الذي تاب من ذنب وهو مصر على غيره الصحيح أنه تقبل توبته وأنه لا مانع من ذلك لكن لا يستحق ما سبق من كونه تائبا على وجه الإطلاق ومن التوابين الذين يستحقون الثناء المطلق فله من الثناء بحسب ما حصل له من التوبة طيب هذا الأمر وتوبوا إلى الله يتوجه إلى أي القسمين المقيد وإلا العام ؟ العام المطلق يعني توبة مطلقة عامة لجميع الذنوب لأجل أن يحصل الفلاح نعم ولعل ايش المراد بها ؟ (( لعلكم تفلحون )) للتعليل أي أن التوبة سبب للفلاح والفلاح في الحقيقة ليس كلمة هينة الفلاح مثل الفوز هو عبارة عن النجاة من المرهوب وحصول المطلوب (( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )) زحزح عن النار هذا نجاة من المرهوب وأدخل الجنة حصول المطلوب والفلاح أيضا هنا لعلكم تفلحون ما قيده الله في الدنيا ولا في الآخرة دل ذلك على أن الفلاح بالتوبة يكون في الدنيا وفي الآخرة وهو كذلك فإن التائب يحصل له الفلاح في الدنيا وفي الآخرة يستفاد من هذه الجملة وجوب التوبة لقوله (( توبوا إلى الله )) ولا حاجة بنا إلى ذكر شروط التوبة لأنها سبقت عدة مرات وأنها كم من شرط؟ خمسة شروط ففيه دليل على وجوب التوبة ودليل أيضا على محبة الله له لأنه أمر بها بهذه العناية (( جميعا أيها المؤمنون )) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لله اشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته ) وذكر أنها عليها طعامه وشرابه وأنه أضلها في أرض فلاة وطلبها فلم يجدها فنام في ظل شجرة ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلق بالشجرة فأخذ بخطامها وقال " اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح " هذا الفرح في الحقيقة نحن الآن نقوله لكن هل نحن نتصوره ما نتصوره يعني مهما بلغت مخيلتنا من القوة وإدراك الأمور الغائبة ما يمكن نتصور حقيقته نعم الآن نتخيل أنه فرح عظيم لأنه عبارة عن فرح بالحياة بعد الموت لكن عندما يقع للإنسان هذا الشيء يجد أنه لا نظير له ولا يمكن يوجد له نظير فالله سبحانه وتعالى مع كمال غناه عنا وكمال فقرنا وحاجتنا إليه يفرح بتوبة عبده المؤمن أشد من هذا الرجل براحلته ولهذا أمر الله تعالى بالتوبة مع العناية بها بهذه الوجوه الثلاثة
... التوبة محبة الله تعالى لها كرم الله تعالى وفضله من أين نأخذ الكرم والفضل ؟ من محبته للتوبة يعني كونه يحب أن يتوب الناس حتى لا يعاقبهم ايش يدل عليه ؟على كرمه وفضله وأن رحمته سبقت غضبه بخلاف من لا رحمه عنده مثلا افرض مدرس وإلا ملك أمر بشيء أو نهى عن شيء قد يكون بعض الآمرين والناهين يحب من الناس المخالفة لأجل أن يعاقبهم فيظهر بذلك سيطرته عليهم يحب أن يخالفون على شان يعرفون أنه مثلا له أمر ونهي وسلطة وسيطرة والله جل وعلا مع كمال هذا الأمر له كمال السلطان مع ذلك يحب من عباده أن يتوبوا حتى لا يعاقبهم وبهذا نستدل على كمال رحمة الله تعالى بعباده وفضله وإحسانه
وفي دليل على أن التوبة من مقتضيات الإيمان من أين نأخذه ؟ من قوله (( أيها المؤمنون )) فالصحيح الإيمان لابد أن يحمل صاحبه على التوبة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) متى ينتفي عنه الإيمان ؟ حين يزني ما يمكن إنسان مؤمن حقيقة نعم إلا ويترك ما حرم الله عليه ويفعل ما أوجب الله عليه واعلم أنه إذا وقعت منك معصية فإن ذلك ضروري من لازم نقص إيمانك لا يمكن أن يقع منك معصية إلا ملازم لنقص الإيمان ولهذا كان مذهب أهل السنة والجماعة رحمهم الله أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا مذهب أهل السنة والجماعة ونحن منهم إن شاء الله فعلى كل حال أقول إن التوبة من مقتضيات الإيمان وأن من فرق بها فهو دليل على نقص إيمانه وإذا كان المفرط بالتوبة يستدل بعمله هذا على نقص الإيمان فالفاعل للمعصية اللي يباشر المعصية من باب أولى ولهذا أشرنا إلى الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) طيب .
