فوائد قوله تعالى : << وجحدوا بها واسيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين >> حفظ
بسم الله الرحمن الرحيم
الطالب: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ))
الشيخ : قال الله تعالى: (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] وقبل أن نتكلم
الطالب: ...
الشيخ : ...تأكيد (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ )) نأخذ الفوائد...:
يستفاد من هذه الآية (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] يستفاد منها فوائد:
أولاً: أنه على قوة الآيات التي جاء بها موسى لم يستفد منها هؤلاء، يؤخذ من قوله: (( وَجَحَدُوا بِهَا )) والآيات إذا قويت ما يبقى مجال للجهل، ولكن والعياذ بالله أعمى الله بصائرهم فجحدوا بها.
ويستفاد من ذلك: أن جحد هؤلاء المكذبين كان عن عنادٍ لا عن شبهة، لقوله: (( وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )).
وهل هذا وقع لكفار قريش مع النبي عليه الصلاة والسلام؟
الطالب: وقع منهم ....
الشيخ : نعم وقع لقوله تعالى: (( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ))[الأنعام:33]ولا شك أن هذا واقعٌ من الرؤساء والزعماء، لكن عامة الناس قد لا يكون لديهم هذا الأمر وإنما هم إمّعة مقلدون، أما الزعماء والكبراء فلا شك في هذا.
وفي هذا دليل على سوء أحوال آل فرعون لقوله: (( ظُلْمًا وَعُلُوًّا )) ظلماً لأنفسهم ولموسى، وعلواً: ترفّعاً عن الحق.
وفي هذا دليل على أن الاتصاف بهذين الوصفين يجعل الإنسان من الأمة الفرعونية، وهما: الظلم والعلو.
وما من صفة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن ناساً يركبوا سنن من كان قبلهم.
فالجحد بالحق إن كان فيه إمام مثل فرعون وقومه، الحسد إن كان فيه إمام مثل اليهود، الرياء للإنسان فيه إمام كالمنافقين.. وهكذا، بل إنه منهم المنافقين.فما من خصلة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر.
وفي هذا دليلٌ على ذم الترفّع عن الحق، لقوله: (( وَعُلُوًّا )) ولا فرق بين أن يكون ذلك عن حسن نيّة أو لا، فالطريقة هذه مذمومة ولو عن حُسن نية، وقولنا: ولو عن حسن نية ليدخل في ذلك بعض المقلّدين الذين إذا عُرض عليهم الدليل من الكتاب والسنة قالوا: نحن نتبع فلان لأنه أعلم منكم، هذا عن حُسن نيّة فيما يبدو.
وجه حسن النيّة، لأنهم يرون أن هذا الإمام الذي اتّبعوه أعلم منك ويقولون: نحن جهّال ولا نعرف، وليس لنا إلا أن نقلّد والرجل هذا أعلم منك.
الطالب: ...لا عن تعصب ...فهذا لما عرض عليه امر الرسول يقبل
الشيخ : ويستفاد من هذه الآية: أنه إذا كان هذا الوصف مذموماً وفرعونياً فإن عكسه محمود، ما هو العكس؟
الطالب: التواضع.
الشيخ : التواضع للحق وقبوله، هذا لا شك أنه ممدوح، لأن الله تعالى إذا أثنى بالسوء على وصف فإن ضدّه يثنى عليه بالحسن.
وفي الآية أيضاً دليل على أنه ينبغي للإنسان أو يجب أن يتفكّر ويتأمل في عواقب من سبق، لقوله: (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] وهل الإنسان ينظر في عواقب المفسدين أو في عواقب المفسدين والمصلحين؟
الطالب: الاثنين.
الشيخ : طيب. اذن ما الحكمة من التخصيص هنا (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]؟
لأن المقام مقام تحذير، وإذا كان المقام مقام ترغيب فإننا نقول للإنسان: انظر كيف كان عاقبة المصلحين (( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ))[هود:116].
فالمسألة تختلف في مقام الترهيب نحيل الإنسان على عواقب المفسدين، وفي مقام الترغيب نحيله على عواقب المصلحين، لأجل أن يحذر من أولئك ويرغب بهؤلاء.
وفيها دليل على فضيلة التأمل والتفكُّر في أخبار من مضى، وأن دراسة علم التاريخ من الأشياء التي جاء بها الشرع، فإننا لا يمكن أن ننظر كيف كان عاقبتهم إلا بدراسة أفكارهم وأفكار رؤيتهم. فعلم التاريخ إذاً من الأمور المقصودة، لكن هل هو من الأمور المقصودة ذاتياً أو عرضياً؟
الطالب: عرضياً.
الشيخ : عرضياً إلا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين فإنها من الدين، لأنها كلها أحكام، بخلاف النظر في التاريخ لأجل الاعتبار فقط، فلكل مقام مقال، لأن النظر في التاريخ لالاعتبار فقط قد يعتبر الإنسان بغيره فيستغني عنه، لكن النظر في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فإنها أحكام فقه، هذا مقصودٌ لذاته ما يستغني الإنسان بغيرها عنها (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]
الطالب: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ))
الشيخ : قال الله تعالى: (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] وقبل أن نتكلم
الطالب: ...
