قال الله تعالى : << هدى وبشرى للمؤمنين >> حفظ
قال الله تعالى: (( وَكِتَابٍ مُبِينٍ ))[النمل:1] " مظهر للحق من الباطل عطف بزيادة صفة " أين الصفة؟ مبين.
ثم قال: " هو (( هُدًى )) " قدّر المؤلف هو ليبين لنا إعراب هدىً، فعلى تقديره يكون هدى خبر لمبتدأ محذوف، التقدير " هو (( هُدًى )) أي: هاد من الضلالة ".
ومعلومٌ أن هدى مصدر وأن هادٍ اسم فعل، فيكون المؤلف هنا فسّر المصدر باسم الفاعل. وفي تفسيره نظر، لأن الأولى أن يُجعل المصدر على بابه، لسببين:
السبب الأول: أن تحويل اسم الفاعل إلى المصدر أبلغ، فإنك إذا قلت فلانٌ عدلٌ وفلانٌ عادل، أيهما أبلغ؟
عدلٌ أبلغ يعني: كأنه مصدر لعدل، لكن عادل متصف بالعدل الموجود في غيره، فلا شك أن المصدر أبلغ.
السبب الثاني في هذه الآية: أن جعله هدى معناه أن القرآن نفسه هدى يهتدي به الإنسان، فهو كالعلم الذي يسير الإنسان وراءه حتى يصل إلى غايته. مثلما سماه الله تعالى نوراً (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ))[النساء:174].
فنحن نقول: إن هدى يجب أن تبقى على ما هي عليه أي: أنها مصدر وهو أبلغ من تحويلها إلى اسم الفاعل، والثاني أنها مصدر لأن القرآن نفسه هدى، ليس هادياً بل هو هدىً يهتدى به.
مثلما قال: (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ))[النساء:174]
وقوله تعالى: (( هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] بشرى أيضاً بمعنى بشارة، لكن لمن؟ " للمؤمنين المصدقين به بالجنة ".
قوله: بالجنة نذكر هذا بعد.
قوله: (( لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] أي: المصدّقين به، ما يكفي هنا الإيمان مجرد التصديق، بل الإيمان الموجود في القرآن لا بد فيه من قبول وإذعان مع التصديق، أما مجرد التصديق ما يكفي، والدليل على أن مجرد التصديق ما يكفي أن أبا طالب كان مصدقاً لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، ويقول:"
لقد علموا أن ابننا لا مكذّب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل
ولقد علمت بأن دين محمدٍ من خير أديان البرية دينا.
لولا الملامة أو حذار مسبة لرأيتني سمحاً بذاك مبيناً
فإذاً هو ما قبل ولا أذعن، وليس بمؤمن، فالإيمان كل ما وجدت الإيمان في كتاب الله فالمراد به التصديق المستلزم للقبول والإذعان، فليس مجرد تصديق.
فإذاً للمؤمنين المصدّقين به القابلين له المذعنين لأحكامه، لا بد من هذا.
وقوله: (( هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] يستفاد من ذلك: أنه كلما كمُل الإيمان في العبد كمُل اهتداؤه بالقرآن، لأن الشيء إذا عُلِّق بوصف زاد بزيادة ذلك الوصف ونقص بنقصه، الحكم إذا عُلِّق بوصف فإن هذا الوصف يزيد الحكم بزيادته وينقص بنقصانه. وهذا معلوم حتى في المحسوس. حتى في المحسوس تجد أن الشيء المعلّق بالشيء يزيد بزيادته وينقص بنقصانه.
فنقول: كلما ازداد الإنسان إيماناً ازداد اهتداءً بالقرآن، ويدلك على هذا قول الله تعالى: (( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ))[التوبة:124].
ويدل أيضاً على هذا قوله تعالى: (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة:13].
وأيضاً (( وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] البشارة هي الإخبار بما يسر، وقد تُطلق على الإخبار بما يسوء، لكن بقرينه.
وهنا يقول: " بشرى بالجنة ".
ولكن الصحيح أنها بشرى بما هو أعم بالجنة وبالعزة والكرامة وبالنصر، قال الله تعالى: (( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ))[الصف:13] بعدما ذكر الجنة للمؤمنين (( نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )) ، ثم قال: (( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))[الصف:13].
يعني: بشّرهم بما لهم في الجنة وبشرهم بما لهم في الدنيا من النصر، وكل إنسان بطبيعته البشرية يحب أن ينتصر على عدوه اليس كذلك ؟ ويحب أن يكون له العز والكرامة، هذا لا يمكن أن يكون إلا بالإيمان، وكلما زدنا إيماناً ازددنا انتصاراً على عدونا، وكلما تخاذلنا في الإيمان خُذلنا (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11].
