تتمة تفسير قوله تعالى : << إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم >> حفظ
(( إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ))[النمل:11] ليذكّره بما من به عليه من التوبة.
(( إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ))[النمل:11].
بدّل المؤلف فسّرها بقوله:" أتى حسناً" لأن ظاهره في الحقيقة ما يستقيم به المعنى بدّل حسناً بسوء، أين المأخوذ؟ .... لكن أنا أقول يعني: بدّل حسناً بسوء، لأن بدّل تدل على أن هناك بدلٌ ومبدلٌ منه، فإذا قلت: بدّل حسناً بماذا؟
الطالب: بسوء.
الشيخ : بسوء. يصير الحُسن مدفوع، والسوء مأخوذ . بدّلت ثوبي بثوبك، أين المأخوذ؟
الطالب: الأخير.
الشيخ : الأخير،كذا وإلا لا؟ فهنا بدّل حسناً لو أخذنا بظاهرها معناه: أنه ترك حسناً وأخذ سوءاً.
ولهذا فسّر المؤلف قوله: بدّل بأتى، والدليل على ذلك: أنه لو كان المراد بالتبديل ظاهراً معناه. ما صحّ أن يُعبَّر بقوله: بعد سوء، لو كان كذلك لقال: بدّل حسناً بسوء، ما قال بعد، فلما قال: بعد سوءٍ عُلم أن بدّل هنا بمعنى استبدل، واستبدل بمعنى أخذ.
(( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ))[البقرة:61] وأخذ مثلما قال بمعنى ....
والمعنى من الآية الكريمة: أن من أتى حسناً بعد سوءٍ ...
الطالب: ... من شرط جازم؟
الشيخ : نعم اسم شرط جازم، وليست اسماً موصولاً مستثنى، لأن الاستثناء هنا منقطع.
(( مَنْ ظَلَمَ ))[النمل:11] ظلم فعل الشرط، وجملة: (( فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ))[النمل:11] جواب الشرط.
أقول: لو قال قائل: ما وجه ارتباط الجواب بالشرط؟
الطالب: أن الظلم وتبديل الظلم بالحسنى يناسب .... العقل من ... قد يستحق الغفران والرحمة.
الشيخ : نعم. الجواب على هذا أن نقول: لما ذكر الله سبحانه وتعالى هذين الاثنين: فإني غفور رحيم، فإنه يريد مقتضاهما. فمقتضى المغفرة: أن يغفر لهذا الذي ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء.
ومقتضى الرحمة أيضاً: أن يرحمه. ونظير هذا قوله تعالى في المحاربين: (( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))[المائدة:34] يعني معناه: يسقط عنه الحد، لأن هذا مقتضى المغفرة والرحمة، فهنا مقتضى المغفرة والرحمة: أن من بدل حسناً بعد سوء فإن الله تبارك وتعالى يغفر له ويرحمه.
طيب. يشمل الرسل وغير الرسل؟ نعم. يشمل الرسل وغير الرسل. يشمل الرسل وغيرهم.
ومن ثمَّ حسن أن يقول المؤلف ونقول معه أيضاً: أن (إلا) هنا الاستثناء منقطع، لأنه يشمل الرسل وغير الرسل.
أما فوائد هذه الآيات فهي عليكم إن شاء الله في الدرس القادم، ولا تقولوا أننا ما أخذنا الفوائد من قبل، كل الذي فات أخذنا فوائده، هذا إن شاء الله غداً....لا لا...
الطالب: (( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ))