قال الله تعالى : << قالت يآأيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم >> حفظ
ثم قالت لأشراف قومها: (( يَا أَيُّهَا المَلَأُ ))[النمل:29] والملأ كما بين المؤلف: هم الأشراف، وهنا نادتهم: يا أيها الملأ، إشارة إلى علو مرتبتهم في دولتها، لأن ( يا أيها ) ما تكون إلا للبعيد، ما قالت: يا ملأ، بل قالت: (( يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي ))[النمل:29] بتحقيق الهمزتين الملأ إني، وتسهيل الثانية بقلبها واواً، (( المَلَأُ إِنِّي ))[النمل:29] ، (( المَلَأُ إِنِّي ))[النمل:29]. نعم. وقلبها واواً مكسورة، لأنه إذا جاءت الهمزة بعد الضم جاز أن تقلب واواً، قاعدة في اللغة العربية. ومنه قول كثير من المؤذنين: الله وكبر، لأنه يجوز: الله أكبر، ويجوز: الله وكبر، فالهمزة إذا وقعت بعد ضم يجوز أن تسهل إلى واو، وعلى حسب الحال: إن كان يقتضي الكسرة كُسرت، أو يقتضي الضم ضُمت، أو الفتح.
قال: "بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بقلبها واواً مكسورة، (( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ))[النمل:29] مختوم" يعني: فسر الكريم بالمختوم، يعني: لأن ختمه دليل على أهميته، فالكتب والرسائل المختومة يعتنى بها، وحتى الآن إذا كان الشيء مهماً تجده يُختم بالشمع وما أشبه ذلك لئلا يزور، ولكن تفسير الكريم بالمختوم ما هو صحيح، لأن الختم دليل على كرمه، وليس هو معنى كرمه، فالكريم معناه: المتضمن للمعاني العظيمة المؤثرة.
وفي قولها: (( إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ ))[النمل:29] ما قالت: ألقى الهدهد، لأن الظاهر أنه مر هكذا ثم حذفه عليها، ثم حذفه، وليس معناه: أنه جاء ووقف بين يديها وأعطاها الكتاب، وهذا ربما يكون أبلغ في الهيبة أنه يعطيها وهو ماض، بخلاف ما لو وقع بين يديها فإنه لا يكون هيبة، على أنه لو وقع بين يديها فمقتضى كونه هدهداً أن تمسكه، ولكنه ألقاه إلقاءً.