تتمة تفسير الآية السابقة . حفظ
به إليه لا لأنه سايب ما له عمل ولا له شغل فهمتم الآن وهذا أبلغ في الثناء كونهم يبيعون ويشترون لكن هذا البيع والشراء لا يلهيهم عن ذكر الله وقوله تعالى : (( تجارة ولا بيع )) المؤلف فسر التجارة بالشراء لماذا ؟ في مقابلة البيع ولكنه تفسير ليس بصحيح لأن الشراء مفهوم للبيع إذ لا يوجد بيع إلا بشراء لكن التجارة أعم من البيع قد يلهو الإنسان بتجارته لتصنيفها وتبويبها وحفظها وصيانتها وما أشبه ذلك ربما لا ينوي الرجوع إلى شيء لكن ينوي بطريق آخر عن ... التجارة لذلك الآية نقول المراد بالتجارة ما يتجر به الإنسان وولهه به ليس بالشراء بل ما هو أعم أما الشراء فمفهوم من البيع لأنهم إذا شروا فقد باع عليهم غيرهم وإذا باعوا فقد اشترى منهم غيرهم وقوله (( عن ذكر الله )) يعني التجارة لا تلهيهم عن ذكر الله يقدمون ذكر الله على تجارتهم لكن الناس في هذا الباب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام في مسألة التجارة والذكر منهم من يقدم التجارة على الذكر وهذا خاسر لقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))[المنافقون:9]لو ربحوا في الأموال والأولاد فهم خاسرون هذا قسم القسم الثاني ما لا تلهيه التجارة ولا الأموال والأولاد عن ذكر الله لكن يعمل هذا في محله وهذا في محله فهذا رابح ما فاته ماله وولده ولا فاته ذكر الله أتى لهذا بنصيبه ولهذا بنصيبه
القسم الثالث من هو أعلى من ذلك من يجعل تجارته وولده من ذكر الله بحيث يقصد بهذه التجارة الاستعانة على طاعة ربه وعلى بذل أمواله فيما يرضي ربه وكذلك بالنسبة للأولاد يجعل اشتغاله به لتربيتهم والتأمل في نعمة الله عليه بهم وما أشبه ذلك هذه هي المرتبة العليا وعلى هذا يكون هذا الرجل رابحا بالطرفين في آن واحد والقسم الثاني رابح في الطرفين لكن على التناوب يربح في هذا ويعطيه ما يستحق ويربح في هذا ويعطيه ما يستحق أما الثالث الأخير فهذا شأنه كبير ولكن قل من يوجد بهذه الصفة وهو نادر جدا وأكثر الناس اليوم من أي الأقسام ؟ من القسم الأول الذي هو في الحقيقة أخيرا في المرتبة وأولا في الذكر وآخر في المرتبة أكثر الناس اليوم هكذا طيب
الطالب :...
الشيخ : الثالث من جعل اشتغاله بتجارته ذكرا لله طيب أقول إنك لا و إقام الصلاة إقام بمعنى إقامة لكن حذفت التاء تخفيفا و إقام الصلاة ليس مجرد فعلها بل هو أمر فوق الفعل معنى إقام الشيء جعله قيما مستقيما وذلك بفعل شروطها وأركانها وواجباتها فما كل مصل مقيما للصلاة ولهذا تجدون أن الثناء الذي يقوله الله في القرآن بل والأوامر التي يأمر الله بها في القرآن غالبا تكون للإقامة لأن ذلك هو الأصل ليس مجرد فعل الصلاة ولهذا نجد أن المصلي رجلان مع الإمام أفعالهما واحدة ودخولهما في الصلاة واحد وخروجهما منها واحد ولكن بين صلاتهما كما بين السماء والأرض لماذا لأن أحدهما أقام الصلاة والآخر صلى فعلا بس لكن الأول أقامها خاشع مستحضر مخلص يرجوا ثواب الله ويخاف عقاب الله طيب إقام الصلاة المذكور في القرآن كثيرا لماذا بين ؟ بين بالسنة فيه أشياء مهمة في القرآن لكن غالب ذلك مبين بالسنة بينته سنة رسول صلى الله عليه وسلم وبهذا نعرف أن السنة ضرورية في الشرع وأن من أنكرها فقد هدم جانبا كبيرا من الشرع
وقد وجد بعض الناس أنكر السنة والعياذ بالله وسمعنا أن بعض الزعماء من العرب قيل لي انهم صاروا يصادرون كتب السنة البخاري ومسلم من المكاتب حتى لا تنتشر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بين أمته والعياذ بالله وهذا لا شك أنه كفر يعني الذي يبيح لنفسه أن يصادر كتب الحديث التي تلقتها الأمة بالقبول هم لو صادروا كتبا مضلة ضعيفة موضوعه لقلنا نحمدهم على هذا الأمر ولكن يصادرون كتبا صحيحة تلقتها الأمة بالقبول وعلمها المسلمون واعتبروها سندا هؤلاء لا شك أنهم كفار لأنهم كفروا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بل بالقرآن نفسه لأن الله يقول : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ))[الأحزاب:21]ويقول : (( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )) ويقول (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ويقول : (( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) ويقول : (( ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )) على كل حال الآيات في هذا كثيرة وبينة وواضحة فإقامة الصلاة من هذا النوع ما بينها بيانا كافيا إلا سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وقوله وإيتاء الزكاة أي إعطائها والزكاة معروفة لنا وهي الجزء الذي أوجبه الله تعالى في أموالنا ولم يبين المؤتى إليه لكنه مبين في القرآن في سورة التوبة في قوله تعالى : (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ))[التوبة:60]الذي يؤتى إليهم الزكاة
(( وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار )) قوله يخافون هذه صفة لرجال لا تلهيهم هم أيضا في هذه الأحوال يخافون يوما يخافون في حال تسبيحهم بالغدو والآصال وفي حال إقامتهم الصلاة وإيتاء الزكاة وفي حال عدم لهوهم بالتجارة والبيع كل هذه الأعمال مبنية على هذه العقيدة والأساس يخافون يوما تتقلب فيه خوفهم من هذا اليوم يدل على إيمانهم به إذ لا يخاف الإنسان من شيء لا يؤمن به فهو يدل على أن عندهم تمام الإيمان واليقين باليوم الآخر ولذلك يخافون هذا اليوم هذا اليوم وصفه الله بقوله تتقلب تضطرب فيه القلوب والأبصار تتقلب التقلب معروف هو تغير الهيئة من حال إلى حال وهذه القلوب تتغير تضطرب وتنتقل من حال إلى حال تقلب القلوب بين النجاة والهلاك ما يدري الإنسان هل يهلك أو ينجو فقلبه متقلب يضطرب أحيانا يغلب عليه الوجل وأحيانا يغلب عليه الخوف كذلك الأبصار تتقلب يقول المؤلف من ناحية اليمين والشمال لأن الناس كثيرون لا كأنهم عقلاء ولهذا قال الله عز وجل : (( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى و لكن عذاب الله شديد )) (( إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم )) واحد إذا رأيته كأنه مجنون كأنه سكران من شدة الهول وما ظنك بالقلب حينئذ لا شك انه في الحقيقة أنه سيتقلب ويضطرب ولا يدري المآل هذا الذي يحصل يوم القيامة