وإذا أردتم دليلاً على هذا فانظروا إلى الذين يدندنون بالقومية العربية من متى يدندنون بها؟ أظنه من أول القرن يعني: من زمان، وتبلغ هذه الدعوة أوجها في .... ومع ذلك لا يزدادون إلا تأخراً وضعفاً، لأنهم ليسوا على إيمان، لكن لما ظهرت بادرة الدعوة إلى الإسلام والتضامن الإسلامي، ماذا حصل؟
حاولوا بكل ما يستطيعون أن يقضوا على هذا، ليس من الدول الكافرة بل حتى من الدول التي تزعم أنها مسلمة وهي عربية، وصاروا يقولون: إن هذه دعوة رجعية إلى آخره.
وأخيراً قُضي على من قام بها وبالدعوة إليها، فالحاصل: أنا الآن إذا أردنا أن نرجع إلى العزة والكرامة والنصر فلا يكون ذلك إلا بالإيمان.
وقد يقول قائل: كيف ننتصر بالإيمان على القنابل الذرية والهيدروجينية؟
الطالب: بالله...
الشيخ : نقول: إذا أخذنا بالقوة المعنوية فإن توفرت لنا القوة المادية وإلا جاءت القوة الإلهية، فنحن مثلاً من جملة الإيمان أن نستعد، لكن إذا عجزنا عن الاستعداد جاء دور النصر الإلهي، فيبطل ما عليه هؤلاء الأعداء من القوة، والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير، التغيرات الجوية تؤثر في أسلحتهم هذه وإلا لا؟. الصواعق تدمرها، الخسف يذهب بها وبأهلها. وكل هذا بيد الله عز وجل، وقد حدّثني إنسان في العام الماضي ذهب إلى أفغانستان للقتال معهم وهو شاب متخرج من أمريكا، لكنه أصر -وأظن قد قصصت عليكم قصته- إلا أن يجاهد، وقال: ما يمكن أن أموت بدون جهاد، ولزّم على أمه وأبيه وجعلوا الحكم إلى الله سبحانه وتعالى ثم إليّ أحكم بينهم، هم يقولون: لا تروح وهو يقول: لا. أبغي أروح، يقولون: لا تذهب ما حجيت حجة الفريضة، وهو يقول: لا. أروح وألتزم لكم أني أرجع وأحج.
المهم بعدما أفطر رمضان العام الماضي راح، شاهد الإيمان يقول: مع قلّة العدّة التي عندهم حتى يقول: الأدوية ما عندهم أدوية إلا الأدوية قديمة فاسدة، تبيع عليهم هذه الشركات وتغشهم.
لكن يقول: شاهدت بعيني .... وفي المسجد للجمعة يجتمعون فيه، يقول: الروس يحرصون يوم الجمعة على أنهم يأتون إلى هذا المسجد ليدمّروه، يقول: هم يجعلون على المناطق ناس يحرسون المسجد وما حوله.
فجاءت يقول: القنابل وضربت على الأرض على المسجد يريدون المسجد، لكن يقول: كلها ما تضرب المسجد، وتضرب اللي حوله ولا تثور سبحان الله العظيم!
يقول: ما ثارت إلا واحدة فقط ثارت على أحد الجنود وقتلته، والباقي يقول: أبت. يعني: يخرجون ما كأن شيءٍ أبد، وهذه من آيات الله سبحانه وتعالى.
فالحاصل نقول: إن النصر يجب أن نعرف أنه لا يعتمد على القوة المادية فقط، هناك وراءها شيء.
ولهذا يقول الله عز وجل: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ))[الحج:40 - 41] أربعة آلاف، قد يقول قائل: ومالنا وللنصر مع هذه الصفات عند القنابل وغيرها، لكن ختم الآية بقوله: (( وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] ما هي بالأمور الحسية، العاقبة لله عز وجل فهو سبحانه وتعالى يدير الأيام على من عصى وخالف.
الطالب: ...؟
الشيخ : نعم صحيح، فلربما يكون هذا.
على كل حال لا تستبعد، لكن نحن نستبعد النصر بسبب أعمالنا في الحقيقة، ما عندنا رصيد يخوّل لنا أن ننتصر.
إذاً: (( وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] بالجنة كما قال المؤلف أو بما هو أعم؟
الطالب: بما هو أعم.
الشيخ : ما هو الدليل؟
الطالب: لقوله تعالى في سورة الصف.
