قال الله تعالى : << وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس و الطير فهم يوزعون >> حفظ
قال الله تعالى: (( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ))[النمل:17].
سليمان عليه الصلاة والسلام آتاه الله تبارك وتعالى ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، حتى الرسول عليه الصلاة والسلام لما همّ أن يقبض على الشيطان قال: ذكرت قول أخي سليمان: (( وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ))[ص:35]. من جملة ملكه هذا التنظيم العظيم.حُشر: جُمع، ومن الجامع؟
الطالب: الله.
الشيخ : لا. الجامع غير الله، الله على كل شيءٍ قدير، لكن الجامع النقباء والعرفاء الذين جعلهم يجمعون هؤلاء الجنود، فهو قد نظّم ملكه غاية التنظيم، وجعل لكل أناسٍ قادة وعرفاء، فهو يجمعونه.
(( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ))[النمل:17] الجن والإنس والطير، وغيرهم؟ الجن واضح، والإنس مكلفون، والطير غير مكلفين لكنها تطير. بقينا بالحيوانات الأخرى الماشية والزاحفة هل تدخل في هذا من باب أولى ونقول: إنه إذا حُشرت الطيور التي لا يمكن أن يسيطر عليها فغيرها من باب أولى؟
أو نقول: إن سليمان عليه الصلاة والسلام ما كان يستعمل إلا الطيور فقط، لأنه يستخدمها لمصالحه.
الطالب: (( عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ))[النمل:16] .....
الشيخ : لا. من كل شيء ما هو دليل على عموم هذا. يعني: إن جعلنا مِنْ للتبعيض وليست للعموم، وإن جعلنا من كل شيءٍ يثبت به الملك ويقوى به، ما هو لازم مثل هذا الشيء. فهي محل إشكال عندنا، فالآن نقول: سكت عن بقية الحيوانات، فهل هي داخلة في جنوده أو لا؟
الطالب: ظاهر.... الآية.
الشيخ : قد تقول: إنها داخلة من باب الأولى، وقد تقول: ليست بداخلة. ما وجه قولنا: من باب الأولى أن نقول: إذا كان الطير وهو لا يمكن السيطرة عليه بطيرانه يُحشر ويُجمع، فغيره من باب أولى. وإلا لا؟
وقد تقول: إنه ليس بلازم، لأنه يمكن أن سليمان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يستخدم من الحيوانات سوى الطير، وإذا لم يستخدم سواها فلا حاجة له بأن يجمع الباقي.
(( وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ))[النمل:17] فهذ ايضا ..فهم يوزعون يقول المؤلف: يُجمعون ثم يساقون، وهذا أيضاً من التنظيم. (( فَهُمْ يُوزَعُونَ )) يعني: يساقون. يعني: منظّمين في جمعهم وسيرهم، يُجمعون أولاً وبعد أن يُجمعوا يوزعون، فيساقون على وجهٍ منظّم.
وهذا لا شك أنه من التنظيم الذي يحفظ على الناس الوقت والعمل، لأن أكثر ما يضيّع الإنسان يضيّع وقته وعمله هو عدم التنظيم.
ولهذا أقول: إنه ينبغي لنا أن يكون عندنا تنظيم لأعمالنا اليومية.. التنظيم لأعمالنا اليومية بقدر المستطاع، ولكن ليس معنى ذلك أن نصر على هذه الأعمال وإن وجد ما هو أفضل لا، إنما فقط أكون إنسان مرتّب منظّم، ما يخلي وقته فوضى حيناً يقرأ في كتاب و.... ويقرأ للحق .... يقرأ الثاني .... لا، أو يعمل هذا العمل يبدأ به ثم يتركه.
لكن ينبغي أن يكون عنده تنظيم، ومن المستحسن أن كلما كان الشيء أهم يبدأ به أولاً، كان بعض الناس يقولون: إنه من جملة تنظيمهم يجعل قراءة الجرائد والصحف إذا تغدى مثلاً، ما يجعل قراءة الكتب الهامة التي تحتاج إلى تعب بعد الغداء، لأن قراءة الصحف قراءة سطحية مثل التحدث العادي، ما يجد تعب ولا شيء.
لكن الكتب والتعمُّق يحتاج إلى عمل، وهذا لا يناسب مع وجود الشبع ...