الشيخ : ...تأكيد (( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ )) نأخذ الفوائد...:
يستفاد من هذه الآية (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] يستفاد منها فوائد:
أولاً: أنه على قوة الآيات التي جاء بها موسى لم يستفد منها هؤلاء، يؤخذ من قوله: (( وَجَحَدُوا بِهَا )) والآيات إذا قويت ما يبقى مجال للجهل، ولكن والعياذ بالله أعمى الله بصائرهم فجحدوا بها.
ويستفاد من ذلك: أن جحد هؤلاء المكذبين كان عن عنادٍ لا عن شبهة، لقوله: (( وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )).
وهل هذا وقع لكفار قريش مع النبي عليه الصلاة والسلام؟
الطالب: وقع منهم ....
الشيخ : نعم وقع لقوله تعالى: (( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ))[الأنعام:33]ولا شك أن هذا واقعٌ من الرؤساء والزعماء، لكن عامة الناس قد لا يكون لديهم هذا الأمر وإنما هم إمّعة مقلدون، أما الزعماء والكبراء فلا شك في هذا.
وفي هذا دليل على سوء أحوال آل فرعون لقوله: (( ظُلْمًا وَعُلُوًّا )) ظلماً لأنفسهم ولموسى، وعلواً: ترفّعاً عن الحق.
وفي هذا دليل على أن الاتصاف بهذين الوصفين يجعل الإنسان من الأمة الفرعونية، وهما: الظلم والعلو.
وما من صفة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن ناساً يركبوا سنن من كان قبلهم.
فالجحد بالحق إن كان فيه إمام مثل فرعون وقومه، الحسد إن كان فيه إمام مثل اليهود، الرياء للإنسان فيه إمام كالمنافقين.. وهكذا، بل إنه منهم المنافقين.فما من خصلة يخرج بها العبد عن سواء السبيل إلا وله فيها إمامٌ من أهل الكفر.
وفي هذا دليلٌ على ذم الترفّع عن الحق، لقوله: (( وَعُلُوًّا )) ولا فرق بين أن يكون ذلك عن حسن نيّة أو لا، فالطريقة هذه مذمومة ولو عن حُسن نية، وقولنا: ولو عن حسن نية ليدخل في ذلك بعض المقلّدين الذين إذا عُرض عليهم الدليل من الكتاب والسنة قالوا: نحن نتبع فلان لأنه أعلم منكم، هذا عن حُسن نيّة فيما يبدو.
وجه حسن النيّة، لأنهم يرون أن هذا الإمام الذي اتّبعوه أعلم منك ويقولون: نحن جهّال ولا نعرف، وليس لنا إلا أن نقلّد والرجل هذا أعلم منك.
الطالب: ...لا عن تعصب ...فهذا لما عرض عليه امر الرسول يقبل
الشيخ : ويستفاد من هذه الآية: أنه إذا كان هذا الوصف مذموماً وفرعونياً فإن عكسه محمود، ما هو العكس؟
الطالب: التواضع.
الشيخ : التواضع للحق وقبوله، هذا لا شك أنه ممدوح، لأن الله تعالى إذا أثنى بالسوء على وصف فإن ضدّه يثنى عليه بالحسن.
وفي الآية أيضاً دليل على أنه ينبغي للإنسان أو يجب أن يتفكّر ويتأمل في عواقب من سبق، لقوله: (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14] وهل الإنسان ينظر في عواقب المفسدين أو في عواقب المفسدين والمصلحين؟
الطالب: الاثنين.
الشيخ : طيب. اذن ما الحكمة من التخصيص هنا (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]؟
لأن المقام مقام تحذير، وإذا كان المقام مقام ترغيب فإننا نقول للإنسان: انظر كيف كان عاقبة المصلحين (( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ))[هود:116].
فالمسألة تختلف في مقام الترهيب نحيل الإنسان على عواقب المفسدين، وفي مقام الترغيب نحيله على عواقب المصلحين، لأجل أن يحذر من أولئك ويرغب بهؤلاء.
وفيها دليل على فضيلة التأمل والتفكُّر في أخبار من مضى، وأن دراسة علم التاريخ من الأشياء التي جاء بها الشرع، فإننا لا يمكن أن ننظر كيف كان عاقبتهم إلا بدراسة أفكارهم وأفكار رؤيتهم. فعلم التاريخ إذاً من الأمور المقصودة، لكن هل هو من الأمور المقصودة ذاتياً أو عرضياً؟
الطالب: عرضياً.
الشيخ : عرضياً إلا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين فإنها من الدين، لأنها كلها أحكام، بخلاف النظر في التاريخ لأجل الاعتبار فقط، فلكل مقام مقال، لأن النظر في التاريخ لالاعتبار فقط قد يعتبر الإنسان بغيره فيستغني عنه، لكن النظر في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فإنها أحكام فقه، هذا مقصودٌ لذاته ما يستغني الإنسان بغيرها عنها (( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))[النمل:14]