الشيخ : في سورة الصف (( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ ... ))[الصف:11 - 12].
ثم قال: (( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )) ثم قال: (( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))[الصف:13].
ثم قال: " هو (( هُدًى )) " قدّر المؤلف هو ليبين لنا إعراب هدىً، فعلى تقديره يكون هدى خبر لمبتدأ محذوف، التقدير " هو (( هُدًى )) أي: هاد من الضلالة ".
ومعلومٌ أن هدى مصدر وأن هادٍ اسم فعل، فيكون المؤلف هنا فسّر المصدر باسم الفاعل. وفي تفسيره نظر، لأن الأولى أن يُجعل المصدر على بابه، لسببين:
السبب الأول: أن تحويل اسم الفاعل إلى المصدر أبلغ، فإنك إذا قلت فلانٌ عدلٌ وفلانٌ عادل، أيهما أبلغ؟
عدلٌ أبلغ يعني: كأنه مصدر لعدل، لكن عادل متصف بالعدل الموجود في غيره، فلا شك أن المصدر أبلغ.
السبب الثاني في هذه الآية: أن جعله هدى معناه أن القرآن نفسه هدى يهتدي به الإنسان، فهو كالعلم الذي يسير الإنسان وراءه حتى يصل إلى غايته. مثلما سماه الله تعالى نوراً (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ))[النساء:174].
فنحن نقول: إن هدى يجب أن تبقى على ما هي عليه أي: أنها مصدر وهو أبلغ من تحويلها إلى اسم الفاعل، والثاني أنها مصدر لأن القرآن نفسه هدى، ليس هادياً بل هو هدىً يهتدى به.
مثلما قال: (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ))[النساء:174]
وقوله تعالى: (( هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] بشرى أيضاً بمعنى بشارة، لكن لمن؟ " للمؤمنين المصدقين به بالجنة ".
قوله: بالجنة نذكر هذا بعد.
قوله: (( لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] أي: المصدّقين به، ما يكفي هنا الإيمان مجرد التصديق، بل الإيمان الموجود في القرآن لا بد فيه من قبول وإذعان مع التصديق، أما مجرد التصديق ما يكفي، والدليل على أن مجرد التصديق ما يكفي أن أبا طالب كان مصدقاً لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، ويقول:"
لقد علموا أن ابننا لا مكذّب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل
ولقد علمت بأن دين محمدٍ من خير أديان البرية دينا.
لولا الملامة أو حذار مسبة لرأيتني سمحاً بذاك مبيناً
فإذاً هو ما قبل ولا أذعن، وليس بمؤمن، فالإيمان كل ما وجدت الإيمان في كتاب الله فالمراد به التصديق المستلزم للقبول والإذعان، فليس مجرد تصديق.
فإذاً للمؤمنين المصدّقين به القابلين له المذعنين لأحكامه، لا بد من هذا.
وقوله: (( هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] يستفاد من ذلك: أنه كلما كمُل الإيمان في العبد كمُل اهتداؤه بالقرآن، لأن الشيء إذا عُلِّق بوصف زاد بزيادة ذلك الوصف ونقص بنقصه، الحكم إذا عُلِّق بوصف فإن هذا الوصف يزيد الحكم بزيادته وينقص بنقصانه. وهذا معلوم حتى في المحسوس. حتى في المحسوس تجد أن الشيء المعلّق بالشيء يزيد بزيادته وينقص بنقصانه.
فنقول: كلما ازداد الإنسان إيماناً ازداد اهتداءً بالقرآن، ويدلك على هذا قول الله تعالى: (( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ))[التوبة:124].
ويدل أيضاً على هذا قوله تعالى: (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة:13].
وأيضاً (( وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] البشارة هي الإخبار بما يسر، وقد تُطلق على الإخبار بما يسوء، لكن بقرينه.
وهنا يقول: " بشرى بالجنة ".
ولكن الصحيح أنها بشرى بما هو أعم بالجنة وبالعزة والكرامة وبالنصر، قال الله تعالى: (( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ))[الصف:13] بعدما ذكر الجنة للمؤمنين (( نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )) ، ثم قال: (( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))[الصف:13].
يعني: بشّرهم بما لهم في الجنة وبشرهم بما لهم في الدنيا من النصر، وكل إنسان بطبيعته البشرية يحب أن ينتصر على عدوه اليس كذلك ؟ ويحب أن يكون له العز والكرامة، هذا لا يمكن أن يكون إلا بالإيمان، وكلما زدنا إيماناً ازددنا انتصاراً على عدونا، وكلما تخاذلنا في الإيمان خُذلنا (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11].