الطالب :...
الشيخ : التمام هنا لأن الظاهر أنه لا يخلوا من الإيمان مرة وإلا كان كافرا
الطالب :...
الشيخ :من أين أخذت ذكرناها من أين أخذت ؟
الطالب :...
من أمره بها أولا والله لا يؤمر شرعا إلا بما يحب ومن عنايته بها بهذه التأكيدات (( جميعا ايها المؤمنون )) طيب وفيه دليل على أن من لم يتب قلنا التوبة من مقتضيات الايمان فمن لم يتب فهو ناقص الإيمان وعلى حسب معصيته يكون نقص إيمانه
وفيه أيضا فائدة سادسة أن التوبة سبب للفلاح لقوله (( لعلكم تفلحون )) والفلاح ما هو النجاة من المرهوب وحصول المرغوب
طيب وفيه أيضا الفائدة السابعة إثبات الأسباب حيث جعل الله التوبة سببا للفلاح ففيه رد على من أنكروا الأسباب وقالوا إن الأسباب مجرد علامات لا موجبات وهذا مذهب؟ الأشعرية يرون أن الأسباب علامات لا موجبات حتى يقولون الرجل إذا كسر الزجاجة ما انكسرت بكسره وإنما انكسرت عند كسره والنار إذا احرقت ما احترق بسببها وإنما احترق عندها لا بها فالإنسان إذا أكل حتى شبع ما شبع بالأكل شبع عند الأكل لا به اعتقد لو وضعوا الطعام عنده وما أكل يشبع وإلا لا ؟ ما يشبع على كل حال هذا قول باطل ما له إطلاقا محل من الصحة حتى العقل يبطله لكن أقول هذه الآية وكثير من الآيات يثبت الأسباب ويدل على أن الأسباب مؤثرة في مسبباتها
طيب ألا يقول قائل إذا جعلتم الأسباب مؤثرة في مسبباتها ألستم أثبتم مع الله خالقا وموجدا مثلا ؟ لا ما أثبتنا موجدا لأننا ما نقول أن الأسباب تستقل بتأثيرها بل الأسباب إنما كانت أسبابا بإرادة الله سبحانه وتعالى ولهذا أحيانا يوجد السبب تاما ولا يؤثر لوجود مانع معلوم أو غير معلوم وعلى هذا لا يمكن أن يقول قائل إنكم إذا أثبتتم الأسباب أثبتتم مع الله شريكا في الإيحاد والتكوين نقول لا الذي جعل هذا السبب سببا مقتضيا لمسببه هو الله عز وجل ولهذا نرى كثيرا ما تتخلف المسببات مع وجود الأسباب التامة مما يدل على أن قدرة الله عز وجل فوق كل شيء وأن هذه الأسباب ليست مستقلة لكن لا يمكن أن ننكر أمرا أثبته الشرع وأثبته الواقع من أن الأسباب تؤثر في مسبباتها (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) نعم هذا السبب ولا المسبب مثل لي به وهل يمكن أن يوجد مسبب إلا بوجود سبب ؟
الطالب :...
الشيخ : ما يخالف ما فيه شيء هذا عبارة عن حمية والحمية ثبتت في الشرع نعم