وإذا أردتم دليلاً على هذا فانظروا إلى الذين يدندنون بالقومية العربية من متى يدندنون بها؟ أظنه من أول القرن يعني: من زمان، وتبلغ هذه الدعوة أوجها في .... ومع ذلك لا يزدادون إلا تأخراً وضعفاً، لأنهم ليسوا على إيمان، لكن لما ظهرت بادرة الدعوة إلى الإسلام والتضامن الإسلامي، ماذا حصل؟
حاولوا بكل ما يستطيعون أن يقضوا على هذا، ليس من الدول الكافرة بل حتى من الدول التي تزعم أنها مسلمة وهي عربية، وصاروا يقولون: إن هذه دعوة رجعية إلى آخره.
وأخيراً قُضي على من قام بها وبالدعوة إليها، فالحاصل: أنا الآن إذا أردنا أن نرجع إلى العزة والكرامة والنصر فلا يكون ذلك إلا بالإيمان.
وقد يقول قائل: كيف ننتصر بالإيمان على القنابل الذرية والهيدروجينية؟
الطالب: بالله...
الشيخ : نقول: إذا أخذنا بالقوة المعنوية فإن توفرت لنا القوة المادية وإلا جاءت القوة الإلهية، فنحن مثلاً من جملة الإيمان أن نستعد، لكن إذا عجزنا عن الاستعداد جاء دور النصر الإلهي، فيبطل ما عليه هؤلاء الأعداء من القوة، والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير، التغيرات الجوية تؤثر في أسلحتهم هذه وإلا لا؟. الصواعق تدمرها، الخسف يذهب بها وبأهلها. وكل هذا بيد الله عز وجل، وقد حدّثني إنسان في العام الماضي ذهب إلى أفغانستان للقتال معهم وهو شاب متخرج من أمريكا، لكنه أصر -وأظن قد قصصت عليكم قصته- إلا أن يجاهد، وقال: ما يمكن أن أموت بدون جهاد، ولزّم على أمه وأبيه وجعلوا الحكم إلى الله سبحانه وتعالى ثم إليّ أحكم بينهم، هم يقولون: لا تروح وهو يقول: لا. أبغي أروح، يقولون: لا تذهب ما حجيت حجة الفريضة، وهو يقول: لا. أروح وألتزم لكم أني أرجع وأحج.
المهم بعدما أفطر رمضان العام الماضي راح، شاهد الإيمان يقول: مع قلّة العدّة التي عندهم حتى يقول: الأدوية ما عندهم أدوية إلا الأدوية قديمة فاسدة، تبيع عليهم هذه الشركات وتغشهم.
لكن يقول: شاهدت بعيني .... وفي المسجد للجمعة يجتمعون فيه، يقول: الروس يحرصون يوم الجمعة على أنهم يأتون إلى هذا المسجد ليدمّروه، يقول: هم يجعلون على المناطق ناس يحرسون المسجد وما حوله.
فجاءت يقول: القنابل وضربت على الأرض على المسجد يريدون المسجد، لكن يقول: كلها ما تضرب المسجد، وتضرب اللي حوله ولا تثور سبحان الله العظيم!
يقول: ما ثارت إلا واحدة فقط ثارت على أحد الجنود وقتلته، والباقي يقول: أبت. يعني: يخرجون ما كأن شيءٍ أبد، وهذه من آيات الله سبحانه وتعالى.
فالحاصل نقول: إن النصر يجب أن نعرف أنه لا يعتمد على القوة المادية فقط، هناك وراءها شيء.
ولهذا يقول الله عز وجل: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ))[الحج:40 - 41] أربعة آلاف، قد يقول قائل: ومالنا وللنصر مع هذه الصفات عند القنابل وغيرها، لكن ختم الآية بقوله: (( وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] ما هي بالأمور الحسية، العاقبة لله عز وجل فهو سبحانه وتعالى يدير الأيام على من عصى وخالف.
الطالب: ...؟
الشيخ : نعم صحيح، فلربما يكون هذا.
على كل حال لا تستبعد، لكن نحن نستبعد النصر بسبب أعمالنا في الحقيقة، ما عندنا رصيد يخوّل لنا أن ننتصر.
إذاً: (( وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ))[النمل:2] بالجنة كما قال المؤلف أو بما هو أعم؟
الطالب: بما هو أعم.
الشيخ : ما هو الدليل؟
الطالب: لقوله تعالى في سورة الصف.
الشيخ : في سورة الصف (( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ ... ))[الصف:11 - 12].
ثم قال: (( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )) ثم قال: (( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))[الصف:13].